يعتقد «البروفيسور» بومدين بوزيد في كتابه الجديد «الحركات الإسلامية.. من الفهم المغلق إلى أفق التجديد»، أنه يتوجب فتح نقاش عميق حول «الحركات الإسلامية»، خصوصا في هذا الوقت الذي استفاد كثيرا من الدراسات السابقة، ومن حصيلة الدراسات المنهجية العلمية التي شهدتها مجالات العلوم الإنسانية واضعة في حسبانها «الإخلاص العلمي النسبي». ويحذر الكاتب في هذا المؤلف الذي صدر عن منشورات «دار قرطبة» قبل ثلاثة أيام، من خطورة ما سماه «المهدد الحقيقي لوحدة الجماعة أو الأمة»، مشيرا إليه بكونه «فتيل النزاع الاجتماعي الثقافي الذي يسعى إلى استبدال العلاقات الثقافية التاريخية بين أفراد المجتمع على أساس عقائدي يخضع لمعجم البدعة والتكفير ولا يعير اهتماما للمرجعية التاريخية الثقافية التي ليست بالضرورة ثابتة سديمية». وتوسع الكاتب في تفسير هذا الخطر من خلال تحليل عدة ظواهر طارئة، مثل مسألة «الفتوى الإلكترونية» وظاهرة «المشيخة الإلكترونية». ويتضمن كتاب بومدين بوزيد مجموعة من الدراسات التي نشرها الباحث، في مجلات وكتب مشتركة حول الظاهرة الدينية الإسلامية السياسية في السنوات الأخيرة، وهو الكتاب الذي كشف صاحبه أنه تردد في نشره ربما بسبب واجب التحفظ الذي يوجبه عليه منصبه، باعتباره المسؤول الأول عن أهم ملف في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وهو ملف الثقافة الإسلامية. ورغم هذا، أصر بومدين بوزيد على أنه ينتمي إلى الجامعة والبحث العلمي، حيث يكون هذا وراء زوال التردد في نشر الكتاب، الذي يضاف إليه صعود عدد من «الحركات الإسلامية» إلى سدة الحكم في أهم الدول العربية، إلى جانب اعتراف «نبيل» من باحث متمرس عندما يقول «كما أن هذا التردد في إعادة نشر بعض الذي كتبت يعود إلى كوني انخرطت في حمى الصراع السياسي والثقافي، في مرحلة التسعينات من القرن الماضي، وبعد طول النظر عن بعد وتأمل وجدتني غير موضوعي في بعض الأحكام، وهي طبيعة الدراسات التي تتناول ما هو معايش وذاتي وترتبط به بحكم العملية السياسية التي ألقت بظلالها على الجزائريين جميعا خلال الفترة الدموية». من ناحية أخرى، انتقد بومدين بوزيد ما سماه»ظاهرة التكسب»، التي يمارسها من يسمون أنفسهم ب«الخبراء»، أو الذين يقدمون التقارير المعدة سلفا، وفق رؤية دولية تتحكم في لعبتها هيئات دولية ومراكز قرار. وهي الظاهرة التي فرضها منطق الانفجار الإعلامي، وتسابق الفضائيات إلى الاستعانة بالخبراء في تفسير الظاهرة الدينية، بالإضافة إلى الوتيرة السريعة التي تسير عليها المؤسسات البحثية، ومراكز الدراسات والتفكير الغربية، في وضع العالم الإسلامي تحت المجهر مستعينين بكل الوسائل للوصول إلى فهم أدق، وتفسير مقنع، لما يدور في الساحة العربية والإسلامية.