و في كتابها الثاني ''مذاق الخارما اللزج'' و هو مجموعة أقاصيص رحبة أكثر من كونها اقاصيص نحيلة تقع في نصف المسافة بين المقاطع و النصوص الجذرية التي كانت تعج بها كتاباتُها الأخرى و بين الكتابة الروائية و التي كانت السبب الرئيسي في شهرتها التي تخطت كل الحدود ...و من أهم مميزات كتابات ''زويا بيرزاد'' أيضا أنها مبعثرة للزمن بين ما مضى و بين ما هو حاضر و ما هو قادم ...دوائر الحياة و البيئات مختلفة لديها و ايقاعها غيُر ثابت و هو ما أكسبها طابع التفرد ... نعم هي'' زويا بيرزاد'' أهم كاتبات ايران المعاصرات ربما من خلال الترجمات العديدة لكتبها , دخلت معظم لغات العالم فهي صاحبة الحرف الذي يقيم بباريس و مكتباتها أكثر من غيرها من المدائن و تكن لهذه المدينة عرفانا خاصا و تقيم بها حاليا و عمرها لا يتجاوز الستين سنة. تظهر في كتاباتها بطابع روحي مستغرق في النظرة للحياة و للأقدار كثيرة السرحان مثلما يروى عنها , متحجرة في كثافة تفكيرية يحسبها البعض غرورا أو برودة ...تتردد دائما عند طلبها لإجراء حوارات شخصية و تخاف المدائن الكبيرة و ضوضائها فهي تقول حين تجول الشونز ايليزي كما ورد في جريدة لوموند الفرنسية :'' الأصعب بالنسبة لي أن أكون هنا في باريس , لا هناك في شوارع طهران '' ... اذا جالستها تدير الحوار معك , تقدم تعليقاتها بجرأة تستطرد كل معاني الوجل...تشبه زويا كتبها , تروي الاشياء باحتشام صلب, و مقتدر و تقدّر قارئها الفرنسي و تعتبر نفسها مدانة له بالكثير من المحبة أكثر من غيره ...فهي التي قالت:'' ليس هنالك مكان في العالم يقرأ فيه الناس أكثر من مترو باريس '' ...لا تقع نصوصها أبدا تحت ثقل أي كلمة اضافية ...تردد عن نفسها كثيرا : أنا شخص دون شفقة...أحذف كل ما أراه غير ضروري , أحرم نفسي في الحياة كما في الكتابة من فصول أعشقها و مهمتي الوحيدة ليست أكثر من وصولي الى يقين طفولي ... و تكمل قائلة :'' ليس الكاتب سوى قارئا آخرا ...القراءة و الكتابة وجهان لعملة واحدة ''... و تقول عن طهران : ''هي مدينتي القبيحة المحاطة بجبال رائعة'' ...مهووسة بالكتابة , تكتب دون توقف لدرجة الانبهار و تحب التعبد و الكلام الى الأشجار و الفراغ و تعتبرها كيانا مستقلا أصدق من الأشخاص و الانس و كل خرافات البشر الذين يطوون تحتها خياناتهم و شيطنتهم...بالنسبة لها خاصية الكتابة لا علاقة لها بالكتابة ذاتها ...فالكتابة هي فقط أن نرى كل شيء بطريقة مختلفة ....أن نغوص في الحوادث و لا نكتفي برؤيتها من النافذة البعيدة فقط ... جعلت'' زويا بيرزاد'' الأدب الايراني أدب عالمي غير غامض , بكل أحلامه و مقاييسه و حقوق الانسان الذي يمثله و يحمل هويته و انتمائه أحيانا و تسلط الضوء على شعبها كأقلية منغلقة غير معروفة ما تزال قابعة في كتب تاريخية قديمة.