- إبن الشيخ عبد الإله الزوبير وعائلته يتسلمون تكريما خاصا من ولاية وهران استحضر منتدى جريدة الجمهورية أمس في وقفة استذكارية متميزة أضاءت متحف الأرشيف أهم المواقف والمحطات التاريخية التي لا تنسى في مسيرة عالم من علماء وهران المتميز في علمه ووطنيته وشعبيته وتواضعه إنه الشيخ المرحوم عبد القادر الزبير أبرز مشايخ العهد الذهبي الذي كان وسيطا بين جيلين من المشايخة بوهرانوالجزائر منهم المفتي الشيخ بن علي عبد الرحمن الملقب بالدزيري وتلميذه الشيخ بن «كابو» الذي بنت له القايدة حليمة مسجدا بحي المدينة الجديدة والشيخ المجاهد بن زيان عبد الباقي والجيل الذي عايشه الشيخ الزبير كالشيخ المهدي بوعبدلي والشيخ الياجوري والشيخ الأطرش السنوسي وغيرهم وقد تميز هذا اللقاء التاريخي بحضور السلطات المحلية ممثلة في السيد عبد القادر معروف نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي وثلة من رفاق دربه وأبناء الراحل وبعض الأئمة والمشايخ في صورة الشيخ بلقوت حسين مدير مؤسسة الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس والشيخ عبد المالك بن يوسف رئيس المجلس العلمي ومدير الشؤون الدينية والأوقاف السيد مسعود عمروش الذي استهل هذه الوقفة التاريخية بقراءة رسالة الافتتاح نيابة عن والي الولاية السيد مولود شريفي الذي تشرف بهذه الندوة المتميزة حول شخص متميز جزائري في علمه ودينه وشخصيته في مدينة حباها الله بالقرآن الكريم والعلم والمنظر الجميل لتكون كما جاء في كلمة الوالي ثغرا للربطات والمعرفة بعدما حررها طلبة العلم من الاستعمار الإسباني عام 1792 مضيفا انه وبفضل الأيادي البيضاء لفخامة رئيس الجمهورية أعادت المدينة وهجها العلمي وحياتها الروحية التي تكللت بتدشين خلال السنوات الاخيرة كل من الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس ومسجد الأمير عبد القادربحي البركي ومسجد الطلبة بجبل المايدة بقلعة «سانتا كروس» بالاضافة إلى استضافة عاصمة الغرب لفعاليات الأسبوع الوطني للقرآن الكريم تحت رعاية الوزارة والذي شارك فيه خيرة العلماء والقراء وهو الحدث الديني الذي شهد تغطية إعلامية متميزة باحترافية لجريدة الجمهورية التي اعتبرها والي وهران منبرا دائما للأدباء والعلماء والمشايخ لدفاعها عن حرية التعبير وقيم الجمهورية وتراث المرجعية وعن شخصية المرحوم الشيخ عبد القادر الزبير أكد والي وهران أن الجزائر أحوج اليوم في زمن التعايش أن تقتدي بهؤلاء العلماء في التسامح وقبول الرأي الآخر حيث كانت وهران مدينة نموذجية للتعايش السلمي بين مختلف الآراء حيث كان الشيخ الزبير يجلس مع أعضاء جمعية العلماء المسلمين ومع شيوخ الزوايا وجمع بينهم ويتحرى الفتوى ولا يبدي رأيه إلا بتفحص وتدقيق ملتزما بالمذهب المالكي وكانت غيرته الوطنية لا حدود لها و اختتمت هذه الكلمة إلى دعوة الشباب بالتمسك بتراثه وقيمه الوطنية وأن الإسلام والوطن وجهات لعملة واحدة. ليفسح المجال لضيوف المنتدى الذين تحدثوا عن خصال المرحوم ومواقفه الجدية وطبعه المرح لتميزه بروح الدعابة حيث اعتبر السيد معروف عبد القادر نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي العلامة الشيخ الزوبير شخصية فريدة من نوعها ومن الصنف الذي مهما اجتهد الواحد منا لا يتسطيع ان يختصر الكلمة عنه نظرا لعطائه وشخصيته الفذة قائلا أنه تشرف بلقائه في عدة مناسبات ليكتشف أنه شخص يتميز بالذكاء والفطنة والنكتة التي كانت لها حكمة كبيرة تجعله منفرذا بطبعه المرح واحترامه للغير واستحضر موقفا للشيخ الزبير عندما كان حاضرا في مناسبة لعقد القران أين أشرك بطريقة سلسة كل من الشيخ لطرش والشيخ معمر في إتمام هذا الزواج واكتفى هو بالدعاء مؤكدا انه سمع منه شخصيا ما قاله عن وزير الشؤون الدينية الأسبق المرحوم مولود قاسم الذي كان يتصل بالشيخ الزوبير هاتفيا للترويح عن نفسه وفي حديثه عن شخصية الشيخ الزوبير أكد الشيخ بلقوت مدير مؤسسة الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس أنه لا يمكن في هذا المقام أن نختصر عمرا في كلمات ولا أن نختزل مواقفا في وقفة لأن الرجل أكبر من أي وصف فتاريخه يشهد له فاعتبر الشيخ بلقوت أنه أقل من أن يرفع رأسه ويتحدث عن الشيخ الزوبير لأنه كان تلميذا من تلاميذه عندما كان رئيسا لمجلس الإفتاء حيث كان ينعشهم بنكته وبأ راءه القيمة وبرزانته وبسمته التي لا تفارق سماحة وجهه البشوش وشهد له بأنه الرجل الذي كونته الحياة التي لها كتابين الأول منشور والثاني مستور وهو قرأ الكتابين معا وأعظمها القرآن الكريم. وكانت لمداخلة رفيق دربه بجامعة القروين الشيخ المحامي يقاش مرتضى الذي عايش شباب الشيخ ورافقه كمناضل وطالب جد ثرية ومتميزة كشفت جانبا مهما من حياة العلامة الذي يجهله الكثيرون حيث تطرق صديق عمره للميزات والقيم التي كانت يتمتع بها الشيخ الزوبير منذ ريعان شبابه حاملا صورة فوتغرافية ناذرة للمرحوم التقطت عام 1947 وصرح الشيخ مرتضى أنّ الشيخ الزبير كان في معيشته فقيرا وغزيرا في علمه ونضاله ومواقفه الوطنية المشرفة، حيث ولد ونشأ في مدينة سيدي بلعباس وعاش حياة بسيطة خلقت منه رجلا عالما وعصاميا ومكافحا واستحضر بعض مواقفه التي يحتفظ بها في ذاكرته لحد الآن مشيرا أن الفضل في تكوين هذه الشخصية المرجعية هو الشيخ بن كابو رحمه الله الذي كانت زاويته في سيدي بلعباس ملجأ للطلبة من حفظة القرآن العظيم وعرف عن الشيخ الزبير أنه كان طالبا لامعا ورفيقا للشيخ سيد أحمد إبن الشيخ بن كابو الذي حاز على العالمية بجامعة الزيتونة قبل أن يغادر إلى مدينة فاس بالمغرب أين بدأ نشاطه العلمي والسياسي. مؤكدا أنه كان يرافقه في المأكل والمشرب والنوم وفي هذه الفترة كان الشيخ الزبير عضوا ومناضلا في حركة إنتصار الحريات الديمقراطية التي نشأت عن حزب الشعب عندما أنشأ تنظيم سري للطلبة الجزائرين بمدينة فاس الذي أشرف عليه المجاهد خيضر ليخلفه بن ددوش الذي ترك التنظيم قبل ان يتولى المتحدث المهمة إلى جانب الشيخ الزوبير الذي كان يقوم بترجمة المناشير التي كانت تصلهم من مركزية الحزب بالعاصمة كما فضل الدراسة بجامعة القروين إختياريا لحضور حلقات الدروس كلها وليست فقط الدروس النظامية إذ كان يتميز بسرعة الحفظ والبديهة والذكاء والمثابرة وموهوبا في النحو وضليعا في الفقه على المذاهب الأربعة وحفظ عن ظهر قلب ألفيات ابن مالك إلى درجة أنه كان يتفنن في تحويل الأبيات الشعرية باللغة الفرنسية بشكل هزلي وطريف واعترف الأستاذ مرتضى أن الوضعية المعيشية التي كانوا يمرون بها جعلته يقتسم إياه المعاش الذي يرسله الوالد مع الشيخ الزوبير ثم عين بعد ذلك إماما ومفتشا حيث قام بدوره الكامل في أداء هذه المهمة بشهادة الأئمة وكان يرافق الحجاج ويلقي الدروس في مكةوالمدينة حيث ملأ حياته بالعمل والعلم واعتبر أنّ فترة تواجده بفاس كانت ذهبية قبل أن يعود إلى الجزائر ليصبح مفتي وهرانوالجزائر كلها. وفي تدخله صرح الشيخ عبد المالك بن يوسف رئيس المجلس العلمي بمديرية الشؤون الدينية بوهران خلال هذه الندوة انه كان يعرف الشيخ الزبير منذ الستينات منذ مشاركته في المسابقة العلمية وتحول إلى الشؤون الدينية كإمام تم تقلد مناصب أخرى ليمنح لوهران الاستقرار والهدوء والارتياح. خاصة وأن هذه الفترة بوهران كان يسودها الجو الديني الأصيل وشهد أنه في فترة إمامته بمسجد الحمري كان يمتلئ عن آخره وتجتمع الشرطة لتصلي معه صلاة الجمعة حيث كان خطيبا ومرشدا ومبلغا للكلمة باللهجة التي يفهمها العام والخاص لتبليغ هدف الدعوة عندما كان الشعب يحترم بقوة أئمة المساجد. وتحدث الأستاذ محمد بلحاج من جامعة وهران عن فترة قصيرة مهمة من حياة المرحوم في أوائل الخمسينات مستدلا ب 10 وثائق صادرة عن الشرطة الفرنسية التي كانت تقتفي حركات وسكون وتوجهات الشيخ الزوبير في هذه الفترة وعرض على ضيوف المنتدى وثيقة صادرة عن الشرطة الفرنسية للاستعلامات أثبتت أن الشيخ الزوبير كان مناضلا في حزب انتصار الحريات الديمقراطية و له علاقة في المغرب مع حزب الاستقلال المغربي وفي وثيقة أخرى صادرة في شهر أفريل من عام 1952 تتكلم عن الشيخ الزوبير بأنه انقطع عن الدراسة بالجامعة بسبب الفقر وعليه التحق بمدرسة الحياة بحي كارطو وكان أحد أهم معلميها إلى جانب الشيخ زابوري وهي المدرسة التي كانت تابعة لحزب الشعب والتي كانت تلعب دورا كبيرا في الحركة الوطنية والفضل يعود بالدرجة الأولى إلى الشيخ الزوبير الذي التحق بعد ذلك بمدرسة الشهاب التي كان يشرف عليها الشيخ بوجمعة بلبشير، حيث كانت مواقفه سببا في عقد الصلح ما بين المسؤولين ووسيط لحل الصعوبات. وفي ختام هذه الندوة التاريخية تفضل إبن المرحوم الزوبير عبد الإله بذكر خصال والده الذي كان متواضعا وبسيطا ومتسامحا مع أبناءه مثلما يتعامل مع الأخرين من عامة الناس. وقال أنه كان محبا لجميع الناس ولم يكن متشددا في تعامله مع أولاده حيث كان بمثابة الصديق المقرب لهم ولا يرفض أي يشخص يستشيره في شؤونه الخاصة إلى درجة أنه خصص مكتبا في منزله لاستقبال الناس وعقد الصلح بين المتخاصمين وحل القضايا الشائكة بالحكمة و الرزانة.