كثيرون من يعتمدون على تفسير أشياء رأوها في أحلامهم في أمور قد تحدث لهم مستقبلا ، حتى أصبحت لدى البعض هوسا حقيقيا يعتمدون عليه في حياتهم اليومية و حتى في الحكم على أشخاص و بناء مواقف على أساسها، لاسيما النساء منهم ، الجزائر الجديدة انتقلت إلى الشارع الجزائري و حاولت معرفة آرائهم حول مدى تصديقهم ل "المنامات" و جسّت نبض تأثيرها على حياتهم اليومية. زهية بوغليط أحلام تؤدي إلى الحقد و زرع الشك و من الناس من هم أكثر هوسا في بتفسير أحلامهم ، حيث تقودهم هذه الأخيرة إلى تصرفات غريبة، قد تصل إلى الشك في من حولهم، وربما يتطور الأمر إلى جريمة قتل . فما هي أغرب الحكايات التي قادت فيها الأحلام ضحاياها من النساء إلى مشاكل خطيرة ؟ ولماذا تسقط المرأة أسيرة لما تراه في أحلامها في كثير من الأحيان ؟ فكم من الحكايات الغريبة التي قادت فيها الأحلام المرأة إلى الجريمة و العديد من المشاكل الاجتماعية ، نذكر منها قصة سيدة متزوجة ، عرف عليها أنها شديدة الاهتمام بما تراه في أحلامها . حيث رأت في منامها أن زوجها تزوج عليها، وتخيل لها أن هذا الحلم حقيقة، وبدأت تشك في زوجها إلى أقصى درجة، وبدأت تتبع تحركاته ومكالماته الهاتفية، إلى أن سمعت ذات ليلة هاتفه يرّن ، فقام للتحدث خارج الغرفة لأنه لا يريد أن يزعجها فازدادت شكوكها ، و أصبحت أسيرة خطواته و تصرّفاته ، و كل ما يصدر منه باتت تربطه بما رأته في الحلم، إلى أن أصبحت تصرفاتها لا تطاق بسبب الشك و الغيرة و أضغاث أحلام ، و هناك من يعير هذه الأحلام أهمية قصوى ، لدرجة أنه يجعلها مرجعه حتى في الحكم على أشخاص، و هنا تبادرت في ذهننا حادثة مرّت بنا شخصيا لقريبة ، ذكرت لنا أنها رأتني في المنام أتشاجر معها و أنعتها بأقبح الصفات ، و عندما أنهت حديثها ذكرتها عمدا أن ما ذكرته ليس حقيقة و إنما مجرد حلم لا علاقة له بالواقع، لكنني تفاجأت حينما ذكرت لي أن ما رأته له علاقة بالحقيقة و ليس وهما ، و منذ ذلك الحين تغيرت تصرفاتها معي ، و أصبحت تتعامل معي بحذر ، و كأنني أضمر لها شرا. شغف لمعرفة المستقبل تعتقد الكثير من النساء ، أن في أحلامهن رسائل ودلالات لابد من التعرّف إليها، خصوصا إذا كانت متعلقة بالمستقبل ، وذلك من منطلق شغفهم بالإطلاع على الغيبيات، الأمر الذي يدفع بهذه الفئة إلى البحث عن مفسرين على مقدار عال من الاحتراف لتفسير تلك الأحلام ، من هنا يتواجد بعض الخاملين و العاجزين ، ممن يبحث عن العزاء و الأعذار من خلال أحلامه فقط، وهذه الفئة يقعد لها الشيطان مترصدا و يصور لهم تقاعسهم وقعودهم بشكل حسن من خلال أحلامهم، عن هذا الموضوع تروي لنا خديجة عن أختها التي ترفض كل من تقدم لخطبتها بسبب الأحلام التي ترى فيها مرجعا لأفعالها ، لأنها كلما علمت أن هناك أحداً سيأتي لخطبتها، ترى حلماً سيئاً يجعلها ترفض من يتقدم لخطبتها، وهو ما تسبب لها بمشاكل عديدة في الحياة ، و جعلها تدخل دائرة العنوسة التي أصبحت تهددها . وتفسير الأحلام ليس علماً لكنه موهبة، وكل مفسر يعتمد على موهبته في تفسير الأحلام ، لذلك فليس هناك اثنان يتفقان على تفسير حلم واحد بالطريقة نفسها، فلكل شخص تأويل مختلف عن الآخر، وتفسير الأحلام أصبح يسبب مشكلات كثيرة، لأن البعض يتأثر بالإيحاء أو الوهم، أي أن الشخص إذا رأى حلماً وسمع تفسيره ، يبني على هذا التفسير أحداثاً ستقع مستقبلا ، و هذا هو حال سامية ، 34 سنة التي سردت لنا تجربتها مع الأحلام، حينما كانت تفسر كل حلم يحدث لها ، حتى أصبحت مهووسة بها لدرجة أنها تعتمد عليها في مسائل العمل و الدراسة و كل جوانب الحياة . مجرّد أحلام بعيدة عن الخيال وهناك من لا يعترف إطلاقا بالأحلام و لا يعيرها اهتماما ، و لا يعتبر الكثير منها سوى مجرد أضغاث أحلام ليس إلا ، أمثال السيد محمد،37 سنة مهندس مهماري، حيث أكد لنا أنه لا يولي اهتماما لما يراه في أحلامه ، و يعجب للآخرين ممن يأخذونها بمحمل الجد ، و لا يتهاونون في سردها لكل من يلتقون به ، علّهم يجدون تفسيرا مخالفا يبشرهم بخبر قد يكون حلا لمشاكلهم و واقعهم، كما صرّح لنا محمد أنه يحزن كثيرا لتلك المواقف ، لا سيما إذا ما بدرت من أشخاص متعلمين و مثقفين، و تضيف لنا السيدة أمينة في سياق الحديث ، أنها ترفض التحدث عن ما رأته في أحلامها، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بأمور شخصية ، و لا تعيرها أكثر مما تستحق من اهتمام ، بعكس آخرين الذين يجدون فيها المفتاح لكل المشاكل العالقة لديهم ، و ترى أمينة أنها ترفض الاستسلام و الرضوخ لتفسيرات الأحلام ، حيث أن بعضها يغرس أفكار وهمية لا علاقة لها بالواقع ، الذي يتطلب حزما و جدية في التعامل مع المشاكل و يوميات الحياة العصرية، و يقول سمير و لأنه لا يستطيع في الغالب تذكّر أحلامه بعد الاستيقاظ، فإنه لا يفكر في تفسير ما يتذكره منها، ورغم شعوره بالرغبة في ذلك ، فإنه لا يستجيب لها قائلا:" كل أمور الحياة في علم الغيب، ولن أشغل بالي بمعرفة مستقبلي عن طريق تفسير الأحلام". نفسيا: تؤكد مختصة نفسانية أن كثرة رؤية الأحلام لا تتعلق بجنس الشخص، وإنما بارتباطه بالعقل الباطن والأحداث اليومية التي يعيشها، إلا أن المرأة بطبعها عاطفية وتحب التحدث عن أحلامها على عكس الرجل ، كونه أقل عاطفة ولا يهتم بذلك الأمر، وترى أن إفراط المرأة في اهتمامها بتفسير أحلامها لدى المفسرين يعد أمراً طبيعياً، ولا يدخل ضمن الاعتلال النفسي، فهذا الأمر عادة ما يكون منتشراً بين النساء اللواتي لديهن أوقات فراغ طويلة، محذرة بشدة من الانغماس في هذا الاهتمام ، تفادياً لتفسير أحلامهن بشكل خاطئ ، مما يؤثر على نفسياتهن وحياتهن بشكل عام، وتلفت إلى أن الشخص الذي يحلم كثيراً ليس بالضرورة مريضاً من الناحية النفسية، فالمرضى النفسيون عادة ما تقتصر أحلامهم على الجانب السلبي ، فيرون منامات مزعجة تعرف بالكوابيس ، إذ أن العقل الباطن يحاول دائماً تجميل الصورة الحقيقية وتغييرها وهو ما يجعل الشخص يحلم بشيء لم يستطع فعله في الحقيقة.