كتب الأديب الأستاذ الدكتور محمد طرزان العيق عن لقاء الأديبة سناء الشعلان الأردنية، ذات الأصول الفلسطينيّة بالأديبة البلغارية المستشرقة البلغاريّة الشّهيرة مايا تسينوفا:"تمتَّعنا بعرسٍ ثقافي فلسطيني احتفى به جمهور غفيرٌ من البلغارِ والعرب، والفضل يعودُ إلى أديبةٍ فلسطينيَّةٍ هي سناء شعلان، حيثُ كتبتْ فصولاً عن الحبِّ والحياةِ والذكرياتِ والأماني، وقد جَمَعتْها في مجموعة قصصيَّة تحتَ عنوان ''قافلة العطش''. لفتَ العنوانُ والمحتَوى نظرَ أديبِنا الفلسطيني المزدَوجِ ثقافةً بلغارية وعربيّة خيري حمدان، وهو المتعطِّشُ أبداً للثقافة والفنون، فترجَمها وبسرعة قياسيَّة إلى لغة البلغار بأسلوبٍ أدبيٍّ شيِّق.وهنا جاء دور دكتورنا العزيز حيدر مصطفى رئيس جمعية خريجي بلغاريا والوفيُّ إلى وطنَيْه فلسطينوبلغاريا، فقد قام بتسهيل طباعتها، وساهمَ هو والدكتورة سناء في تقديم وتوزيع المجموعة القصصية إلى محبٍّي الأدب والثقافة في بلغاريا!000 لم تقصِّر بلغاريا حكومة وشعباً ومؤسسات على استضافة الكاتبة الدكتورة سناء والدكتور حيدر، وهنا حصل اللقاءُ العفويُّ بين قمتَيْنِ أدبيَّتين، وهما الدكتورة سناء شعلان والشاعرة الأديبة بلغارية المولدِ وفلسطينيّة الهوى مايا تسينوفا فكانتا وجهينِ لعملة واحدة وجسدينِ في روحٍ واحدة فأمتعْنَنَا خلال الأمسيات الأدبية بغاءٍ روحيٍّ رائع". وقد قالت مايا تسينوفا عن هذا اللقاء:"اسم سناء يعني في البلغارية الضيَّاء، أمَّا اسمُ عائلتها فيرتبطُ بتوهِّجِ الشُّعلة! فهل هذا محضُ صدفة؟! لا أعتقدُ ذلك، ومنذ لحظةِ تعارفنا كانَ للشعلة حضورْ0 قالتْ سناءُ بعد دقائق من تعارُفنا وتلاقينا: ''أنا وأنتِ التقينا صدفةً ''، و''أنا، أيضاً بمحض الصدفةِ قد قبلتُ الاقتراحَ بأن نلتقي في الجامعة''0 والحقيقة لا يوجد هنا أيُّ مجالٍ للصُّدفة سواء أكانَ ذاك في اسمها أم في اللقاء! والمنَاسَبَةُ هنا هي تقديمُ "قافلة العطش"،وهو أول نِتاجٍ لها مترجمٍ إلى اللغة البلغارية بواسطة الأديب خيري حمدان و طُبِعَ بدَعمٍ كريمٍ- ليس مادياً فقط - من قبلِ الدكتور حيدر ابراهيم مصطفى0 استضيفت سناءُ في الأمسية الأولى في جوٍّ حميمي في مكتبة ''بيتِ الطيور'' وأمَّا الأمسية الثانيةُ فكانت في صالة ''فيفا كوم آرت هول'' وفي الأمسيتيْنِ كانت سناء المركز الطبيعي للحدَثْ،ليس فقط من حيث العنوان، وإنَّما أيضاً من حيث خلق الجو وجوهر الحديث!وفي الحالتين لم يكن الجمهورُ الحاضرُ سلبياً في تفاعله وكانت سناء بمثابة الحوار الحي! و منذ الأمسية الأولى أبهرَتْني بسرعة بديهتها وذكائها الحاد وصراحتها الجريئة التي لا ترحم وكانت تنزع سلاح كلَّ تحذيرٍ أو توقِّعٍ محتمل تجاه ذاتها، أو تجاه جذورها وتجاه نواياها ومفاهيمها المستقبلية، وفي حين كنتُ منهمكةً بتوجيهِ كلَّ طاقاتي ومجهودي كي أتابع جُملها الطويلة، كنتُ أغضبُ من نفسي وألومها لأنِّي لا أستطيع مواكبتها وأن أخزِّن بذاكرتي بعد كلِّ هذا، كلماتها التي كانت تَمرُّ إلى جمهورِ الحَاضرينَ عَبْري0وقبل أنْ أدخلَ بقليل إلى الأمسية الثانية التي نظَّمتها (المنظَّمة الدولية للهجرة) بدأتُ أتساءلُ ; هل ستكرِّرُ سناء بعضاً مما قالته البارحَةُ في أمسيتِها الأولى؟!لا لم تكرّر أو تعيد أيَّة كلمة، لقد كانت في الليلة الثانية مختلفةً تماماً سواءً بثوبها الفلسطيني، أو في كلماتها، وحتَّى في أسلوب حديثها!00 وفي لحظة ما من بداية حديثها احتضنتني فجاوَبْتُها بالمِثْلِ وهكذا بقينا متعانقتين طوال الأمسية0وفيما بعد ذكرتْ لي إحدى صديقاتي ،معلِّقةً، كنتما تبدُوانِ اثنتيْنِ مُلتَحِمينِ في جسدٍ واحد وأفكارنا كانتْ واحِدة0 بدأت سناءُ حديثها قائلةً في الماضي البعيد، كان العربيُّ ينتصب واقفاً على قدميْهِ في حالتين - عندما يذهبُ إلى الحرب أو عندما يُلقي شعراً، وها أنا أقفُ أمامكم ليس لأن هناكَ حربٌ ، وإنَّما لأقولَ لكم، من خلالِ أدبي أنِّي أحبُّكم، ثم تابَعتْ قائلةً، تلبسُ الفلسطينيَّة ثوبَها التقليديَّ المطرَّز الثمين في المناسبات الخاصَّة، إمَّا من أجل العيدِ أو من أجلِ أنْ تعبِّرَ لشخصٍ ما عن حبِّها له، وهكذا فلقد ارتديتُ ثوبِيَ الفلسطيني التقليدي لأقولَ لكم بأنِّي أحبُّكم، ولكي أشكُرَكمْ لأنَّه قد جرتْ العادةُ أنْ يُستقبلُ الفلسطينيُّ في العالَمِ كمجرم، أمَّا أنتم فقد استقبلتُموني بالمحبَّة، وهذه المحبَّة هي الطريقة الوحيدة التي سيحصلُ الفلسطينيُّ بواسطتها - يوماً ما -على حقوقه الطبيعية، ليس لأنَّه أفضل من الآخرين، وإنَما لأنّ من حقِّه الطبيعي أنْ يعيش بحُرِيَّة وبكرامة0 لديَّ الكثيرُ من العيوبِ ولن أستطيع أن أتخلَّص منها، لكنَّني أتمتَّعُ بميزةٍ جيِّدة، ألا وهي الصراحة، لديَّ الآلاف من وصفات الحبِّ والعلاقات النَّاجِحة ولكن إلى يومنا هذه لم تفدني أو تساعدني أيُّ واحدةٍ منها!00 إنَّ أبَ البشريَّة -أبانا آدم وأُمنَّا حواء اليوم غاضبان علينا لأنَّنا في أيامنا هذه نحنُ البشرُ الحاليُّون نقترِفُ الخطيئة الكبرى تجاهَ أنفُسِنا، إننا نستسيغ الحقد والضغينة0 أكتبُ عن الحبِّ لأنَّه وسيلتي لكي أبصقَ في وجهِ الكراهية والحرب، ولكي أقول لكم بأنَّنا جميعاً نحتاجُ إلى الحبِّ، وبأنَّنا كلُنا مَدينونَ لهُ0 لمْ يبقَ لدَيَّ شيء أضيفهُ سوى تلكَ الفكرةَ "اللفتة" الذكيَّةَ جداً من قبل مُنظمي الأُمسية في ''بيت الطيور'' حيثُ أنهم وضعوا على كلِّ كرسيٍّ من كراسي الجمهور وريقَاتٍ للحظِّ مكتوبٌ عليها عباراتٌ مختارة من كتابِ سناء وأيضاً لكي أتباهى ب ''ورقة حظِّي'' التي أعجبتني كثيراً، ولكي أُحَيِّي أيضاً زميلي وصديقي خيري حمدان على ترجمتِهِ المجموعة القصصية لسناء، وأني لأنتظرُ منها نسخَتي العربية كي أُشْرِكَ معي في 'حظِّيَ الفريد أصدقائيَ العرب أيضاً.