يبدو أن التدابير التي أعلنها رئيس الوزراء الفرنسي من أجل تهدئة الأوضاع الأمنية المتوترة في فرنسا جراء احتجاجات أصحاب القمصان الصفر التي تتكرر كل يوم سبت منذ 17 نوفمبر الماضي , لم تكن في مستوى تطلعات المحتجين , كونها اقتصرت على تعليق تطبيق الرسوم الجديدة المقررة لمدة ستة أشهر, من أجل مباشرة مشاورات حولها مع كل الفئات الاجتماعية . و أوضح المسؤول الفرنسي أنه : *لا ضريبة تستحق أن تضع وحدة البلاد في خطر، ومن أجل تهدئة الأوضاع قررنا اتخاذ ثلاثة إجراءات ضريبية، وهي تجميد زيادة الضرائب على الوقود لمدة ستة أشهر، الامتناع عن رفع أسعار الغاز والكهرباء خلال فصل الشتاء، وأخيرا تجميد التحكم الفني على السيارات*. و توحي تصريحات ممثلي المحتجين الذين يؤيد 72% من الفرنسيين حركتهم , أن خفض أسعار الوقود لم يعد مطلبهم الوحيد , ما دامت قائمة المطالب قد توسعت لتشمل 42 مطلبا , من أبرزها إعادة ضريبة التضامن على الثروة التي ألغاها الرئيس الفرنسي في بداية عهدته , و ربط الحد الأدنى للأجور بالقدرة الشرائية , و إلغاء الرسوم التي تثقل كاهل الفئات الاجتماعية الهشة و رفع الأجور و المعاشات المنخفضة ... و لذا فإن الحراك الشعبي في فرنسا مرشح للاستمرار , كونه لا يختلف في منطقه عن الاحتجاجات التي تحولت إلى ثورات شعبية سواء في الغرب أو في الدول العربية , منطق يبدأ بسقف مطالب محدود , لا يفتأ يتصاعد كلما أرخى الطرف المقابل شعرة معاوية , وخاصة لدى المتطرفين الذين يطالبون منذ البدء *ماكرون بالرحيل والاستقالة *, وبحل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية مسبقة تليها انتخابات رئاسية تعيد الهدوء إلى الجبهة الداخلية, التي ترى أن سياسة الرئيس الاجتماعية و الاقتصادية راعت أكثر مصالح الأثرياء على حساب الفئات الهشة والمتوسطة و الطبقة العاملة, وهي سياسة حرمت ميزانية الدولة من إيرادات ضريبة التضامن على الثروة المقدرة بحوالي 3,2مليار أورو بحجة الحد من نزيف هجرة الأثرياء, وهو توجه وجده بعض المعلقين حتى ضمن إجراءات التهدئة المعلنة التي تحمي حسبهم لوبيات المحروقات التي تحافظ على هامش ربحها على حساب إيرادات الدولة(...). و إذا لم تتوقف احتجاجات أيام السبت , فإن الحكومة متوجهة لفرض حالة الطوارئ التي ستفاقم من خسائر عدة قطاعات اقتصادية تجارية و سياحية على وجه الخصوص , بحكم تزامنها مع اعياد العام الجديد.