سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اشبه بجريمة نهر السين شهادات تروي حصريا "للجمهورية " أحداث رمي الأهالي بواد مكرة و اقتيادهم نحو المعتقل في 15 أوت 1961 انتقاما منهم عقب 3 عمليات فدائية
- عساكر الاستعمار الفرنسي مدعومين باللفيف الاجنبي داهموا البيوت و المساجد و المقاهي و حشروا المعتقلين بالطحطاحة - العملية جاءت انتقاما من الفدائيين اثر القضاء على ضابط فرنسي و معمرين - الحاج بن النعوم و محمد بوحجى و عباس حنين يتذكرون ونحن نحتفل بذكرى يوم المجاهد التي تصادف 20 أوت من كل سنة ارتأت الجمهورية أن تطلع القارئ حصريا ولأول مرة على أحداث أليمة ومميزة عاشتها مدينة سيدي بلعباس في مثل هذا الشهر من أيام الثورة التحريرية المباركة بعد أن تفضل بوحجي محمد أحد شهود عيان ممن عايشوا هذه الأحداث بتقديم شهادته بشيء من التفصيل . انها أحداث رمي أهالي سيدي بلعباس من الشباب والكهول والمسنين بواد مكرة التي تعد من أسوء الأحداث التاريخية التي عرفتها المدينة ابان الثورة التحريرية المباركة كان ذلك في 15 أوت من سنة 1961 عندما داهمت عساكر الاحتلال الفرنسي الغاشم مدعمة بجنود اللفيف الأجنبي في صبيحة هذا اليوم المشؤوم المنازل والدكاكين والأسواق والمساجد والمقاهي عبر كافة الأحياء التي يقطنها الجزائريون ... وقامت باعتقال الالاف من الشبان والكهول والشيوخ وحشرهم أمام محافظة الشرطة بالحي الشعبي الأمير عبد القادر ( القرابة) بمحاذاة الطحطاحة قبل أن تشحنهم على متن شاحنات عسكرية كالأغنام وترمي بهم في عرض واد مكرة الذي ملأته قبل ذلك بقطع زجاجية . *اعتقال الآلاف و استشهاد آخرين بالتعذيب يقول بوحجي محمد للجمهورية : لقد عمد المحتل في ذلك اليوم الأسود الى حملة اعتقال واسعة شملت الآلاف من أهالي سيدي بلعباس بعد أحداث قتل بالرصاص كانت جرت قبيل أيام وطالت كلا من ضابط فرنسي بحي القرابة قبالة اسطبل موريس و المعمر أوريا بائع السمك بالجملة بداخل المسمكة ومعمرا آخر من جنسية إسبانية كان يشتغل كرئيس لمصلحة التنظيف بالبلدية عادة ما كان يمتطي دراجة نارية تمت كلها بسرعة البرق في عمليات فدائية جريئة من طرف مناضلين لاذوا بالفرار ولم تتمكن قوات الأمن الفرنسي من تحديد هويتهم والقبض عليهم رغم التحريات الدقيقة التي باشرتها في كل مكان فكان المحتل كعادته اللجوء في مثل هذه الحالات إلى صب جام غضبه والانتقام من السكان العزل في محاولة للكشف والقبض على مدبري ومنفذي العمليات السالفة الذكر وهكذا تم اعتقال الآلاف منهم ورميهم في واد مكرة بما فيهم الأئمة ورجال الدين كالمفتي الشيخ البدوي بويجرة والإمام الحاج بن نعوم والحاج بن كابو بخالد . المستعمر أرغم المعتقلين على عبور الوادي المملوء بالزجاج وقد ألزمتهم العساكر على المشي في حافة الوادي تحت المراقبة المشددة وطائلة الضرب والاذلال قاطعين مسافة 500 متر وصولا إلى مزرعة اليهودي المتواجدة بحي سارنا قبالة فيلاج الريح علما وأن فيهم المسنين الذين عجزوا عن المشي فما كان على الشبان المعتقلين معهم الى أن يحملوهم على الأكتاف في مشهد تضامني تازري حير المحتل .
* مفتي المنطقة رفض تسريحه و فضل البقاء مع إخوانه وبمزرعة اليهودي التي تم احتجازهم بها لساعات تحت أشعة الشمس اللافحة - يضيف بوحجي- مر المعتقلون جميعهم الواحد تلو الأخر على العميل ( البياع) الذي كان يغطي رأسه بكيس ولاترى سوى عيناه ليبلغ قيادة جيش المحتل عما إذا كان هذا المواطن له علاقة بالعمليات الفدائية السالفة الذكر أم لا ؟ وقد وشي بالبعض منهم حيث اقتادهم المحتل إلى وجهة مجهولة ولا ندري ماحدث لهم فيما بعد . ولم يطلق سراح جل المعتقلين إلا بعد غروب الشمس في حالة نفسية متدهورة جدا بعد أن استبد بهم الجوع و تلطخت ثيابهم بالأوساخ والقاذورات و الكثيرون منهم أصيبوا بجروح في أقدامهم نتيجة السير في الوادي المليء بقطع الزجاج وقد تم تسجيل بعض الوفيات عند المسنين بينهم عمي ويس. هذا في الوقت الذي عم الحزن والأسى العائلات العباسية التي كانت تراقب الوضع من بعيد ولم يهدأ لها بال إلى بعد إطلاق سراحهم وعودتهم إلى المنازل . وفي اليوم الموالي فرض المحتل حظر التجوال على المواطنين لمدة يومين إذ طوق حي القرابة وحي اللفت وأحياء أخرى وفرض مراقبة مشددة لأجل منع المواطنين من الدخول والخروج. الشباب حملوا الشيوخ على أكتافهم في مشهد تضامني أدهش المستعمر هذا ولازال عباس حنين أحد المعتقلين الذي بلغ من العمر عتيا يتذكر ذلك اليوم المشؤوم بكثير من الألم والأسى . يقول عباس المسكين الذي وجدناه بالحي الشعبي الأمير عبد القادر يعرض على الرصيف بعض المواد تعد مصدر رزقه المتواضع الوحيد لقد داهموا بيتي و أخذوني بالقوة إلى محافظة الشرطة ومن تم رموني وكل المحتجزين في واد مكرة لنقطع عرض مياهه سيرا على الأقدام وأذكر هنا أن رئيس الدائرة غضب لما علم أن المفتي الشيخ البدوي بويجرة تم اعتقاله مع هذا الجمع فأمر بإطلاق سراحه في الحين فتدخل ضابط فرنسي ليخلي سبيله غير أن موقف المفتي كان موقفا رجوليا وبطوليا عندما رد عليه بالقول لن أذهب و سأبقى مع إخواني أكابد ما يكابدون ومصيري هو مصيرهم. موقف لن أنساه ماحييت وأضاف يقول : ونحن نسير في الوادي تعالت زغاريد النسوة المدوية من فيلاج اللفت فنطق الشيخ البدوي معجبا ومفتخرا بشجاعة هؤلاء النساء : حي اللفت يجب تغيير اسمه الى حي الورود . المعتقلون مروا فرادى على "البياع" للوشاية عن الفدائيين أما الحاج بن نعوم وهو عميد أئمة سيدي بلعباس فكان في ذلك اليوم بداخل دكانه الكائن بحي القرابة لما داهموه واقتادوه مع جموع المواطنين إلى محافظة الشرطة . يقول الحاج الذي كان في عمره آنذاك 41عاما متخذا من متجره مكانا ومأوى للفدائيين ولعمليات الاتصال السرية : لقد حشرونا داخل شاحنات عسكرية كالبهائم وألقوا بنا في واد مكرة لنسير على أقدامنا إلى غاية مزرعة اليهودي حيث كان يدلي (البياع )بشهادته على كل من يمر عليه من المحتجزين بشأن المشاركة في العمليات الفدائية الثلاث وأذكر أن البعض ممن وشي بهم اقتيدوا إلى وجهة مجهولة فيما توفي آخرون وهم مسنون بسبب (التمرميد )بينهم عمي ويس.علما وأن الحاج بن كابو بخالد والقاضي والمفتي البدوي . وغيرهم من الأئمة كانوا معي في ذلك اليوم الأسود. المحتجزون اقتادوا إلى وجهة مجهولة هذا ويخلص بوحجي محمد إلى القول لم يمر سوى شهرين على هذه الأحداث الأليمة حتى نظم الجزائريون في باريس يوم 17 أكتوبر مظاهرات سلمية احتجاجا على حظر التجول المفروض عليهم منادين باستقلال الجزائر فكان مصير المئات منهم الرمي في نهر السين حيث لقوا حتفهم مضيفا في هذا الخصوص بأنه يتردد هنا وهناك أن فكرة رمي الجزائريين بنهر السين استمدها الاستعمار الفرنسي الغاشم من خلال إقدامه في أوت على رمي الآلاف من الأهالي بواد مكرة منتهيا بضم صوته إلى كل المجاهدين والمواطنين الذين يطالبون فرنسا الاعتراف بالجرائم التي اقترفتها في الجزائر مدة 132 سنة.ولن نتنازل عن هذا المطلب إلى غاية الاستجابة له. -------