أحزاب خرجت الآن فقط من التحالف الرئاسي الذي رشح بوتفليقة لعهدة خامسة، تعلن مساندتها للحراك الشعبي وتثني عليه، وتسوغ مبررات لمواقفها السابقة من قبيل "فقدان البصيرة" حسب الناطق الرسمي للأرندي، شهاب صديق، الذي أضاف أن حزبه "كان ضد ترشيح الرئيس بوتفليقة بسبب وضعه الصحي" لكنه يسترسل "أننا لم نمتلك الشجاعة الكافية لقول كل ما كان يخالجنا وكنا نسير في فلك التحالف الرئاسي" ليختم بأن " المواقف شيء والخطاب شيء آخر" !يذهب شهاب أبعد من ذلك، ليستورد مصطلح "القوى غير الدستورية" من قاموس رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، ويقول إن "هذه قوى سيّرت الجزائر في ال 6 أو 7 سنوات الأخيرة، وتزعجها أحزاب المعارضة والمولاة لأنها تأخذ منها جزء من الحكم ".تصريحات شهاب صديق سبقها خطاب للأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، أرسله إلى مناضلي الحزب يقول فيه إن "على السلطة الاستجابة لمطالب الشعب"، وهي الرسالة التي أثارت جدلا واسعا لأنها جاءت من رجل قضى كل مسيرته في دواليب النظام الذي يقول إنه "إبنه"، لكن اليوم فرض عليه الحراك الشعبي الاستقالة من الوزارة الأولى وربما استشعر نهايته السياسية وهو الذي تلتصق به إشاعة امتلاكه لرغبة جامحة للوصول إلى كرسي الرئاسة، لذا ليس غريبا أن يلتحق حزبه بركب الحراك بحثا عن عفو شعبي ظهر شهاب صديق كأنه يطلبه باعترافه : "إننا جزء من الأزمة الحالية وفقدنا البصيرة". في الجهة المقابلة يطلق حسين خلدون الناطق الجديد باسم الأفلان تصريحات إعلامية مدوية يقول فيها إن "النظام ارتكب أخطاء جسيمة لا تسمح لحزبنا البقاء تحت مظلته"، وبعدها يخرج منسق هيئة تسيير الحزب، معاذ بوشارب، في لقاء مع أمناء محافظات الأفلان، أمس بالعاصمة، ليعلن أن "الأفلان يساند الحراك الشعبي"، هذا الحراك الذي خرج ضد العهدة الخامسة لعيد العزيز بوتفليقة ثم ضد تمديد فترة حكمه، بعدما ساند الحزب بوتفليقة لعشرين سنة من حكمه وكان يقول إنه "رئيس الأفلان" ولا يتواني أمناه العامون في التعبير عن ولائهم له بتملق.أكثر من ذلك، ينقل بوشارب خطاب الأفلان من "بوتفليقة رجل الإجماع وضامن الاستقرار" إلى القول إن "الجزائر لم تستطع إيجاد رئيس الإجماع، منذ الرئيس الراحل هواري بومدين " في إشارة إلى أن بوتفليقة لم يكن يوما رجل إجماع !منسق هيئة تسيير الأفلان الذي كان يلقي كلمته في اجتماع صاحبه توتر بسبب مشادات وملاسنات كلامية تفجرت بين الحاضرين المطالبين بتنظيم مؤتمر استثنائي لانتخاب أمين عام جديد، ظهر تحت ضغط شديد بسبب اتساع دائرة المطالبين برحيله، ولذا راح يطلق اتهامات ضد أشخاص لم يسميهم، قائلا " جاءت الفرصة لإعادة بناء حزب جبهة التحرير الوطني ..هناك حركى في صفوفنا".قد يكون من السابق لأوانه استقراء كل الأسباب التي جعلت وجوها سياسية تغير ملامحها وتنقلب على خطاباتها السابقة، لكن المؤكد أن الحراك الشعبي السلمي الذي انطلق منذ شهر، وضع أحزاب السلطة في عزلة سياسيا وإعلاميا، فإلى غاية الساعات الماضية كانت تكتفي ببيانات تساند القرارات الصادرة في رسائل رئيس الجمهورية، كما امتنع ممثليها عن الظهور في وسائل الإعلام لأن خطابها السياسي لا يتماشى مع الأمر الواقع الذي فرضه الشارع، لذا هي تحاول الخروج من عزلتها بتبني خطاب جديد كأول خطوة..