تؤثر بعض الأحلام على مزاج الأشخاص، لدرجة أنها ترسم برنامج يومهم وفقا للمشهد أو السيناريو الذي جاءهم في المنام.. غير أن لكل شخص طريقته الخاصة في تفسيرها، فهناك من يربطها بالواقع وآخرون يرفضون التحدث عنها وتناسيها كليا. يقضي المرء فترة طويلة من حياته وهو نائم، بمعدل ست إلى ثماني ساعات في اليوم، وهذه المدة كفيلة بأن يشاهد البعض في منامهم أحلاما وكوابيس يستيقظون على وقعها. وهناك من يريدون فك رموز أحلامهم ومعرفة دلالتها، في حين نجد البعض منهم يهربون من تحليلها ويفضلون نسيانها أو تناسيها بصريح العبارة، لما تحتويه من أحداث مزعجة أوحزينة. أحلام مرتبطة بدلالات وأخرى تصنع القرارات.. لكل شخص طريقته الخاصة في تفسير الأحلام والربط بين الأشياء والأحداث التي تقع في الحلم بدلالات في الواقع أو بخلفية معينة، وفي هذا الإطار قالت نسيمة، موظفة بإحدى الشركات الخاصة، “إنها تربط رؤية حلمها دائما بالحالة التي تكون تمر بها في حياتها الشخصية، عن طريق بعض الدلالات التي تفك بها رموز الحلم”. وهناك من الأحلام التي تؤثر على صنع بعض القرارات وتنوب عن أصحابها في اتخاذ مواقف معينة في حياتهم، كالزواج مثلا أو القيام بمشروع ما، وهو ما جاء على لسان حياة، طالبة جامعية،..”تقدم لخطبتي شاب للزواج، وحلمت بمنام جعلني أفكر مليا في عدم القبول به”. تفسير الأحلام مقترن بكبار السن وذوي الخبرة تسجل الأحلام في واقعنا حضورا قويا، لما لها من أثر على حياتنا اليومية، حيث يسعى الكثيرون إلى تفسيرها عند بعض مفسري الأحلام، الذين وهبهم الله تعالى هذه الموهبة، أو عند أشخاص لديهم خبرة في هذا المجال وقدرتهم على ربط الأشياء ببعضها البعض بسرعة عجيبة وفقا لتجاربهم السابقة. كما أن البعض يقصد كبار السن للتزود بتحليل وشرح مفصل لأحلامهم، وهو ما جاء على لسان كمال، بائع في إحدى المحلات، إنه “حلم ذات يوم بموجة كبيرة كادت تغرقه في البحر، بعد محاولات عديدة للنجاة، وهو الأمر الذي جعله يقصد إحدى السيدات الساكنة بحيه والمعروف عنها أنها بارعة في تفسير الأحلام”. من جهتها، قالت حنان، طالبة بالثانوية، إنها تقوم بسرد أحلامها لوالدتها في كل مرة من أجل تفسيرها، وحسب هذه الأخيرة فإن بعض الأحلام تصدق وتعكس الواقع، ولكن ليس دائما”. اعتقادات مختلفة في التعامل مع الأحلام لا يقتصر الأمر في تفسير الأحلام فقط ومعرفة دلالتها فحسب، فهناك بعض الإعتقادات يتبناها صاحب المنام، حسب بعض الأشخاص الذين لهم طريقتهم الخاصة في التعامل مع بعض الأحلام، على اختلاف أنواعها سواء كانت كوابيس أو أحلاما سعيدة. ومن بين هذه الإعتقادات.. بعض الأشخاص يطلب منهم أن يسردوا منامهم وهم يقابلون وجهة البحر، في حالة عدم إيجاد شخص يصغي إليهم، وحكمتهم في هذا الأمر هو أن أمواج البحر تأخذ المنام والشر معها، على حد قول فراح التي حلمت بكابوس ورفضت إعادة سرده نظرا لأحداثه المزعجة، فلم تجد سوى البحر تحكيه له..”. وهناك من الأشخاص من يطلب منهم رواية الحلم كاملا دون نقصان، وعلى الشخص الذي يكون بصدد سماعه أن يسمعه كاملا، وإلا انقلب على صاحبه بحجة أنه فال سوء. وكان للأستاذ علي جمال الدين رأي في هذا الشأن، حيث أكد أن الرؤيا في المنام أنواع.. فعلى من يريد أن يعرف تأويل الرؤى التي يراها في المنام أن يقارن بين سلوكه وسيره وبين الرؤيا التي يراه، فإن كان الإنسان مستقيما طائعا ربه ومحسنا وسائرا في طريق الإيمان، ورأى في نومه رؤيا مبشرة فليطمئن بالا وليهنأ حالا، فهذا دليل على الخير الذي يناله وما عليه إلا أن يواصل طريقه ولا يغيِّر طريق الخير، فهذا يعتبر “منام تثبيت”. وأضاف ذات المتحدث أنه إذا رأى الإنسان السالك سبيل الإيمان رؤيا مزعجة ومنغصة فليعلم أنها من الشيطان أتاه في حين غفلته ليخيِّل إليه تخيلات مزعجة يريد أن يحزنه ويقطعه عن سيره الطيب، فعلى الإنسان أن ينظر إلى سيره، فإن كان طيبا ومستقيما فلا يعبأ بتلك المنامات، وليواصل سيره بطريق الإيمان، فهي رؤى شيطانية فلا يعبأ بها وليثابر على سيره الطيب، فإن شذَّ الإنسان عن سلوك الطريق الصحيح وكان عاصياً ورأى في نومه أنه من أهل الجنة وأهل الخير والسعادة استبشر فيها، فليعلم أنها رؤيا شيطانية أراد الشيطان أن يغرره ويوهمه أنه من أهل النجاة والفوز ليزيده ضلالا على ضلاله ويستمر في غيه، فعلى الإنسان أن يدرك عندها أن هذه الرؤيا من نسج الشيطان. وإذا رأى هذا العاصي والسادر في غيه رؤية مخيفة مزعجة فهذه له بمثابة إنذار ليرتدع عن ضلاله ويرجع عن غيه وعصيانه وفي ذات السياق، قال محدثنا إن نوعا آخر من المنامات يكون عبارة عن أخيلة لا رابطة تربط بينها وإنما هي أضغاث أحلام لا ترمز لشيء، ويكون هذا ناشئا عن ضيقٍ نفسي بسبب فساد الأطعمة في الجوف أو ثقلها على المعدة أو بسبب النوم قبل الهضم، أو غير ذلك من الحالات المرضية، مضيفا أن بعض المنامات لا يستطيع أن يفهمها أي إنسان، ويشترط فهمها أن يكون الإنسان تقيا مستنيرا بنور الله حتى يستطيع تأويلها، كالرؤيا التي رآها ملك مصر وأوّلها سيدنا يوسف عليه السلام.. فوقى بذلك مصر وأهلها من القحط والجفاف والجوع سبع سنين.