قد تقتصر بعض المهن على الرجال فقط أو النساء لوحدهم ، وقد تكون المواهب التي منحها الله عز و جل بعيدة عن طبيعة الجنس ، غير أنه و مع تطور المجتمعات و حاجة الإنسان إلى العمل انقلبت الموازين، و أصبحت بعض المهن التي كانت حكرا على جنس واحد تتعداه إلى الآخر . هذا هو حال فؤاد خراز الذي أراد أن يجسد موهبته على أرض الواقع ، و تحدّى كل الصعوبات الاجتماعية بعدما وضع الثقة في نفسه ، و دخل ميدان الحلاقة النسوية من بابه الواسع . إيمان .ق فخلال سنوات التسعينيات كانت بعض المهن غير مسموحة للرجال في ظل الأوضاع التي كانت تعيشها البلاد –العشرية السوداء- غير أن كل تلك الأمور لم تمنع فؤاد من تخطي كل تلك الحدود الحمراء ، و قرر أن يحوّل موهبته التي كان يحتفظ بها في المنزل فقط وسط الدمى إلى حقيقة ، حقيقة أن يصفف للنساء . بداية صعبة وسط عادات و تقاليد الأسرة و المجتمع القليعي على بعد 48 كيلومتر من مدينة الجزائر ، و بالضبط بطريق الجزائر بمدينة القليعة ، يتواجد محل الحلاق فؤاد خراز ، فرؤيته من الخارج غير التي شاهدناها من الداخل ، و الدليل على ذلك هو دخولنا إلى محله الصغير ، حينها خيّل إلينا أننا في مجرّد جحر صغير ، غير أننا وجدنا الكثير من النسوة ينتظرن أدوارهن لتصفيف شعرهن . يقول فؤاد أن مهنة الحلاقة كانت مقتصرة على النساء فقط ، و كان في كل مرة يشاهد أخته الكبرى تصفف شعر صديقاتها فينتابه الفضول لمعرفة سرّ هذه المهنة و خباياها ، و في أحد الأيام عندما كان لوحده في المنزل ، قرر أن يجسد موهبته على رأس دمية صغيرة كانت ملاقاة في احدى الغرف ، و بالمقص الصغير حوّل شعرها الطويل إلى قصة جميلة ، فتفاجأ أهله عندما عادوا إلى المنزل بجميل صنيعه ، فكان فعله بمثابة الانطلاقة الأولى في عالم الحلاقة و التجميل . يقول الحلاق فؤاد ، أن رغبته في أن يصبح حلاقا كانت مكبوتة في داخله ، و في كل مرة يخالجه شعور إبان هذه الحرفة ستقتح له العديد من الأبواب ، كما أن الجو الأسري و عاداتهم و تقاليدهم فرضت نفسها في حياة فؤاد ، فجرّب كل الطرق في البيت و بدأ بتصفيف شعر صديقات أخته اللاتي أعجبن بقصّاته ، عندها ضاع صيته وسط أحياء مدينة القليعة العريقة ، و أصبح الحلاق فؤاد يستقبل يوميا العشرات من الفتيات الراغبات في قص شعرهن ، إلى أن قرر أن يخرج للعالم الخارجي ، و يعرّف بنفسه أكثر . فالبداية بالنسبة إليه كانت صعبة نوعا من حيث الجانب المادي ، فدخل في شراكة رفقة حلاقة لم يشأ ذكر اسمها ، حينما شاهدته في حصة تلفزيونية بعنوان مسك الليل ، و انفصل عنها بعد مدة قصيرة بسبب مشاكل مادية، حينها انتقل إلى العمل رفقة الفنانة سماح عقلة لمدة أربع سنوات بالقليعة ، إلى أن استفاد من محل من طرف البلدية في إطار تشغيل الشباب، فقرر العمل لوحده داخل محله ، ومنذ ذلك اليوم و النسوة يترددن إليه . جوائز و تحصيل للمراتب الأولى في مختلف المهرجانات و المسابقات الوطنية فؤاد خراز في العديد من المستبقات و المهرجانات ، فكانت ولاية البليدة أول محطة له ، أين نظمت بالمناسبة مسابقة أحسن حلاق على المستوى ، و تمكن من الحصول على المركز السابع وطنيا ، ليلتحق بعدها بالنادي الفني للحلاقة الجزائرية بباب الوادي ، و قام بإجراء تربص لسنوات و تحصب بالمقابل على 3 شهادات في المسابقة الجهوية ، و جائزة أحسن حلاق لسنة 2000 ، وكانت له مشاركات في العديد من العروض ، كذا مجلة " زين بلادي " المختصة في الجمال و الحلاقة سنة 2003، بالإضافة إلى مشاركات معتبرة في إعياء المرأة ، أين كان يحضى في كل بتكريم خاص نظير المجهودات التي كان يقوم بها ، إلى جانب مسابقات خراج الوطن ، بالمقابل كان فؤاد يتلقى دروسا في مدينة صفاقس التونسية ، حتى يتفتح على مختلف موضات الحلاقة و اكتساب خبرة في هذا المجال ، و في هذا الشأن تقول السيدة بويعقوبي سلمى ، مديرة مجلة "mag look " للجزائر الجديدة، أن الحلاق فؤاد مبدع ، و يحب التجدد بحكم عملها منذ 7 سنوات . قواعد الحلاقة واجب إتباعها و الشعر المستعار مضر على الصحة وعن قواعد الحلاقة، يذكر الحلاق فؤاد خراز ، أن الموهبة تفرض نفسها في الكثير من المرات ، فلكل وجه تسريحته المناسبة له ، و نفس الشيء بالنسبة للتجميل ، أما تسريحات العرائس فيتم اختيارها حسب ذوقهن ، مع إعطاء لمسته الخاصة ، و في الوقت الحالي ، النساء يطالبن دائما بالجديد ، و هذا ناتج عن تأثيرهن بالأفلام الأجنبية على غرار التركية، فالكثير منهن تقصدنه من أجل الحصول على تسريحات الممثلات اللاتي يشاهدنها في المسلسلات ، ليضيف بأن التسريحات التركية زاد الطلب عليها خلال السنوات الأخيرة، و فيما يخص الشعر المستعار ينصح فؤاد بتجنبه لما له من أضرار صحية ، غير أن هذا لا يمنعه من استقبال الطالبات عليه ، مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين 4 ملايين إلى ما فوق ، و ذلك حسب تركيبة الشعر ، التي تكون إما عن طريق الخياطة أو الكبسولات . و في الأخير ينصح الحلاق فؤاد كل الموهوبين بعدم كبت موهبتهم ، و الاحتفاظ بها لأنفسهم، لأنها تلعب دورا كبيرا في نجاح المرء، كما أن الإرادة و الثقة بالنفس، كفيلة بالسيطرة على زمام الأمور و التغلب على المعتقدات السخيفة ، التي تقول بأن لكل مهنة ناسها . يذكر فقط ، أن بعض الممثلين و المنشطات ، كن يرتدن على محل فؤاد من أجل تصفيف شعرهم أمثال ، رزيقة صاولي ، آسيا فلاح ، الشابة سهام ، و إيمان غضبان .