يرفع سكان عدة قرى ومداشر ببلدية الشرفة، ولاية عنابة، مطالب بالجملة، اعتبروها شرعية بالنظر إلى أهميتها في بلدية يقطنها 11 ألف نسمة، وفي مقدمتها التهيئة الحضرية الغائبة في أغلب أحياء المدينة، إلى جانب قدم شبكة الكهرباء والتي ترجع إلى فجر الاستقلال، ومع هذا وذاك تنتظر مئات العائلات المعوزة التفاتة المصالح المختصة لإنقاذها من معاناتها التي عمرت طويلا· الفيرمة، لعبيدي محمد وسلامي، قرى تضم أكثر من 300 عائلة، لاتزال عالقة بأعالي لعوافة تربط بين سكانها مرارة عيش، تصنعها عزلة خانقة، وصحة غائبة، وتعليم متذبذب، ومسلك بدائي محور كل تعاستهم· يقول سكان تلك القرى إن الأمل الوحيد الذي بقي لديهم، هو ألا يأملوا شيئا من منتخبي مجلس بلديتهم هذا، وبأنهم لم يعد بمقدورهم الاستماع إلى وعوده التي تفرخت خلال الحملات الانتخابية، دون نتيجة تذكر· السكان الذين بلغنا رفقتهم بمشقة تجمعاتهم السكنية على متن سيارة نفعية رباعية الدفع، وعلى مدى أكثر من ساعتين عبر مسافة لا تزيد عن 30 كلم، يلخص هذا الطريق كل معاناتهم· ولعل ما يشد انتباه أي عابر له تقاسم تلاميذ المدارس مع معلماتهم مسافات تتعدى الخمسة كيلومترات، بحثا عن وسيلة نقل إلى ديارهم بكل من قريتي الفيرمة ولعبيدي محمد على وجه الخصوص على الحدود الجبلية مع ولاية فالمة، حيث تعيش عشرات العائلات، عزلة تامة عن مقر البلدية· ”الناس هنا لا يحلمون بأكثر من إصلاح ستة كيلومترات من هذا المسلك الوعر الذي كان السبب مثلا في فقدان امرأة حامل لحياتها وهي تلد جنينها ميتا عبره في رمضان الماضي على متن سيارة نفعية، وأمام زوجها المعاق الذي لم تسمح له ظروفه المادية على غرار معظم سكان القرية بمتابعة صحية وطبية لزوجته لدى العيادات المختصة·· أكثر من 120 تلميذ أجبرتهم مشقته على التوقف عن الدراسة، وأزيد من 250 آخرين تفرقت بهم السبل لمواصلة تعليمهم، ولم يستفد بعضهم حتى من النظام الداخلي بالمتوسطات والثانويات الواقعة بعاصمة البلدية”، يقول أحد سكان قرية لعبيدي محمد بمرارة· الأغرب أنك وأنت تشاطرهم فترة من عذاب هذا الطريق، تشد انتباهك أنابيب بلاستيكية تنحدر من الأعالي نحو التجمعات القروية، يقول السكان إنها وسيلة لامتصاص مياه الشرب من برك تتجمع فيها سيول المطر· أما التغطية الصحية، فيكفي أن أهل المريض يناشدون الأطباء إعفاءهم من التداوي بواسطة الحقن ويفضلون بدلها الأقراص والسوائل العلاجية، لأن وضعية الطريق وغياب وسيلة النقل لا يسمحان بالتردد على العيادات لأخذ الحقن، ويتطلب ذلك تكاليف تتعدى 1500 دج لنقل مريض من تلك القرى إلى مدينة الشرفة مع غياب أية خدمة صحية جوارية· وينطبق ذلك على أطفال تلك التجمعات السكانية الذين، يقول السكان، إنه يندر أن تجد بينهم من أكمل رزنامة الأمصال واللقاحات، عدا تلك التي تعطى لهم بعد الولادة مباشرة بالنسبة لمن حظيوا بولادة على سرير المستشفى،أو من تدركهم وحدات الكشف والمتابعة في الوسط المدرسي·
وفيما يبقى الدعم الفلاحي والريفي كالقرض الرفيق من المستحيلات على هؤلاء السكان، فضلوا عدم الخوض لنا في حيثياته، منوهين بما يحدث لدى جيرانهم من قرويي ولاية فالمة الذين لا تفصلهم عنهم سوى مسافات قصيرة، تحولت في نظرهم إلى مسافات طويلة من حيث الفارق التنموي والمعيشي، ”وكأننا لسنا في البلد نفسه”، يوجز أحد سكان قرية سلامي بألم وتحسر·