كثرة الأحزاب لا تعني "تقدم وتطور" الدول، والاعتماد على نظام الحزب الواحد في أي دولة، لا يعكس بالضرورة دكتاتورية النظام الحاكم. الجزائر مثلا، اعتمدت نظام التعددية السياسية منذ عام 1989، ومن يومها ظلت البلاد "تتقدم" الى الوراء، وتتراجع عن ركب التطور مقارنة بدول أخرى صغيرة لا يمكن بأي حال مقارنتها بها، فيما ظلت الصين، ومنذ إعلان تأسيس الجمهورية من طرف ماوتسي تونغ عام 1949، وإلى يومنا تعتمد نظام الحزب الواحد، ومع ذلك ها هي دولة المليار و300 مليون نسمة، تحجز لها مكانا في مصاف الدول الكبرى التي يحسب لها الحساب. في هذه الدولة الكبيرة والمتقدمة، لا تقاس "الشرعية" بالانتخابات، ولكن بنسبة المساهمة في التنمية، لأن الصينيين لا يعرفون ما يسمى "الانتخاب الشعبي المباشر" للرئيس، كما يحدث عندنا وفي كثير من الدول المتخلفة. الشعب الصيني ينتخب ممثليه من أعضاء الحزب، وهؤلاء ينتخبون أعضاء مؤتمر الشعب الذي ينتخب رئيس البلاد ونائبه، ووفق هذا التقليد وصل الرئيس دنغ شياو بينغ إلى الحكم وشرع في اعتماد الانفتاح الاقتصادي للبلاد عام 1979. عندما أصبح المهندس هو جينتاو رئيسا للصين عام 2003، أعلن عن برنامج واسع، يرتكز أساسا على التصدي لجميع أنواع الفساد، ومن أبرز بنوده "استغلال السلطة لمنافع شخصية، والصفقات السرية، والرشوة"، ثم جاءت القيادة الحالية للصين بقيادة الرئيس شي جين بينغ، وواصلت المسيرة بإعلان حملة لمكافحة الفساد، أوقعت بجنرالات في الجيش ومسؤولين كبار في الحزب، منهم رئيس الوزراء السابق، وامتدت الحملة لتشمل عددا من الشركات الكبرى، وكلها "ملكية عمومية". وتتحدث أخبار عن أن أكثر من مائة مسؤول كبير، صدرت ضدهم أحكام بالسجن عام 2013 لتورطهم في صفقات فساد، كما أن العقوبات تصل أحيانا إلى الإعدام بالرصاص ويجبر أهل المعدم على دفع ثمن الرصاصة... هل مازال من يعتقد بدور التعددية في نهضة البلدان؟