يقول الأستاذ الدكتور:{محمّد نعيم محمّد هاني ساعي}: أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة الأمريكيّة المفتوحة، في كتابه:القانون في عقائد الفرق والمذاهب الإسلاميّة . إنّه ليس من الطبيعي ولا من الإنصاف، أن تبقى صفة الخارجيّة لاصقة بطائفة أصبح بينها وبين دواعي تلك التهمة أعصر وأجيال وحوادث (قرون وقرون) كانت كفيلة بمن رزق الصدق في النظر والإنصاف في البحث أن تطوي ذلك اللقب طيّا، وأن تدفنه دفنا، وليس من المنهجيّة العلميّة التي تفرضها قواعد النظر والتحقيق أن يُكتب عن طائفة بالنقل من غير أهلها، سواء كانوا منصفين أو منحازين، موافقين أم مخالفين، وإنّما الحقّ والعدل والإنصاف ومناهج العلماء تفرض علينا أوّلا أن نستبعد دواعي الماضي وتأثيراته، وعنصريّة التاريخ وتعصّباته، وأن تستعرض كلّ نحلة أو طائفة عن طريق أهلها ورجالاتها، مع اعتبار ما هو موجود وذائع ومعمول به الآن في واقعها المعاش في هذا العصر وهذه الأيّام.ولأنّا قد جعلنا أولى قواعدنا في قانوننا الكلّي أن نلقّب باللقب الذي نرتضيه لأنفسنا مَن جمعتهم أصول ملّتنا وديانتنا الإسلاميّة وهو لقب المسلمون نسبة إلى الإسلام، فإنّ من أهم أغراضنا في العمل العلمي وهو في الحقيقة جوهر الأعمال العلميّة كلّها، إنّما هو التجديد لهذه الأمّة بإحياء معالم دينها، وأصول إسلامها، ولا شكّ أنّ من هذا التجديد نبذ الألقاب والأسماء الحادثة المخترعة، والعودة إلى اللقب أو الاسم الذي رضيه الله U لنا وسمّانا به، ألا وهو الإسلام والمسلمون، فلا اعتبار عندنا نحن الداعين إلى التجديد لهذا الدين بلقب[شيعة] أو[إباضيّة] أو[خوارج] أو[أشاعرة] أو[سليفيّة] وغير ذلك من الأسماء، إنّما الاعتبار عندنا يكون بمضمون ما تحصّل لتلك الطائفة أو الفرقة، أو ذاك المذهب من أصول هذا الدين، فمن استمسك بتلك الأصول فقد تحصّن بحصن حصين، واتّقى بدرع مكين، وهو المسلم ومن معه هم المسلمون لا نرضى لهم ولا لنا لقبا غير ذلك، هو سمّاكم المسلين . وإذا كان هذا الذي ذكرناه هو غرض القانون العلمي المنهجي الموضوعي، فقد قمنا بهذا مع من يسمّون ب[الإباضيّة] فعرضنا مقالاتهم التي يقولون بها في عصرنا وفي أيّامنا، وعزفنا عمّا كان متّصلا أو متعلّقا بهم في غابر الزمن، أو أعماق التاريخ، ونظرنا في مقالاتهم في كتبهم وعلى لسان أئمّتهم وعلمائهم، طارحين كلّ ما قاله غيرهم فيهم حقّا، أو باطلا، ثمّ أثبتنا لهم من الحكم ما تفرضه قواعد القانون العلمي الموضوعي، ونزعنا عنهم من التهمة كذلك حسب قواعد القانون.لنخلص في نهاية بحثنا إلى ما يتمنّاه طلاّب الحقّ ونشّاد المنهجيّة العلميّة بدون ضجيج، أو عجيج، أو عصبيّة، أو توتّرات وانفعالات مذهبيّة ضيّقة، ونحن نأمل من الله الكريم أن يكون عملنا هذا من الصدقات الجاريّة التي تنفع كاتب هذه السطور المعترف بذنبه وتقصيره، وأن ينفع بهذا العمل كلّ من نظر فيه من المسلمين.شكرا لك أيّها الأستاذ العزيز، فهذه هي الأخلاق الإسلاميّة الطيّبة التي يجب أن يتخلّق بها علماء الأمّة في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن والنزاعات، إذا أرادوا قطع دابر ذلك التفرّق والتباغض، وهذا ما يجب أن يتّبعه كلّ عالم منصف محبّ لوحدة وتماسك أمّته، وهذه من الحسنات التي سيجّلها لك التاريخ، وستجد أجرها كريم عند ربّك U.