لقد أصبحت الأخبار الكاذبة موضوع الساعة, وأعطاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ,صدى عالميا بعد أن استعملها "كإسم علم" للصحافة التي تناصبه العداء في بلده. غير أن الأخبار الكاذبة ليست وليدة عصر ترامب ومعاصريه من السياسيين, وإنما هي سلوك متوارث جيلا عن جيل في المجتمعات الغربية , والأرشيف الإعلامي لهذه المجتمعات مليء بالأكاذيب (خارج مجال البروباغندا التي قد تبرر في أزمنة الحرب). غير أن الكذب في الوقت الراهن أصبح هو القاعدة والحقيقة هي الاستثناء. إذ كل الناس أصبحوا ضحية الكذب وكل المجالات عرضة له ولا داعي للتساؤل عن الدافع إلى مثل هذا السلوك في وجود مقولة مأثورة تنصح بألاّ تسأل الكاذب لماذا كذب؟ لأنه حتما سيجيبك بكذبة . ومن هذا القبيل, أن حملة أطلقتها منظمة غير حكومية عبر الويب , لتوقيع رسالة موجهة إلى مارك زوكربيرغ مدير فيسبوك و كل المدراء التنفيذيين في شركات الانترنت و المشرعين الحكوميين , لمطالبتهم "بحماية ديمقراطياتهم" من الأخبار الزائفة من خلال قول الحقيقة بخصوص الحسابات المزيفة , و منع البوتات , و تنبيه المستخدمين إلى المحتويات الخاطئة , وتكليف فرق عمل مستقلة للتصدي للشائعات عبر الويب. ويَعِدُ أصحاب المبادرة , بإيصال العريضة إلى زوكربيرغ يوم الأربعاء المقبل بمناسبة إدلائه بشهادته أمام لجنة الكونغرس الأمريكي حول فضيحة سرقة البيانات الشخصية لحوالي 87 مليون مشترك في موقع فيسبوك و استغلال بيانات حوالي 50 مليون منهم لمساعدة ترامب على الفوز في الانتخابات . والإشكال في هذه العريضة, أنها تدين وتتهم مباشرة الروس بأنهم مصدر الحسابات الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي , وأنهم وراء ترويج الأخبار المضللة عبر النت , و كأن الديمقراطيات الغربية بريئة من هذه الجرائم التي أطاحت بأنظمة شرعية , و أشعلت الفتن و الحروب الأهلية في جميع أصقاع العالم ؟ و لذا كان من المفروض المطالبة بأن يكف الجميع عن تلويث فضاء النت بالكذب, لأن الكذب أصبح اليوم ملة واحدة , و لا فرق بين الكذب الغربي والكذب الشيوعي وكلاهما يهدد السلام و الاستقرار لدى شعوب العالم .