كشفت مصادر أمنية، أن القضاء على الإرهابيين الأربعة في ولاية بجاية نهاية الأسبوع، جاء بناء على عمل استعلاماتي أنجزته قوات الأمن المشتركة، حيث تمكّنت من اختراق مكالمة هاتفية أجراها الإرهابيون الأربعة مع مجموعة إرهابية أخرى تنشط بولاية بجاية، حيث كانت تعتزم المجموعة الإرهابية التي تم القضاء عليها في كمين نصبته مصالح الأمن المشتركة، الانتقال إلى جبال بجاية قدوما إليها من جبال تكسانة بولاية جيجل، فرارا من قبضة الجيش الذي يحاصر المنطقة والعناصر الإرهابية المتواجدة هناك منذ مدة ليست بالقصيرة. وأوضحت نفس المصادر، أن الإرهابيين الأربعة الذين تم القضاء عليهم كانوا يخططون لنقل نشاطهم الإرهابي إلى بجاية بغرض التخفيف من وطأة الحصار المضروب على المجموعة الإرهابية الأخرى في الولاية المجاورة، الأمر الذي دفع بالإرهابيين إلى البحث عن منافذ يتسللون منها كسرا للطوق الأمني المضروب عليهم في المناطق ذاتها من قبل الجيش الذي يقوم بعمليات تمشيط واسعة في الجبال المجاورة. وكانت مصالح الأمن قد راقبت تحركات المجموعة الإرهابية بعد تمكنها من رصد مكالمات هاتفية تمت بين أفراد هذه الأخيرة، التي سمحت لمصالح الأمن المشتركة من تحديد مكان تواجد الارهابين ومن ثمة المسالك المرشحة للعبور منها إلى ولاية بجاية ومنها إلى جبال تيزي وزو، حيث المعاقل الإرهابية لعناصر السلفية التي عهدت على الأقل منذ الصائفة الماضية القيام بعمليات إرهابية ذات صدى كبير خلال موسم الاصطياف بالولايات الساحلية المعروفة على غرار بجاية، جيجل وسكيكدة. كما كشفت ذات المصادر أن مصالح الأمن المشتركة قد باغتت العناصر الإرهابية بعدما رصدت تحركاتها من خلال عملية التمويه بإعادة الانتشار التي لجأت إليها مصالح الأمن في المنطقة تغليطا للعناصر الإرهابية التي تعرف مكان تمركز قوات الجيش وتعرف مكان تواجد الحواجز الأمنية كما تعرف المسالك الآمنة. ويأتي الإنجاز المحقق من قبل مصالح الأمن المشتركة بقضائها على أربعة إرهابيين بناء على عمل قاعدي استعلاماتي حاسم في استراتيجية الحرب على الإرهاب ليؤكد بأن مصالح الأمن في الجزائر قد خطت خطوات جبارة في حربها الاستباقية على العناصر الإرهابية في معاقلها. كما تأتي العملية التي كانت جبال ولاية بجاية مسرحا لها تزامنا مع الإنجازات التي حققتها مصالح الأمن المشتركة في ولاية باتنة، حيث تم القضاء على حوالي عشرين إرهابيا وثمانية إرهابيين بتيزي وزو وآخرين في عين الدفلى وذلك في فترات زمنية متقاربة على مدار الأسبوع المنصرم. وجاءت الضربات القاتلة التي تلقتها عناصر الإرهابي أبي مصعب عبد الودود على مدار الأسبوع المنصرم في ظل حديث عن محاولة بحث تنظيم دروكدال الشروع في عملية انتشار جديدة باختراق أو تفعيل النشاط الإرهابي في ولايات أخرى من الوطن، ومن ثمة تأتي العمليات الأخيرة للجيش لتحول دون تجسيد ما يسمى بالسلفية لإستراتيجيتها الجديدة. دروكدال من الإرهاب والدم..إلى النفخ في نار الفتنة وفي سياق متصل، كان تنظيم ما يسمى بالقاعدة قد أصدر بيانا دعائيا أورد فيه حصيلة عملياته الإرهابية خلال الشهر الماضي. حيث اتهم تنظيم دروكدال، حسب ما نقل عنه من بعض المواقع الإلكترونية، قوات الأمن باغتيال الشباب الأربعة بمدينة تادمايت الثلاثاء الماضي، ونقل الموقع الإلكتروني المتخصص في تقفي أخبار الإرهابيين، أن أصحاب البيان ادعوا بأن الاعتداء على الشباب الأربعة جاء محاولة لتشويه صورة عناصر السلفية بمنطقة القابئل وبغرض الإيقاع بينهم وبين مواطني المنطقة كما اتهم البيان قوات الأمن بحرق غابات المنطقة. ومن خلال القراءة الأولية للبيان، فإن هذا الأخير وإن شكل سابقة في تقاليد العناصر الإرهابية في الجزائر، إلا أن البيان تزامن مع تداعيات مقتل الشباب الأربعة وما عرفته بلدية تادميت من احتجاجات للمطالبة بتوفير الأمن لسكان المنطقة، إضافة إلى تزامن الاغتيال مع قضية الحرائق التي شهدتها غابات المنطقة، حيث كانت كل هذه المعطيات مدعاة لسياسيي المنطقة للخوض في قضية الحرائق من خلال الترويج لسنفونية ''المؤامرة الرسمية'' المعهودة في أدبيات أحزاب المنطقة، وهو الظرف الذي حاول استغلاله عناصر السلفية من خلال البيان الذي جاء في نظر المتتبعين للشأن الأمني في الجزائر، معتمدا على قاعدة سياسية أهداها إياهم المتحدثون باسم المنطقة. الأمر الذي جعل البيان يشكل حلقة جديدة في سلسلة الأحداث المتسارعة في المنطقة وعلاقة هذه الأخيرة بالوضعية الحرجة لعناصر السلفية في كل معاقلهم بمنطقة القبائل وبعض ولايات الوسط والشرق. حيث لا يستبعد المحللون أن يكون بيان السلفية جاء محاولة لزعزعة الاستقرار الذي عرفته منطقة القبائل بعد قلاقل كبيرة شهدتها ذات المنطقة بعد أقل من سنتين على انتخاب بوتفليقة رئيسا للجزائر في العهدة الأولى، وليس خافيا على المهتمين بالشأن الأمني في الجزائر أن بيان تنظيم السلفية جاء وليدا لتقاطع مصالح هذه الأخيرة مع بعض المحسوبين على المنطقة عند نقطة الاستقرار الذي لا يخدم الطرفين فإذا كان الإرهابيون يعانون من محاصرة قوات الأمن لهم في هذه المنطقة بعدما اتخذوها قاعدة خلفية لنشاطاتهم الإرهابية بابتزاز سكانها من أصحاب مزارع الزيتون والعنب واختطاف أثريائها، فإن غيرهم ممّن نصّب نفسه متحدثا وممثلا لمنطقة القبائل قد فقد سيطرته سواء السياسية أو الإديولوجية وحتى الثقافية على منطقة القبائل خاصة بعدما تمكنت السلطة من نزع فتيل أحداث منطقة القبائل بأقل الأضرار ودون أن يتمكن المستفيدون منها من تحقيق كامل أهدافهم .