المرأة.. تلك الهبة التي وهبها الله برقتها وحنانها.. فهي الأم و الأخت ، وهي الزوجة و البنت، وهي التي تعتبر مصدر الأمان والاستقرار العاطفي في محيطها الأسري، فهي تحتوي الرجل والأبناء ، فإن صلحت صلح المجتمع ، وإن ضاعت وانحرفت عن الطريق والهدف الذي خلقت لأجله ضاع معها المجتمع، كيف لا ؟ وهي نصفه ونواته ومحرّكه، فالمرأة هي الزوجة المحبة ، والأم الرحيمة الحنونة، والأخت والصديقة والحبيبة، ، ورغم ما حققته حواء العصرية في الجزائر كغيرها في العالم من تحدّيات ، و باتت تنافس الرجل في جميع المهن والمناصب ، وخرجت من محيطها القديم الضيق الذي كان يحصرها في الزوجة والأم، واستطاعت فرض نفسها كعنصر فعّال في مجتمعها، غير أن نظرة الرجل لها تبقى مقيدة وغامضة ، فهو لا يتقبلها حينما تخطئ ، بل أن المجتمع الذي يحوي المرأة لا يتقبّل بأسره خطأ المرأة ، و لا يغفر زلاتها خصوصا إذا حملت لقب " السجينة " ، و لهذا تسعى المرأة المجرمة إلى استرداد مكانتها الضائعة في مجتمعها ، بل أنها تناضل بكل ما أوتيت من قوة من أجل استرجاع كرامتها المفقودة . سارة.ب رغم ما يمليه علينا المجتمع الغربي من أن المرأة إفتكت حريتها حديثا بيدها وفرضت نفسها في الوجود ، إلا أن ديننا الحنيف تناول حقوق المرأة وحث عليها منذ أن نزل الوحي، حيث تحدث عنها الخالق كزوجة و كأم وكأخت وصديقة ، وأمرها ونهاها وأحل لها وحرم عنها و، كرمها بحقوقها في المهر والميراث والمعاملة الحسنة، ولعل آخر وصايا رسولنا الكريم كانت "أوصيكم بالنساء خيرا" ، ورغم ذلك تعالت الأصوات من مختلف بقاع الأرض تطالب بمزيد من الحرية والحقوق و الاحترام و الاعتراف بها ، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أردنا تسليط الضوء على شريحة من النساء كن ضحية المجتمع ، ورغم ذلك لم يرحمهن وأنزل عليهن أشد عقاب ، حين نبذهن وانتزع منهن الكرامة، لا لشيء إلا لأن تلك المرأة أخطأت وكان السجن عقابا لها، فهل يعقل أن ننفي هذه الشريحة من مجتمعنا لمجرّد أنهن ارتكبن إحدى الجرائم التي يرتكبها الرجال يوميا، و نلصق بهن و للأبد لقب المرأة المجرمة، و نجعلهن يدفعن ثمن خطأهن طيلة حياتهن ؟ ؟ !! . يعد إجرام النساء أحد أبعاد الإجرام المعاصر في العالم ، وقد ازداد في الآونة الأخيرة في الجزائر كنتيجة غير مباشرة لاندماج المرأة تدريجياً في دائرة نشاط أكثر اتساعا في ميادين العمل ومنافسة الرجال، وإذا كان الإجرام سابقا صفة ذكورية وما ارتكبته النساء يكاد يعتبر استثناءا، إلا أن الجزائر تشهد أمرا خطيرا يتمثل في إقبال العنصر النسوي على ارتكاب الجرائم على اختلافها، كما لو أن الأمر يتعلق بالعنف المضاد أو عملية انتقام، حيث لم تعد المرأة ضحية العنف والجريمة فحسب وإنما ممارسة لها . لماذا ينبذ المجتمع المرأة المجرمة ويرفض الصفح عنها مهما كانت الدوافع والأسباب التي تدفع المرأة لارتكاب الجريمة، فالقانون يحاسبها على فعلتها ، وتقضي عقوبتها في السجن مثل الرجل تماما، ولكن مشكلتها لا تنتهي بقضاء العقوبة، فالمرأة المجرمة تدرك تماما أنها لن تستقبل بالورود بعد خروجها من السجن، لذلك يجب أن تهيئ نفسها للأسوأ، لمجتمع يصنف المسبوقة قضائيا في دائرة مجرّدة من الحقوق، فلا حق لها في الزواج ، ولا حق لها في العمل ، ولاحق لها في استرداد كرامتها التي انتهكها السجن، وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية، وحسب ما صرح به لنا بعض المحامون الذين تولوا الدفاع عن مجرمات في عدة قضايا كالزنا والسرقة والشعوذة والإجهاض والمخدرات، فإن نسبة كبيرة من هؤلاء النسوة يتكرر دخولهن للسجن عدة مرات بعد الأولى ، وحسب المحامية نفيسة فإن السبب في ذلك يعود لرفضهن من قبل المجتمع ، فالبعض منهن يرتكبن الجرائم من أجل العودة إلى السجن ، والعيش بعيدا عن أعين المجتمع الذي لا يرحم ، وبعضهن يفقدن الأمل في حياة عادية و يتكرر إجرامهن، وفي بعض الحالات تقرر السجينات تغيير المدينة والعيش في مكان بعيد عن المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة، وفي جميع الأحوال، لا يوجد من يبحث وراء السبب أو الدافع الذي أدى بها إلى الانحراف، و يكتفي بالتركيز على ما قامت به دون إيجاد مبرر واحد لفعلتها . .. للمرأة أساليبها في ارتكاب الجريمة حسب دراسات وتقارير موضوعة ، فإن المرأة في الجزائر ترتكب جريمة واحدة مقابل 2744 جريمة يرتكبها الرجل، وهي نفس النسبة تقريباً في كل من المغرب وتونس. وحسب هذه الدراسات فإن الانحراف تسلل إلى الإناث، بل إن الأمر تطوّر إلى وجود مؤسسات منظمة للانحراف النسائي ، خاصة ذلك المرتبط بالبغاء. وبناءًا على الفروق المتعددة بين الرجل والمرأة عضوياً ونفسياً واجتماعياً؛ اكتسبت جرائم النساء أنماطاً تختلف بنسب متفاوتة عن الجرائم التي يرتكبها الرجال، منها الخداع والمكر في ارتكاب الجرائم للنساء أكثر مما يستخدمه الرجال، التمثيل، حيث تقوم المرأة بدور الزوجة المهذبة أو الأخت الرقيقة ولكن الاحتيال هو خاصية المرأة، إضافة إلى استخدام السم في القتل، قتل المواليد بحجة اختطافهن السطو والسرقة باعتبارها جرائم ذكرية إلا أنها ترتكب وبأعداد كبيرة من الخادمات.، الإجهاض الذي يعد من أكثر الجرائم التي ترتكبها الإناث، كما يمكن القول بأن ما تتمتع به المرأة في المدينة من حرية يرفع نسبة الجرائم النسائية أعلى مما هي في الريف أو القرى ، ومن الأمثلة الحية جرائم التهريب للمخدّرات، الذهب و الأموال . وتؤكد الإحصائيات الجنائية أن إجرام النساء يقل كثيراً عن إجرام الرجال، وقد اختلفت التفسيرات حول هذا الموضوع والتفاوت، ومنها أن ظاهرة انخفاض إجرام النساء ترجع إلى عوامل بيولوجية ، سواء عضوية أو نفسية متعددة و إلى عوامل اجتماعية. وللعوامل الاجتماعية الأثر الأكبر في ذلك ، أغلب جرائم النساء هي الاحتيال وحيازة الأموال المسروقة والبغاء. الإجرام .. خيار المرأة أم نتاج ظروف ما الذي يدفع المرأة لارتكاب الجريمة ، وهي التي توصف بالجنس اللطيف والرقيق، والمفعمة بالعاطفة والحنان الذي يؤهلها لأن تكون أماً ومربية أجيال، و عوامل إجرام المرأة هي تلك الأسباب التي تقف وراء ارتكابها للجريمة، وهي مجموعة من الحالات والوقائع التي تؤثر على المرأة على نحو ما ، بحيث تدفعها إلى طريق الجريمة. وهذا يعني أنه لا يمكن إرجاع إجرام المرأة إلى سبب معين أو إلى عامل وحيد، فإجرامها يعود إلى تضافر مجموعة من العوامل، سواءً كانت عوامل داخلية مرتبطة بشخص المرأة، أي بتكوينها العضوي أو النفسي أو كانت عوامل خارجية متعلقة بالبيئة الاجتماعية التي تعيش فيها. فالجريمة هي نتاج لتفاعل عدة عوامل. فعندما تتنامى مشاعر «الغضب» أو «الكراهية» في ذات الإنسان، فإنها تشكل قاعدة نفسية لخلق ذلك على أرض الواقع، وبالتالي ظهور سلوكيات العنف القاتل (عنف المرأة ضد الرجل) التي بدأت بالتضخم شرعيا واجتماعيا، أين يظهر عنف المرأة ضد الرجل كرد فعل عكسي لتأييد المجتمع لعنف الرجل ضد المرأة، فبالرغم من الرفض المبدئي لعنف الزوج ضد زوجته، فهنالك تأييد لعنف الأخ ضد إناث عائلته، وعنف الأب ضد بناته حتى الموت، حيث تلقى كل هذه الأنواع قبولا اجتماعيا تحت شعارات التقويم، العنف بكل أشكاله يمثل سلوكا خطيرا، فعندما تهان كرامة المرأة يومياً وهي التي تقع ضحية العنف بكل أشكاله: جسدي جنسي ولفظي، يحدث ذلك في المنزل، مقر العمل، في الشارع وكل مكان تتواجد به، على يد أقرب المقربين وأيضاً على يد الغرباء في الشارع ، و هو الوضع الذي يستدعي التحرّك ، خاصة وأنّ المرأة لم تعد تكتفي بالألم والبكاء . أثر انحراف المرأة على أبنائها لعل الأخطر في الجريمة المرتكبة من قبل المرأة ، هو ما قد ينجر عنها من فساد وانحلال الأسرة والمجتمع، كما أنها تعدّ البداية للطريق نحو الدعارة والتحريض على الفسق وجر القصّر وتحريضهم على ذلك، لأنهم عادة ما يصبحون ضحايا لمثل هذه السلوكيات، وفي كل الأحوال فإن العديد من الدراسات و البحوث في مجال العلوم الاجتماعية والتربية وعلم النفس تؤكد على خطورة العنف العائلي وانعكاساته السلبية على الأسرة واستقرارها ، وعلى المجتمع في نموه وتقدمه ، فالعنف له نتائج ضارة بالشخص الذي يمارس عليه، ولا ينبغي أن تكون ردود الأفعال ، لأن العنف يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمعنف، كما ينعكس العنف بين الزوجين على التنشئة الاجتماعية والنفسية للأطفال . سارة ب