تعد مدينة قوراية إحدى أجمل المدن التي تربّعت على عرش ولاية تيبازة وإحدى أبرز المعالم السياحية التي تزخر بها هذه المنطقة على غرار مناطق أخرى مناطق أخرى، لأنها بقيت تحتل مكانا خاصا وموقعا جماليا لدى الزائرين .غير أن الطبيعة وحدها لم تكف بل أن نقص المرافق الإجتماعية والخدماتية شوّه منظرها وأضحى ساكنوها في دوامة البحث عن الأساسيات، وسط الغابات الكثيفة ومياه البحر الزرقاء وتحت بيوت بنيت معظمها بالطوب وبلوازم بدائية لا تزال تعتمد على الخشب والحجارة والكانون . الغابة من أمامكم والبحر من ورائكم هي طبيعة المنطقة، بحر وغابات فقط وسكان يعدون على الأصابع لافتقارها لمقومات الحياة الكريمة، نساء لازلن لحد اليوم يحملن على ظهورهن الخشب للتدفئة والطبخ وحتى الأفران التقليدية لا تزال صالحة للإستعمال، لسبب واحد هو أنهم لم يجدوا جناح التنمية الذي يرفعهم إلى أعلى المراسم، كما أن طبيعة المنطقة الجبلية والفلاحية سمحت لأطفال المنطقة أن يعتنقوا مهنة الفلاحة منذ نعومة أظفارهم فتوقفوا عن الدراسة في سن مبكرة واتجهوا نحو الحرث والزرع وتربية المواشي والأبقار والأغنام، حتى أنه إكتشفنا خلال جولتنا التي قادتنا إلى هناك براءة تجيد الحرث بالمحراث أفضل من الكبار، مضيفين بأن الخبرة هي التي تفرض نفسها هنا وحب العمل والأرض التي ولدوا فيها، فعلى الرغم من سنوات التصعيد الأمني التي شهدتها المنطقة إلا أنهم تشبثوا بأرضهم ولم يطلقوها لحد اليوم عدا بعض العائلات التي لم تتحمل البقاء وانتقلت نحو المناطق المجاورة، يضيف "حميد" أرضنا لايمكننا الإستغناء عنها. التنمية في واد والتخلف في واد آخر السكان الذين التقينا بهم خلال جولتنا إلى تلك المنطقة ذكروا بأنهم لم يصلوا بعد إلى القرن الواحد والعشرين بل لازالوا يعيشون في عصر الكهف مثلما شبهوا أنفسهم، وذلك بسبب انعدام مختلف المرافق الضرورية خاصة ببعض الدواوير التي تقع هناك مثل دوار بن بختي الواقع شرق المنطقة، حيث اشتكى السكان من انعدام شبكة المياه الصالحة للشرب فبقيت بعض البيوت بدون ماء إذ يضطرون إلى التنقل بالقارورات من أجل جلب الماء باستثناء الذين يملكون بئرا، حتى أن بعضهم لم يعرف الحنفية مستغربين في نفس الوقت عن السبب على الرغم من موقع المنطقة الساحلي. من جهة أخرى ذكر السكان أنه يعيش بالمنطقة أكثر من 100 عائلة منذ عدة سنوات دون كهرباء فتحولت أيامهم بكاملها إلى ظلام، وما زاد الطين بلة حسب السكان هي الفضلات المنزلية التي اختلطت بالأدوية الكثيرة المتواجدة بنفس المنطقة، ما سيؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة. وسائل النقل... حمار أوعربة و 4x4 في الأحلام مشكل آخر يؤرق السكان هو انعدام وسائل النقل الذي أزّم من حجم المعاناة وجعل السكان يتكبدون مشقة التنقل كليلومترات الى أماكنهم المعنية قصد قضاء شغلهم، وحتى المتمدرسين أصبحوا يدفعون ثمن انعدام هذا المرفق بالحي، والذي من شأنه أن يحي المنطقة، وبات التأخر والرسوب من صفات الأبرياء، وذكر أحدهم أن الأطفال المتمدرسين يتخذون من ظهور الحمير والعربات وسيلة نقل لهم هذا ولمن كان له الحظ، أما لمن يتسنى له إيجاد هذه الوسيلة فما عليه سوى الإنتظار أو العودة إلى المنزل راجلين كون أن المدارس تقع بعيدا نوعا ما عن مقرات سكناهم، خصوصا في الفترة الصباحية من الدخول إلى المدرسة أو عقب خروجهم وهو ما يزيد من خوف السكان على فلذات كبدهم من الإعتداءات والإختطاف والسرقة كونهم صغار، في سياق آخر ذكر المتحدثون أن المنطقة معزولة وهي ما جعلها تعاني من هذه المشاكل ولكن تغاضي السلطات وإهمالها زادتها عزلة. "قوراية" في الصيف حية وفي الشتاء ميتة من ناحية أخرى ذكر السكان أنهم يتنفسون الصعداء فقط في الصيف بسبب استقطابها للزوار من مختلف المناطق، قصد التمتع بالشمس وزرقة البحر لما تزخر به من شواطئ خلابة، كما أنها وطيلة فصل الصيف معظم طرقاتها تشهد اكتظاظا منقطع النظير نتيجة غزو السياح إليها في حين تموت في فصل الشتاء بسبب افتقارها لمرافق سياحية ومقومات أساسية على غرار وسائل النقل والإنارة العمومية، وعلى هذا فإن السكان بمدينة قوراية يطالبون السلطات المحلية وعلى رأسهم الوالي بتخصيص مبالغ مالية لإنعاش المنطقة طيلة أيام السنة ليس في الصيف فقط، كما يطالبون بتوفير النقل المدرسي لأبنائهم حتى يعودوا إلى مقاعد الدراسة وهم على متن حافلات وليس حمير.