حملات الترهيب والتخوين مستمرّة في سوريا، بل راحت تأخذ منحى خطيراً هذه المرة، مهدِّدة بإفراغ البلد من فنانيه وممثليه، الذين باتوا عرضة لشتى أنواع التهديدات: بينما كان العشرات من الإعلاميين والفنانين السوريين ينسّقون من أجل استقبال جمال سليمان في مطار دمشق الدولي أمس الأحد عائداً من قطر، حيث شارك في «مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي»، تلقت «الأخبار» اتصالاً هاتفياً من الفنان السوري يقول فيه: «لن أعود إلى سوريا... غيّرت وجهتي نحو مصر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً». ولدى استفسارنا عن خلفية قراره، أجاب: «لن أعود إلى سوريا حتى أشعر بأنني مواطن سوري محمي في بلده، وليس مهدداً، أو حتى تبدي الجهات المعنية حسن نيتها من خلال سلوك يوضح أنّها ضد حالة التهديد والترهيب التي مورست ضدي. ويتمثّل ذلك على الأقل في إقفال الموقع الإلكتروني السيئ الذكر الذي نشر شائعة توجيهي تحية إلى قناة «الجزيرة»». وأضاف سليمان إنّه سيعدّ بياناً صحافياً حالما يصل إلى مصر ليرسله إلى كلّ الوسائل الإعلامية لإيضاح موقفه على نحو دقيق من هذه القضية. وكان موقع «جهينة نيوز» قد نشر خبراً كاذباً عن توجيه النجم السوري (1959) تحيةً باسم الفنانين السوريين إلى قناة «الجزيرة» لتغطيتها «المشرّفة» للاحتجاجات الشعبية في سوريا، على هامش مشاركته في المهرجان القطري (الأخبار عدد 29/10/2011). وشنّ الموقع حملة على الفنان ضمن تقرير حمل عنوان «جمال سليمان يبرئ قناة «الجزيرة» من دماء السوريين!» (27/10/2011) متسائلاً: «هل تستدعي إغراءات الخليج وأمواله أن يبيع الإنسان وطنه ويفرط بكرامة شعبه؟». وحالما تسرب خبر توجّه بطل «حدائق الشيطان» إلى مصر، أطلق بعض الصحافيين المصريين ترحيباً علنياً بالنجم السوري، وجهد بعضهم لمعرفة ساعة وصوله إلى مطار القاهرة لاستقباله على نحو لائق واستثنائي، تعبيراً عن دعمهم لصاحب «قصة حب»، ووقوفهم إلى جانبه. ومن المعروف أن النجم السوري يتمتع بجماهيرية كبيرة في هوليوود الشرق. هكذا، قرر النجم السوري العودة إلى أرض الكنانة والإقامة هناك مبدئياً، بعد تلقيه تهديداً واضحاً بالقتل في حال عودته إلى سوريا. وكان سليمان قد وقّع عقد مسلسله الجديد «سيدنا السيد» مع شركة «العدل غروب». وفي الغالب، سيتفرغ لهذا المشروع في الموسم الحالي إلى أن تنتهي المشكلة التي وقع فيها. من جهة ثانية، ورغم تكذيب سليمان للخبر الذي نشره «جهينة نيوز» (ترأس تحريره فاديا جبريل)، إلا أن القائمين على الموقع لم يكلّفوا أنفسهم عناء نشر أي اعتذار، أو مجرد تكذيب الخبر، بل زادت حملات التخوين التي بدت كأنها تصفية حساب شخصية بين إدارة الموقع مع الفنان السوري. وحتى الآن، ما زالت تنشر مئات التعليقات المسيئة التي تحتوي على شتائم وكلمات نابية واتهامات بالخيانة في حقّ الممثل المعروف. بينما تداولت مواقع أخرى وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً فايسبوك صورة تصدّرتها إشارة X كنوع من الدلالة على ترحيب أصحابها ببقاء النجم السوري خارج البلاد، لكنّ الردّ جاء سريعاً من معجبي الفنان السوري، الذين تزايدوا على نحو ملحوظ في الأيام الأخيرة، وخصوصاً على الصفحة التي أسّستها له الصحافيّة المصريّة رحاب محسن. وتضم هذه الصفحة ما يزيد على مئة ألف معجب، بينما انتشرت عشرات الصفحات الأخرى التي هدفت إلى دعم الفنان السوري، واضعةً صورةً كبيرة له ملفّحاً فيها بالكوفية الفلسطينية، ومطالبة بالانضمام إلى الصفحة لدعم الممثل الذي كان له حضور فعال في الأزمة السورية. علماً أنّه أطلق مع حميه الوزير السابق محمد سلمان والمعارض ميشيل كيلو وعدد من الشخصيات السورية المرموقة مبادرة وطنية سجّلت شبه إجماع على أهميتها. إذاً سفير الدراما السورية إلى العالم العربي خارج بلاده مبدئياً، بسبب شائعة كاذبة تحولت إلى حملة مؤذية، والنتيجة خسارة فادحة بحق الصناعة السورية الأكثر رواجاً.