كرم سهرة أول أمس مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الفنان والمجاهد بلاوي الهواري، الذي وافته المنية مؤخرا عن عمر ناهز ال91 عاما، حيث وفي التفاتة طيبة أبت محافظة المهرجان، إلا أن تتذكر هذه القامة الفنية والنضالية الكبيرة، التي أفنت حياتها في الإبداع وتربية الأجيال وعصرنة الموسيقى الوهرانية الأصيلة، فالراحل بلاوي الهواري صاحب رائعة "حمامة"، "أصحاب البارود"، "المرسم"، "سرج يا فارس اللطام"، يعد أحد أعمدة الفن في بلادنا، حيث يشهد له الجميع بالتواضع والأخلاق الحسنة والروح الوطنية العالية وقد شكل رحيله قبل أيام من انطلاق مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، صدمة كبيرة وصل صداها مختلف أصقاع العالم، لما يملكه من رصيد وإرث فني يزيد عن 500 أغنية، ودوره الكبير والرائد في تكوين العديد من المطربين الشباب، الذين سطعوا بفضله في سماء "الأغنية الوهرانية" و«الرايوية" على غرار هواري بن شنات، صباح الصغيرة، معطي الحاج، حورية بابا، صورية كينان، بارودي بخدة، جهيدة...إلخ، فالشيخ بلاوي الهواري، يمثل بالفعل قامة إبداعية سامقة ومن الصعب إيجاد خليفة له في الزمن الراهن، لما يملكه من موهبة عالية وحنجرة ذهبية وفضله الكبير في تحديث وتطوير الأغنية الوهرانية، فهذا التكريم يمثل بحق فرصة وسانحة، تبرز مدى اهتمام أهل الثقافة في بلادنا، بأسلافهم وبعمدائهم الذين ضحوا وقدموا الغالي والنفيس من أجل صون الوطن، والرقي بالحقل الثقافي والوصول به إلى مصاف العالمية، فالمرحوم بلاوي الهواري يعد بحق، أيقونة فنية نادرة حيث يزيد نشاطه الإبداعي عن 4 عقود كاملة، فهو الأب الحنون، والموسيقي المقتدر، والمجاهد الثائر، الذي كان صديقا وفيا ومخلصا لشهيد المقصلة أحمد زبانة، فالأستاذ كما يلقبه الكثير من النقاد والمتابعين والفنانين، يمثل هرما إبداعيا قلّما تجد واحد من طينته، يحمل مواصفات وكاريزما فنية، تعرف كيف تسكن أفئدة عشاق الأغنية الأصيلة والملتزمة، بفضل حضورها الأنيق، وصوتها الدافئ الرقيق، ومن ثمة فإن تكريمه يمثل أحسن هدية لهذه الشخصية الفريدة من نوعها، وهو الأمر الذي ثمنه الكثير من الفنانين الذين حضروا السهرة الافتتتاحية، حيث اعتبروا تكريمه هو تكريم لوهران ولسكانها الأوفياء، المحبين للفن والثقافة والسينما والعصرنة والألق الإبداعي المتواصل.