زهية بوغليط هي لحظة فصل المرأة بين ماض رحل بكل تفاصيله المؤلمة و السعيدة ، و مستقبل لا تعرف عنه سوى اسم الشهرة الذي أضيف إلى سجّلها و هو " مطلقة" عن هذا الموضوع اقتربت "الجزائرالجديدة" من بعض النساء اللواتي كنا على دراية بوضعهن، فعدن معهن إلى الماضي القريب، و حاولنا مشاركتهن تلك اللحظات الحرجة في حياتهن . جرح لا يندمل و لو تقادمت السنوات مهما كانت أسباب الطلاق ، يبقى أبغض الحلال عند الله ينشر آثاره الوخيمة على الزوجين عموما و على نفسية الزوجة بالأخص ، كونها الضحية الذي وقع عليها فعل الطلاق بحكم أن العصمة في يد الرجل، فرغم علم الزوجة في حالات كثيرة أن الطلاق هو الحل المثالي لدفن كل مشاكلها ، بما فيها استحالة المعاشرة الزوجية بينهما ، لكن لا يمكن للمرأة أن تتجرّد من مشاعرها لحظة الطلاق و تتقبل الوضع بأعصاب باردة و هادئة، هذا هو رأي السيدة شافية، 48 سنة ، أم لثلاث أطفال، حيث سردت لنا تفاصيل طلاقها بكل حزن و أسى، فحسب قولها أنه ليس من السهل على المرأة تقبل طلاقها بسهولة ، و أنها ستبقى تتذكر ذلك اليوم طوال حياتها، تروي حالتها فتقول ، أن زوجها طلّقها بعد شجار طويل جمعهما معا على مرأى و مسمع أطفالهما، و بعد أن انقضى ضربا عليها و أولادها يبكون بأعلى أصواتهم في محاولة لإنقاذ والدتهم المغلوب على أمرها ، و بعد أن استنفد جميع قوته عليها و عرض عضلاته على أطفاله راح يطلقها بالثلاث باصقا عليها " أكرمكم الله" ، و كأنها قذورة تخلص منها تقول محدثتنا معبّرة عن إحساسها المحبط في تلك اللحظة ، و بالرغم من مرور سبع سنوات على الحادثة ، لم تتمكن شافية من محو تلك الصورة من ذاكرتها حتى إن تناستها أو تقادمت عليها السنين ، فبالنسبة لها تشكل تلك اللحظة النقطة السوداء في حياتها التي لا يمكن تداركها. كانت لحظة غدر و اصطياد في الماء العكر رغم أن هناك من النساء من تمكنّ من تجاوز الأزمة بسلام و بأقل الأضرار ، إلا أن بداخلهن كان الحزن و الأسى يقهر قلوبهن، ليس حبا في أزواجهن الذين لا يستحقون الحزن لأجلهم، و إنما حسرة على مصيرهن الذي عشنه مع رجل لا يعرف قيمتهن، فقد كان طلاق السيدة ليلى 26 سنة ، أم لثلاث أطفال، بمثابة الاصطياد في الماء العكر بعد قصة كان زوجها البطل الرئيسي فيها، حيث سردت لنا ذكرياتها المؤلمة بعد مرور 16 سنة عليها ، فبعدما ظنت أنها نستها عادت بها الذاكرة إلى أبشع جريمة ارتكبت في حقها، حيث قالت لنا بالحرف الواحد أننا قلبنا مواجعها ، وعدنا بها إلى المواقف الأصعب في حياتها، وعن سؤالنا أجابتنا أنها لم تكن تعلم شيئا عن طلاقها، و هذا ما أثر في نفسها و جعلها تشعر بالغدر و الخيانة ، ووصفت طلاقها بلعبة "الغميضة" التي انتهجها طليقها معها، حيث طلب منها الذهاب إلى زيارة أهلها، فيما كان يخطط لمشروع تطليقها دون أي سبب، إلا أن تصرفه كان مريبا و غريبا إلى أن زرع الشكوك في نفسيتها ، حيث حملها إلى أهلها ومعها كل أغراضها ، بما فيها الألبسة و الأفرشة و كأنه كان يشير لها ب " ذهاب من دون رجعة" ، و بالفعل كانت تلك الزيارة الأخيرة لها، لاسيما و أن ظروف موت ابنتها اثر حادث مرور في تلك الفترة التي صادفت عطلة الصغيرة ، ما عزّز من موقفه و منحته الحجة الكافية لتطليقها و الفرصة الذهبية للوصول إلى فرصته الذهبية . أثر الصدمة قد يتعدى العلاج النفسي لا يمكن لأحد التكهن بردة فعل أي امرأة لحظة تلقيها خبر طلاقها، أو تطليقها من زوجها مباشرة، فكل واحدة شخصيتها المنفردة بها و ظروفها الخاصة، و هذا ما استنتجناه خلال اقترابنا من بعض المطلقات، في ذات السياق التقينا بالسيدة سلمى 26 سنة ماكثة بالبيت، لم يمر على طلاقها سوى 6 أشهر، وبصعوبة تامة تمكنا من إقناعها بالتحدث معنا و الإفصاح عن مشاعرها خلال معايشتها تلك اللحظة، فقالت لنا و هي تتنهد بصوت مرتفع يوحي بمدى الحزن و اليأس الذي تشعر بهما، حيث أخبرتنا فور تلقيها وثيقة الطلاق أنها سقطت أرضا ، و لم تشعر بنفسها إلا وهي تتابع علاجها لدى طبيب نفساني من أجل مساعدتها لتخطي الأزمة و العودة إلى سابق عهدها ، وفي سياق ذي صلة كان لنا اتصال مع المختصة النفسانية زينب ، ل التي أكدت لنا أن للطلاق آثار وخيمة على الحالة النفسية للزوجين، لا سيما المرأة التي مورس عليها فعل الطلاق خاصة في مجتمعنا و نظرته القاسية للمطلقة، و التي ظل اسمها مقترن بالعار و الفضيحة، و لكن مع اقتحام المرأة عالم الشغل و التطوّر الحاصل في جلّ مجالات الحياة و غيرها من التغيرات، أسهمت جلّها في مساعدة المطلقة في التحلي بالثقة و الشجاعة في مواجهة المجتمع ، و تحدي كل الظروف لإبراز مكانتها بعيدا عن لقب " المطلقة