حثت الولاياتالمتحدة جميع الأطراف في تركيا على دعم حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في مواجهة محاولة انقلاب فيما عبر زعماء العالم عن القلق إزاء الاضطرابات في البلد العضو بحلف شمال الأطلسي والذي يربط أوروبا بالشرق الأوسط. وتحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما هاتفيا مع وزير خارجيته جون كيري وقدما الدعم لإردوغان بعد أن قالت بعض قوات الجيش التركي إنها استولت على السلطة الجمعة. وبحلول أمس السبت بدا أن إردوغان استعاد السلطة. وقال البيت الأبيض في بيان "اتفق الرئيس ووزير الخارجية على ضرورة أن تقدم جميع الأطراف الدعم للحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا وأن تتحلى بضبط النفس وتتجنب العنف وسفك الدماء." ويحكم إردوغان تركيا منذ 2003 ولو كان الانقلاب ضده نجح لكان سيمثل واحدا من أكبر التحولات في الشرق الأوسط منذ سنوات. وكثيرا ما واجه إردوغان انتقادات بسبب تعليقاته الحادة ويتهم بالحكم الاستبدادي ودخل في خلافات عديدة مع جيران بينهم إسرائيل وإيران وروسيا والاتحاد الأوروبي في ظل محاولته لخلق دور أكبر لتركيا في الشرق الأوسط. لكن تركيا حليفة مهمة للولايات المتحدة التي كثيرا ما أشارت إلى البلاد باعتبارها نموذجا جيدا لديمقراطية السوق المفتوح في العالم الإسلامي رغم سجلها المتواضع في مجال حقوق الإنسان. وتدهورت العلاقات بين إردوغان وإدارة أوباما في السنوات الأخيرة إذ شككت واشنطن في أن أنقرة تبذل ما يكفي من الجهد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وثار غضب إردوغان بسبب دعم الولاياتالمتحدة للمقاتلين الأكراد في سوريا الذين تربطهم علاقات وثيقة بالمسلحين الأكراد في تركيا. وتستخدم الولاياتالمتحدة قاعدة إنجيرليك الجوية في تركيا لشن غارات جوية ضد الدولة الإسلامية التي تسيطر على مساحات من أراضي سوريا والعراق. وقالت أمريكا إن تلك العمليات لم تتأثر بما يجري في تركيا. وطلبت وزارة الخارجية الأمريكية من الرعايا الأمريكيين في تركيا "الاحتماء بأماكنهم والبقاء في الداخل". وقالت المرشحة الديمقراطية المفترضة للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون إنها تدعم الحكومة المدنية التركية وتتابع الأحداث في تركيا "بقلق بالغ". حلف شمال الأطلسي يؤكد دعمه دعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى عودة سريعة للنظام الدستوري في تركيا قائلا إنه لا يمكن حل التوترات هناك بالأسلحة. وقال توسك خلال قمة إقليمية في منغوليا "تركيا شريكة مهمة للاتحاد الأوروبي. ويدعم الاتحاد الأوروبي بشكل كامل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا ومؤسسات البلاد وحكم القانون." وعبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرج عن مشاعر مماثلة. ووصف ستولتنبرج تركيا بأنها "حليف ذو قيمة لحلف شمال الأطلسي". وقال شتيفان زايبرت المتحدث باسم ميركل على تويتر "ينبغي احترام النظام الديمقراطي في تركيا. لابد من فعل كل شيء لحماية حياة البشر." وتوترت العلاقة بين تركيا وألمانيا وهما شريكتان أساسيتان في المساعي الرامية لكبح الهجرة الجماعية إلى أوروبا منذ أقر البرلمان الألماني قانونا في يونيو حزيران الماضي يصف مذبحة تعرض لها الأرمن عام 1915 على يد القوات العثمانية بأنها إبادة جماعية. واستدعت أنقرة سفيرها من برلين وهددت برد لم تحدده. وقالت إيران التي لطالما اعتبرت خصما لتركيا ذات الأغلبية السنية إنها تشعر ببالغ القلق من الأزمة في جارتها. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر "استقرار الشعب التركي وديمقراطيته وسلامته شيء مهم. لا غنى عن الوحدة والتعقل." وفي سوريا خرج مئات من مؤيدي الحكومة السورية إلى شوارع دمشق في ساعة مبكرة أمس السبت واحتفلوا عن طريق إطلاق النار بعد أن قالت قوات من الجيش التركي إنها استولت على السلطة من إردوغان الذي يعد أحد أشرس خصوم الرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة. وقال سكان إن مواكب السيارات طافت حي المزة في العاصمة السورية حيث أخذ المحتفلون يصيحون مبتهجين. وشهدت مدن سورية أخرى تسيطر عليها الحكومة احتفالات مماثلة. وتتهم حكومة الأسد إردوغان بتأجيج الحرب الأهلية الدائرة على أراضيها بدعم مسلحين إسلاميين يقاتلون ضد دمشق والسماح لمتشددين أجانب بعبور الحدود من تركيا إلى سوريا. وقال الكرملين إنه يشعر بقلق بالغ إزاء الأحداث في تركيا وإنه أرسل تعليمات للمسؤولين بمساعدة المواطنين الروس في تركيا على العودة في أقرب فرصة. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين في اتصال هاتفي إن الرئيس فلاديمير بوتين يحاط علما بشكل مستمر بتطورات الأحداث في تركيا. وقال وزير الخارجية البريطاني الجديد بوريس جونسون إنه "قلق للغاية" من الأحداث في تركيا حيث يقضي آلاف البريطانيين والأوروبيين عطلاتهم الصيفية. وأدانت باكستان محاولة تقويض الديمقراطية وحكم القانون ودعت وزارة الخارجية الصينية تركيا لاستعادة النظام والاستقرار في أسرع وقت ممكن. ونقلت وكالة أنباء كيودو عن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قوله إنه ينبغي احترام الديمقراطية التركية. وقالت وزارة خارجية بلغاريا إن تركيا أغلقت المعابر الحدودية الثلاثة مع بلغاريا. وكررت الوزارة مناشدتها لمواطنيها بتفادي السفر إلى تركيا. وحذرت المكسيك وكوريا الجنوبية واليابان والهند مواطنيهم أيضا من السفر لتركيا بينما حثت دول مثل ماليزيا وأستراليا ونيوزلندا رعاياها في تركيا على توخي الحذر والبقاء في الداخل ومتابعة وسائل الإعلام المحلية. وأبدى مارتين شولتس رئيس البرلمان الأوروبي رد فعل إيجابيا حيال عودة الوضع إلى الهدوء في تركيا. وكتب شولتس على موقع (تويتر) معلقا على فشل الانقلاب:" أنا أرحب بعودة سيادة القانون صباح اليوم". وطالب شولتس بإنهاء سفك الدماء بالكامل وضمان الفصل بين السلطات وحريات الأفراد واختتم كلمته بالقول إن" الاستقرار في تركيا عامل حاسم بالنسبة للمنطقة برمتها".