و نحن مع بداية العطلة الربيعية ارتأت الجزائرالجديدة القيام باستطلاع حول كيفية ومكان تمضية الجزائريين لها ، وكانت وجهتنا لبعض الأماكن التي اعتادت العائلات التوجه إليها . من لم يزر "الحامة" وحديقة التسلية لا عطلة له جرت العادة عند بعض العائلات الجزائرية في أيام العطلة زيارة حديقة التجارب " الحامة " و حديقة التسلية بالصنوبر البحري ، أو حديقة الوئام ببن عكنون ، و غيرها من الحدائق العامة التي يزخر بها وطننا العزيز ، كونها من الأماكن المفضلة لدى الطفل و تمكنه من قضاء أوقات جميلة و بهيجة، حديقة الحامة الغنية على التعريف و المتواجدة بقلب العاصمة تمكنت في السنوات الأخيرة من استرجاع عشاقها و استقطاب المزيد منهم ، من خلال التحسينات التي طرأت عليها و كذا تعزيزها بمجموعة من الحيوانات التي أضفت لها جمالا و جاذبية ، و جعلت زوار الحديقة يتعلّقون بها أكثر ، لاسيما الأطفال الذين يودون لو أنهم لا يبرحون مكانهم منها، بهذا الشأن حدثتنا فطيمة و هي أم لثلاث أطفال ، أنها و في كل عطلة دراسية لابّد لهم من زيارة الحامة ، كونها حديقة تستحق الزيارة بما تزخر به من جمال و روعة و تنظيم محكم . أما آخرون ممن يحبون المرح و اللهو فإن وجهتم لا محالة هي حديقة التسلية ببن عكنون ، أو تلك المتواجدة بالصنوبر البحري ، و التي يجدون فيها متنفسا للترويح عن النفس و إطلاق العنان لتصرفاتهم دون قيد أو مراقبة ، و هناك يحاولون تجديد طاقتهم و التخلي عن الطاقة السلبية التي بداخلهم ، و هي طريقة لدى البعض في نسيان ضغوطات الحياة و مشاكلها، ففي حديقة التسلية قد تجد الكبير و الصغير ، و الكل سواء يبحث عن لحظات البهجة و السرور، في نهاية الأسبوع التقينا بعائلة شدّنا إليها طريقة تعبيرها عن فرحتها، و كأنهم يعيشون في هستيريا، لكن الحقيقة أنهم وجدوا في الصراخ عند امتطائهم للألعاب طريقة ناجعة في اختراق المألوف و محو أيام الشقاء ، هذا ما صرح لنا به الوالد فؤاد الذي حضر إلى حديقة التسلية برفقة عائلته بحثا عن الاسترخاء و المتعة ، بعيدا عن أجواء الجدية و العمل، لأن أولاده في رأيه بحاجة إلى هذه اللحظات التي تخرجهم من نمط الروتين الذي يعيشونه ، و يخلصهم من الضغوطات التي عليهم ، لذلك فإن هذا اليوم يمنحهم حرية تامة في التعبير عن رغباتهم دون قيد أو شرط. بيت الجد .. الوجهة رقم واحد لدى الكثيرين و لا يمكن الحديث عن العطلة دون الالتفات لبيت الجدة ، ذلك البيت الذي يحتضن الأبناء و الأحفاد ، فهم ينتظرون أيام العطلة بشغف ، ليجتمع الشمل من جديد ، فهي عادة لدى الكثير من العائلات الذين يرفضون التخلي عنها وورثوها لأولادهم، في هذا الشأن انتقلنا إلى عائلة جدي الطاهر ، الذي له من الأحفاد ما يقارب الأربعين ، و انتقلنا إلى بيته الذي خيل لنا أنه يحضر وليمة أو مناسبة ، لكن في الواقع هو يوم عادي كبقية الأيام ، حيث الشيء الذي جدّ فيه أن أولاده حضروا مع أبنائهم لقضاء بعض من أيام العطلة التي ينتظرها الجميع بشغف و كأنها عيد بالنسبة لهم ، أين تحضر فيه أشهى الأطباق التقليدية و تكلل بالسمر ليلا على قعدات الشاي الأصيلة ، و حتى الصغار فإن قلوبهم تعلقت ببيت الجد الذي يرون فيه متعتهم الحقيقية ، و التي لا تعوضها أي متعة أخرى . أطفال الأمهات العاملات في وضع خاص بدت السيدة "صفية" ربة بيت مستاءة من قدوم العطلة ، حيث تشكل لها عقبة حقيقية تحتار فيها في كيفية التوفيق بين التزامات عملها و مسؤولياتها اتجاه أبنائها الذين يتذمرون كثيرا من كونها لا تشاركهم العطلة و تتركهم كل صباح متوجهة لعملها، و هذا ما يجعلها تشعر بالإحباط و عدم الاستقرار النفسي ، و هو ما يؤثر حتما على مردودها في وظيفتها ، إضافة إلى الملاحظات التي تقدم إليها من تأخرات و غيابات التي تضطر لها ، متمنية أن تمر العطلة في أقرب وقت ، فتقول: " كثيرا ما أضطر إلى التغيب أو الحضور متأخرة لعملي ، كون أولادي يمتنعون عن الاستيقاظ مبكرا ، كما اضطر لاصطحابهم صباحا لبيت جدتهم ريثما أعود من عملي ، وفي أحيان كثيرة تصادفني مشاكل بخصوص هذا الأمر ، مما يجعلني في مأزق . و يؤكد كذلك "خالد" من جهته ، أنه لن يستمتع بطعم العطلة لأنه هو و زوجته يعملان ولا يشاركان أولادهما فرحتهما ، و تقتصر تمضيتها معهم على زيارة بعض الأقارب أو قضاء بعض من الوقت في نهاية الأسبوع . الميترو .. وجهة من يتمالكهم فضول اكتشافه ممن أثار انتباهنا أن الميترو لم يعد وسيلة تنقّل لدى البعض ، إذ أن من لم يسبق له ركوبه من قبل وجد في العطلة فرصة لاكتشافه كوسيلة تنقل حديثة لم يعرفها من قبل ، عائلة السيد مختار ، التي تقطن بمدينة غليزان ، ستكون لها وجهة مغايرة هذه العطلة ، حيث و ارتأت أن تأتي للعاصمة خصيصا لامتطاء الميترو الذي لم يكونوا ليروه إلا على شاشة التلفزيون ، و قد وعد السيد مختار أولاده ركوب الميترو في العطلة الربيعية ، حيث ستكون وجهتهم حديقة " الحامة" ، لضرب عصفورين بحجر واحد . ممتحنو شهادة البكالوريا لا يعرفون للعطلة معنى بدأ العدّ التنازلي لامتحانات البكالوريا ، و صار الحديث عن العطلة و الراحة من أبعد اهتمامات الممتحنين لهذا العام ، إذ أنهم يجدون في العطلة فرصتهم السانحة لاستدراك ما فاتهم و تدارك الدروس التي وجدوا فيها صعوبة، خولة طالبة في القسم النهائي التقينا بها و هي بصدد الذهاب للدراسة مع صديقاتها ببيت زميلة لهن ، حيث أخبرتنا أنها ستعمد في هذه العطلة على المثابرة و الاجتهاد أكثر ، كون أن امتحانات البكالوريا على أبوابها ، و عن عائلتها تضيف خولة أنها أعدت العدة لأجل مساعدتها و الوقوف إلى جانبها في هذا الظرف ، حيث هيأت لها الجو الملائم ، بحيث امتنعوا هذه العطلة من السفر كعادتهم و اكتفوا بخرجات مسائية يصطحبونها فيها لتغيير الجو و التنفيس عنها، حتى تتمكن من الوصول للنجاح بإذن الله تعالى .