الدكتور كمال بوزيدي:القضية مبالغ فيها ولا ترقى إلى مستوى التفكير في إلغاء مناسك الحج جاء التحذير الأخير لخبراء من منظمة الصحة العالمية، بخطر انتقال عدوى ''أنفلونزا الخنازير'' عبر ملايين الحجاج، ليضع المشرفين على بعثات الحج في الدول الإسلامية بمن فيها الجزائر أمام خيار إعلان حالة الطوارئ القصوى، لمتابعة الأوضاع بدقة ورصد آخر التطورات المتعلقة بانتشار هذا الفيروس القاتل وازدياد درجة خطورة انتقاله بين البشر، خاصة وأن تقارير منظمة الصحة العالمية أبدت قلقها الشديد من أن تجمعا كبيرا بهذا الحجم يزيد من مخاوف انتشار العدوى بين الحجيج وتحولها إلى وباء يحصد أرواح عدد هائل من الضحايا، الأمر الذي دفع بها إلى دعوة السعودية لوقف مناسك الحج الخاصة بهذا الموسم. في حال تم اكتشاف حالات متفرقة للفيروس. واستشعارا لهذا الخطر المحيط بأكثر من 35 ألف حاج جزائري، أخذت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف هذا الأمر على محمل الجد، وقامت بإرسال لجنة خاصة إلى المملكة العربية السعودية عادت قبل أسبوع، أشرفت على مناقشة التحضيرات الخاصة بعمليات الحج والعمرة للعام 1430 هجرية. كما طرحت على طاولة المباحثات مع الجانب السعودية الخطر القائم الذي قد يشكله ''فيروس أنفلونزا الخنازير'' على سير المناسك في المشاعر المقدسة التي تستقبل رسميا كل سنة أكثر من مليوني ونصف المليون حاج سنويا يأتونها من شتى بقاع العالم، سيما وأن جميع الدراسات الطبية المجراة إلى حد الآن تقول إن هذا الفيروس المصطلح عليه علميا بوباء 1خ1ب/ء سوف يصل إلى أشد درجات الفتك والشراسة بحلول الخريف القادم، لأنه منئالمعروف مخبريا أن الفيروس يكون ضعيفاً خلال فصل الربيع وكامناً في الصيف. وأكثر ضراوة في فترة الخريف، الذي سيتصادف دخوله مع أواخر شهر رمضان الذي يعرف كما جرت العادة إقبالا كبيرا للناس على أداء العمرة في هذا الوقت تحديدا، ليعقبه مباشرة دخول موسم الحج، الذي يشهد أعلى فترات الازدحام والاختلاط بين الأجناس المختلفة، وهو ما يرفع نسبة احتمال انتشار الأنفلونزا المعدية في صفوف حجاج بيت الله الحرام. من جهته، أكد عدة فلاحي المكلف بالإعلام في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، أن مصالح وزارة غلام الله تتعامل بجدية مع المسألة، لكنه نفى بالمقابل وجود أية تدابير أو إجراءات استثنائية باشرتها الوزارة بهذا الخصوص، مجيبا عن سؤال حول خطوات عمل الوزارة في حال تأكد جدية الموضوع بالقول، ''في الحقيقة هذا أمر سابق لأوانه وموسم الحج تفصلنا عليه أكثر من سبعة أشهر كاملة. قد تكون كافية لإيجاد دواء لهذا الوباء''، مضيفا ''في حال تطورت الأوضاع إلى الأسوأ وتحقق وجود هذا الخطر فحينئذ سيكون من صلاحيات الدولة الجزائرية النظر في المسألة''. أما الدكتور كمال بوزيدي، المحاضر في جامعة أصول الدين، فقد هوّن من الأمر واعتبر أن القضية مبالغ فيها ولا ترقى بتاتا إلى مستوى التفكير في إلغاء مناسك الحج إلى بيت الله الحرام، مشيرا ''هناك مبالغة كبيرة لا مبرر لها، أولا مستوى انتشار الفيروس بين البشر بطيء جدا كما أن هناك طرق علمية كثيرة وناجعة لمحاصرة الفيروس ومنعه من الدخول إلى البقاع المقدسة بواسطة الحجاج، وذلك عن طريق إجراء التحاليل اللازمة على مستوى جميع المطارات الدولية''، وشدد بوزيدي على رفض الأصوات المنادية إلى تعطيل موسم الحج والعمرة. مبرزا أن ذلك لم يحصل أبدا على مدار التاريخ الإسلامي، مكتفيا بالقول ''لا يمكن إطلاقا تعميم هذا الحكم على جميع الدول الإسلامية، وإنما قد تخص به بعض الدول التي قد يثبت انتشار الوباء على أراضيها، لذلك فالحكم هنا خاص يقاس بحسب الدول ودرجة الخطورة والضرر''. تجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة المصري، الدكتور حاتم الجبلي، كان قد أصدر تحذيرا شديد اللهجة من خطر انتشار الفيروس بين الحجاج والمعتمرين المصريين عند عودتهم من الأراضي المقدسة، ووجه نداء صريحا لشيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية، وسائر الدعاة والعلماء أن يجتمعوا فورا. ويصدروا الفتاوى التي تمنع الذهاب إلي العمرة والحج في حالة انتشار المرض، لأن الذي يذهب لا يأتي بالموت لنفسه فقط، وإنما ينقله لغيره من آلاف المصريين.