بترسيم يناير، في يومه الثاني عشر عيدا وطنيا، من طرف رئيس الجمهورية، تكون الجزائر، قد حضنت مرة أخرى هويتها الوطنية، الثلاثية الأبعاد، الأمازيغية والإسلامية والعربية، تقوية للوحدة الوطنية وتدعيما للاستقرار داخل البلاد ... ولم يكثف الدعم عند هذا الحد، بل تم تكليف الحكومة بإنشاء الأكاديمية الجزائرية للأمازيغية كمكسب إضافي لترقية هذه اللغة الوطنية، الى جانب المحافظة السامية للأمازيغية، إن هذه الخطوات العملاقة في مسيرة الثقافة والشخصية الجزائرية، سترسخ أكثر الاعتزاز بالمقومات، أمام التأثيرات الثقافية الخارجية، التي لا يكاد يخلو منها عالمنا المعولم. فاللغة الأمازيغية، لغة الأجداد، الذين إنصهرت في بوتقة واحدة مع اللغة العربية، فاستطاعت في سد واحد منيع أن يتحدى محاولات الطمس ونشر الاغتراب الذي عمل دوما الاستعمار الفرنسي طيلة احتلاله للجزائر على بثه في أوساط الشعب الواحد (...) فمن يوغرطة الى ماسينيسا الى عقبة، وطارق بن زياد ولالة نسومر الى الأمير عبد القادر، وصولا الى قوافل الشهداء الأبرار الذين إرتوت هذه الأرض بدمائهم القانية، كان الشعار، دائما الوحدة التي تنجم عنها القوة فبدونها ما كانت الجزائر تفتك الحرية الغالية والإستقلال الثمين، ولقد برهنت الدراسات على أن أكبر علماء اللغة والشريعة، تربوا في أحضان الأمازيغية، وشربوا من لبنها حتى أعطوا للناس علوما مستفيضة جلبت الاحترام والتقدير للوطن، لنذكر هنا ثلة من هذه الصفوة، كالراحلين، مولود قاسم، علي شنتير، وأحمد حماني ومولود معمري الذي أعطى درسا للعالم في التمسك بالهوية الوطنية الأصيلة. إن التنوع داخل البلاد الواحدة هو ثراء لا ينضب، قلما نجده في بلدان أخرى، فمن ثمة لا جرم من الاحتفاظ به، والعض عليه بالنواجد، لأن الثروة الحقيقية لا تكمن فيما تختزنه بواطن الأرض بقدر ما تحتفظ به ذاكرة الأمة من موروث حضاري غزير ينمو في كنف الإنية الموحدة المتعددة المشارب والتي تنهل من مورد واحد هو الجزائر ليس إلا.