ظهرت أولى حلقات صراع متوقع بين الإسلاميين والعسكر في مصر بشأن تشكيل الجمعية التي ستكتب الدستور الجديد للبلاد، بعد أن احتج ”الإخوان المسلمون” على إعلان المجلس العسكري في مصر تشكيل مجلس استشاري من 30 عضوا ستكون أولى مهامه وضع مشروع قانون لتشكيل ”جمعية تأسيسية” تتولى إعداد دستور جديد للبلاد، متجاهلا إعلان الجماعة رفضها قيام أي ”كيان غير منتخب” بالتدخل في وضع الدستور· وكشف لواء بارز في المجلس العسكري أن البرلمان لن يكون له القول الفصل في إعداد المسودة الأولى للدستور المصري· ونقلت صحف بريطانية وأمريكية عن اللواء مختار الملا العضو البارز في المجلس العسكري، قوله إن مجلس الشعب القادم لن يكون ممثلا لكل قطاعات الشعب المصري، وأن من تم تعيينهم لوضع مسودة الدستور يجب أن يحصلوا على موافقة حكومة الإنقاذ الوطني ومجلس المستشارين الذي يضم مفكرين وسياسيين وشخصيات إعلامية، ويسيطر المجلس العسكري على شكل القرار في كليهما، مضيفا ”مهما كانت الغالبية فإننا نرحب بها، لكنها لن تكون بقادرة على فرض شيء لا يريده الشعب”· وقرر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الانسحاب من المجلس الاستشاري، بعد تصريحات لمسؤول في المجلس العسكري مفادها أن المجلس الاستشاري سيكون له دور حاسم في رسم معالم الدستور المقبل· وأعلن الموقع الرسمي لحزب الحرية والعدالة أنه ”اعتذر عن عدم المشاركة في المجلس الاستشاري، وقرر سحب ممثليْه في المجلس”، وهما رئيسه محمد مرسي والأمين العام المساعد للحزب أسامة ياسين· وأكد القيادي في الحزب محمد البلتاجي أن ”أي محاولة لتهميش البرلمان أو لتقليص صلاحياته لصالح أي كيان آخر غير منتخب نعتبرها التفافا على الإرادة الشعبية ومحاولة للوصاية عليها”·
ومما زاد من مخاوف الإخوان المسلمين تأكيد اللواء الملا صراحة أن المجلس الجديد هو محاولة للحد من نفوذ السلفيين، إذ قال اللواء الملا ردا على سؤال عما إذا كان المجلس الجديد هو محاولة للحد من نفوذ السلفيين الذين يريدون ”فرض” الشريعة الإسلامية في مصر، ”بالتأكيد··، والشعب المصري لن يسمح لهذا أن يحدث”· وتأتي بوادر المواجهة بين الجيش والإخوان المسلمين فيما تمخضت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب عن تقدم لافت للقوى الإسلامية ممثلة في حزب الحرية والعدالة الذي حصل على أكثر من 40 بالمائة من أصوات الناخبين، وضمن ما يقارب ثمانين مقعدا في هذه المرحلة التي شملت تسع محافظات، كما حقق حزب النور السلفي نتائج متقدمة وحل ثانيا بعد الحرية والعدالة بنسبة تقترب من 20 بالمائة من المقاعد· ومن المفترض، وفق الإعلان الدستوري الصادر في الثلاثين مارس الماضي، أن يعهد إلى مجلس الشعب الذي سيتشكل بعد الانتخابات البرلمانية بمهمة تشكيل جمعية تأسيسية من مائة عضو لكتابة دستور جديد للبلاد·
تأثير العسكر
من ناحية أخرى، يقول محللون إن المجلس الاستشاري من الممكن أن يتحول إلى وسيلة جديدة لاستمرار تأثير المؤسسة العسكرية على البرلمان، بعد تخليها عن السلطة بعد الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في جوان القادم· كما نقلت وكالة ”رويترز” عن مصدر مطلع قوله إنه سيتم تمديد تفويض هذا المجلس الاستشاري في حالة نجاحه عندما يسلم المجلس العسكري السلطة بشكل كامل إلى رئيس منتخب في ,2012 مضيفا ”إذا نجح هذا المجلس في حل المشكلات الوطنية فمن الممكن أن يتطور إلى لجنة للأمن الوطني، ويبقى في موقعه حتى بعد انتخاب الرئيس”، موضحا أن شخصيات عسكرية قد تنضم إلى المجلس في وقت لاحق· ويضم المجلس 30 عضوا بينهم اثنان من المرشحين لرئاسة الجمهورية هما عمرو موسى وسليم العوا، إضافة إلى العديد من أساتذة الجامعات وممثلي بعض الأحزاب السياسية، من بينهم مؤسس حزب المصريين الأحرار نجيب ساويرس· وقد اجتمع المجلس الاستشاري بالفعل مع الفريق سامي عنان رئيس الأركان لإجراء محادثات مبدئية بخصوص عدد من الموضوعات الرئيسية، ومن بينها المساعدات الاقتصادية التي سيتخذ القرار بشأنها بعد انعقاد البرلمان·
”السلفيون” يرفضون الديمقراطية
قال عضو الهيئة العليا لحزب النور الدكتور بسام الزرقا إن السلفيين يرفضون استخدام كلمة ”مدنية” استخداما مبهما، ويسعون إلى الاتفاق على مضمونها مع كافة التيارات الأخرى في الشارع المصري· وأوضح أن ما يتردد في الشارع المصري عن قفز السلفيين فجأة إلى الشارع المصري غير صحيح على الإطلاق، مؤكدا أن السلفيين اشتغلوا بالسياسة على مستوى الشارع أثناء نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ولكنهم رفضوا المشاركة فيما أسماه ”مسرحية الانتخابات”· وقال فقي حوار لقناة ”العربية” أمس، الزرقا إن ”المفهوم الحقيقي للسلفية يندرج في كل ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأقاموا عليه الدين والدولة، وبهذا المنطق يمكن القول إن كل المصريين سلفيون”· ومن جانبه، قال الكاتب المصري هاني نسيرة ”إن هناك تيارات مختلفة ومتنوعة داخل السلفية، وأن بعض حركات السلفية قررت عام 2009 المشاركة في الحياة السياسية”، مضيفا أن ”مواقع إلكترونية تعبر عن السلفيين أعلنت في التاسع فيفري الماضي خلال الثورة المصرية أنها مع الثورة ولكنها ضد الفوضى”، موضحا أن ”بعض السلفيين يرفضون الديمقراطية باعتبارها موقفا يُحكم الناس في شرع الله، من وجهة نظرهم”·