في ليلة ماطرة باردة حرارتها 8 درجات، رافقت أول أمس "الجمهورية" فيها الفريق المتطوع لمجموعة "بسمة أمل" الخيرية، فكانت الانطلاقة من حي النجمة المعروف ب"شطيبو" حيث فتح أحد المتطوعين مطعمه لتحضير وجبة عشاء ساخنة، اختار طبقها الرئيسي وجبة "العدس" كما تبرع أحد أصحاب المخابز بأكثر من 100 رغيف وآخر بحوالي 30 خبزة مطلوع، فيما تبرع محسن آخر بماء معدني وغيره بصندوق علب "ياغورت" فاجتمع الفريق لتحضير الوجبة والتوجه في حدود الساعة السابعة مساء إلى ركن بالقرب من المستشفى الجامعي لوهران بالضبط عند مفترق الطرق "بلاص روكس" حيث بدأ الفريق بملء العلب بالعدس الساخن من القدر الكبير وترتيب ما يجب ترتيبه من أجل الانطلاق في عملية التوزيع، حيث توجهنا بعد سويعة من الزمن بزاوية بالقرب من مؤسسة إعادة التربية بالمدينة الجديدة، وما أن لمح بعض المتشردين، الذين كانوا متواجدين بعين المكان، شاحنة المساعدة وقفوا مصطفين على طول الرصيف، حيث كان عددهم يفوق ال 100 شخص ونزل الفريق من الشاحنة وبدأ بتوزيع العلب في هدوء ونظام تامين. مشادات كلامية واحتجاجات وما هي إلا لحظات قليلة حتى تعالت الأصوات معلنة عن نشوب مشادة كلامية، حيث التحقت بالموقع مجموعة من المحتجين، عبروا عن غضبهم على تقديم وجبات لأشخاص يدعون أنهم بدون مأوى في حين يتوجب على الفريق التأكد من الأشخاص قبل تقديم المساعدة لهم وبعد تدخل أحد المتطوعين مؤكدا أن الجميع سيستفيد قرر أحدهم التكلم بالنيابة عن أصحابه من الأشخاص بدون مأوى قائلا :" إننا مجموعات ننام في العراء نعرف بعضنا البعض سواء من ينام بالقرب من المستشفى أو بالقرب من محطة القطار أو بوسط شوارع وسط المدينة وهذه الإعانات موجهة لنا سواء من الجمعيات أو الأشخاص المحسنين ونحن أحق بها.. فلماذا يزاحمنا أشخاص آخرون يعملون ويبيتون بالفنادق ومنهم من ينام بمنزله نريد تزويدنا بالأكل الإضافي لأننا نجوع ليلا فلا نجد ما نسد به رمقنا، لا نريد أن يأخذوا الغطاء الموجه لنا لأن لهم بطانية بمكان مبيتهم لأن بطانياتنا تتبلل بالأمطار كما أن شدة البرد خارج البيوت أكثر قسوة من الخارج، فنحتاج إلى المزيد من الأغطية وقبل أن ينهي المتحدث كلامه تدخل آخر كان يقف بين الصفوف :" نعم لدينا أماكن ننام فيها لكنها باردة ولا تضمن لنا العيش اللائق كما أنه ليس لدينا ما يسد رمقنا حين نجوع فالحاجة والعوز دفعنا للوقوف ليلا في الشارع في انتظار وجبة ساخنة" وانتهت المشادة الكلامية بتدخل رئيس فريق "بسمة أمل" مؤكدا أن مجموعتهم ما هي إلا مجموعة شبابية أخذت على عاتقها إطعام الأشخاص بدون مأوى وغيرهم ممن هم بحاجة إلى الطعام وأن ما حضرته أيادي الخير يكفي لإطعامهم جميعا ووعد المتكلم باسم الأشخاص بدون مأوى الذين يبيتون بالقرب من المستشفى أن يتكفل كرئيس عن مجموعته بتقديم الوجبات لجيرانه في العراء والبالغ عددهم 16 شخصا فيما يتكفل فريق "بسمة أمل" بتوزيع العلب على البقية . مديرية النشاط الاجتماعي لوهران برنامج ثري للعناية بفئة المشردين
أكد مصدر من مصلحة الإسعاف الاجتماعي، التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي بوهران، أن إدارة المؤسسة سطرت برنامجا ثريا للاعتناء بفئة الأشخاص بدون مأوى من خلال تنظيم خرجات ليلية يتم خلالها توزيع الوجبات الساخنة عليهم ونقل عدد منهم للمبيت بالمقر الخاص بالمجموعة الكائن بحي "الكميل" وبعد ذلك توجيههم حسب الحالة والعمر نحو المراكز المخصصة لكل فئة بدار الأيتام أو دار الرحمة أو المستشفى وأحيانا منهم من يوجه نحو مركز الشرطة فنتهم من يكون من بين المتابعين قضائيا بسبب جنحة أو جناية، وغالبا ما يرفض البعض المكوث بالمراكز لأنهم اعتادوا على نمط معيشة معين إلى جانب ذلك، هناك من يستطع التخلي عن مهنة التسول بالنهار مما يدفعه للخروج من المركز. أشخاص يفضلون العراء حفاظا على كرامتهم "الحقرة" في بعض مراكز الإيواء أحد أسباب الهروب إلى الشارع أكد العديد من الأشخاص بدون مأوى الذين صادفناهم ليلة الأحد إلى الاثنين أنهم يرغبون في البقاء بمكان وتحت سقف يحميهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء فلا أحد يمكنه أن يفضل البرد القارس والفراش المبلل والروائح النتنة بدل المكان الدافئ والنظيف إلا إذا كان الوجع بهذا المكان أعنف من سابقه، إذ يقول المعروف ب"التموشنتي" :" لم أفضل الشارع إلا لأنه كأن أرحم بي من بعض مراكز الإيواء جراء المعاملة التي كنت ألقاها من بعض الموظفين الذين يرون أننا أقل منهم شأنا كبشر بسبب ظروفنا كما أنهم كانوا يستغلون أسماءنا والقوائم الطويلة من أجل جلب مزيد من الأغلفة المالية لصالح المؤسسة ويتاجرون بظروفنا وحياتنا الاجتماعية" مضيفا أنه سئم من تعجرف بعض الموظفين ولا ننكر أن من بينهم من كان يكن لنا الاحترام إلا أن هناك موظفين وعمال لم يفوتوا الفرصة لاستغلالنا وجمع المساعدات لفائدتهم كما منهم من يطلب منا رشوة من أجل تقديم واجبهم نحونا فيخرجنا نهارا من أجل جلب المال الذي لا يهمه من أين نجلبه فمن بيننا من يعمل في الورشات وآخر يزاول نشاط البيع والشراء بالأسواق وآخر يتسول وآخر يسرق لنقدم له من مالنا رشوة لتقديم حق ضمنتها لنا حالتنا الاجتماعية وسطرته البرامج الحكومية وأيادي المحسنين ما كان على بعض الموظفين أن يسلبوننا إياه هذا وأضاف متكلم آخر :" نعرف أن بعض المسؤولين لا يعلمون ما يجري وسط مراكز الإيواء ونطلب منهم التحقق من الأمر أو تعيين لجان للتحقيق لكسر يد الانتهازيين و"الحقارة" فنحن لا نحلم بأكثر من المبيت تحت سقف وفي فراش دافئ ومعاملة تحفظ لنا كرامتنا كبشر وما دفعني للمبيت في العراء هو إيقاظي باكرا وإخراجي للشارع بركلة من أحد العمال صباحا والتلفظ بكلام قبيح" هذا وأشار أيضا أن بعض المحسنين اعتادوا على إيقاظهم ليلا في حدود الساعة الثانية صباحا أو الثالثة من فترة إلى أخرى يقدمون لهم أشهى المأكولات ومنهم من يقدم لهم المال من بينهم لاعبي كرة قدم معروفين على مستوى الولاية وسبب قدومهم في ساعة متأخرة لأنهم يعلمون أن من له منزلا فقد غادر إليه ومن يبيت بالعراء فهو الأحق بالمساعدة. انطباعات : )ب م( 58 سنة : "أبيت في العراء منذ سنتين بسبب قضية خلع" بعد أن كنت أبا وزوجا ورب منزل صرت أضع فراشي فوق الشجرة وأبحث عن قوتي خلال النهار ثم أعود ليلا لأفترش الأرض بالقرب من المستشفى، كانت إقامتي بأحد مراكز الإيواء قصيرة وخرجت منها بسبب تعسف أحد الموظفين صرت أنتمي لفئة الأشخاص بدون مأوى أولئك الذين تعددت أسباب تواجدهم بالشارع وكان الخلع سببا لوصولي إلى هذه الحال، نحن نكابد عناء العيش ولا نطلب من المجتمع سوى الاحترام .
)م ق (40 سنة : "قساوة الطبيعة ولا قساوة الكلمات" أبلغ من العمر 40 سنة قضيت منها 29 سنة في الشارع عشت زمنا بالسجن، قمت بشق جسدي في العديد من المرات جرحت جفني وحرقت جسدي، سرقت من أجل سد رمقي، لم أسرق القلاليل أبدا عشت حياة قاسية جدا، أخذوا ولدي مني لأنني لم استطع أن أوفر له الفراش الدافئ والمكان المناسب، لا أرغب في مرافقة أحد للمبيت بمراكز الإيواء لأنهم كانوا يصطحبوننا إلى احد المراكز بعد منتصف الليل لننام سويعات ثم يقومون بإيقاظنا قي حدود الساعة السابعة صباحا ويطلبون منا مغادرة المكان بجسد منهك استسلم مؤخرا للنوم في حاجة إلى المزيد من الراحة. ازعاجهم لنا بهذه الطريقة ومعاملة البعض حتى لا نعمم تجرح مشاعرنا فنحن بشر نختار قسوة الطبيعة على أجسادنا ولا نتحمل قساوة الكلمات على قلوبنا فالاحتقار يثير غضبنا. )ص م( 43 سنة : "الشارع أرحم أحيانا من بعض مراكز الإيواء" أبلغ من العمر 43 سنة تشردت منذ أن كنت طفلا في 13 من العمر، أقمت بالعديد من مراكز الإيواء أذكر في فترة ما من حياتي أنني أقمت بمركز بوهران كان يترأسه حينها أحد المدراء الشرفاء لا يهنأ له بال حتى نأكل ونشرب وننام جيدا لكنه و للأسف تعرض لمؤامرة من قبل بعض الانتهازيين وتم نقله فلم نجد بعده أي احترام خاصة وأن المسؤول الأول أو المدير غالبا لا يعرف ما يجري بالمؤسسة ولا يهتم سوى بالأمور الإدارية في حين كنا نتلقى الإهانة من بعض الموظفين والعمال ما جعلني أفر إلى الشارع باحثا عن كرامتي فلا أحد يغادر المكان الدافئ والنظيف نحو البرد و العراء لولا الإهانة.
)صالح( 43 سنة : "أحلم بسكن يجمعني رفقة زوجتي وأبنائي" أنا أب لستة أطفال أبلغ من العمر 43 سنة غالبا ما أنام بورشة البناء التي أعمل بها فاشتغل نهارا لتوفير قوت أطفالي وزوجتي التي لجأت لبيت والدها وأبحث ليلا عن وجبة ساخنة لسد رمقي مما تجود به الأيادي المتطوعة لا أحلم سوى ببيت يأويني أنا وأطفالي وزوجتي بعد أن عجزت عن دفع مستحقات الكراء آمل أن اجتمع معهم تحت سقف واحد، أرهقتنا مصاعب الحياة ولولا إيماننا بالله وخوفنا منه لوضعنا حدا للنفس التي حرم قتلها كثيرا ما فكرنا بشنق النفس لكن لا نجرأ على مخالفة الشرع. )ق مختار( متطوع مسؤول عن الإطعام : "الأشخاص بدون مأوى بحاجة إلى الاحترام أكثر من الإطعام" في بداية الأمر وجدنا صعوبة في التعامل مع الأشخاص بدون مأوى فكان يظهر لنا أن معظمهم عدوانيين لكننا مع الوقت تنبهنا إلى أن هذه الفئة وبالرغم من أنها بحاجة إلى الطعام واللباس وغير ذلك من الماديات إلا أن حاجتها إلى التعامل الحسن أكثر من ذلك وتعرفنا على أشخاص متفهمين وصرنا أصدقاء نناديهم بأسمائهم ويتعاملون معنا بمنتهى اللطف وصار بيننا احترام متبادل وندعو المسؤولين للالتفات إلى هذه الفئة بتوفير مراكز إيواء لائقة والتأكيد على المعاملة الحسنة التي تحفظ كرامتهم. الطفل المتطوع عبد الجليل : "سعيد بتقديم يد العون لهم وحزين لحالهم" أبي وخالي متطوعان بهذه المجموعة ويحرصان رفقة بقية المتطوعين على إطعام الأشخاص بدون مأوى وقد رغبت المشاركة في هذا النشاط، حتى نبين للجميع أنها فئة تنتمي إلى المجتمع ومن واجبنا أن نوليها بعض الاهتمام.. سعيد بتقديم يد العون وحزين لحال هؤلاء الأشخاص. المتطوع رمزي : نتألم لأوجاع إخواننا الذين يبيتون بالعراء لا أفوت الفرصة كل يوم أحد للمشاركة في إطعام الأشخاص بدون مأوى ورغم اختلاف عقلياتهم وردَات الأفعال إلا أنهم فئة من المجتمع تستدعي أن نقدم لها ما باستطاعتنا من أجل التخفيف ولو القليل من الوجع وبقدر ما نجتهد لمد يد العون لإخواننا نتألم لأوجاعهم فالمبيت في العراء ليس بالأمر الهين وتقديم وجبة ساخنة أو غطاء لهم اقل ما يمكننا تقديمه لهم . الهلال الأحمر الجزائري بوهران "دفيني" حملة لجمع الملابس والأفرشة أطلقت منظمة الهلال الأحمر الجزائري بوهران حملة "دفيني" رحمة بين فئات المجتمع واقتداء بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وقوله :" ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته"، المبادرة لفائدة الأشخاص بدون مأوى وكذلك مرضى مستشفى الأمراض العقلية بسيدي الشحمي والتي ترمي إلى جمع اكبر قدر ممكن من الإعانات من ألسبة وأفرشة وأغذية وذلك تزامنا مع موجة البرد التي تشهدها الولاية . جمعية "القلب المفتوح لالا" بوهران "الظاهرة تضاعفت ويجب التكفل بهم في أسرع وقت ممكن" تقوم جمعية " القلب المفتوح لالا" بوهران بمبادرة لإطعام الأشخاص بدون مأوى بغذاء ساخن مرتين بالأسبوع يومي الجمعة والأحد حسب إحصاءات قمنا بها هنالك حوالي 130 شخص بدون مأوى ضمنهم نساء وأطفال وأماكن تواجدهم خاصة عند القصبة شارع معسكر وساحة "قارقينطا" نحن نتعامل معهم بشكل جيد هنالك من يريد الذهاب إلى مراكز الإيواء معظمهم مدمني كحول نتعامل معهم بشكل عادي وأغلبهم من فئة الشباب من 20 الى 40 سنة ونرجو من السلطات التكفل بهذه الشريحة لان هذه الظاهرة تضاعفت في الآونة الأخيرة خاصة بالقصبة مقابل مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بمدينة الجديدة هناك كثير من ناس يبيتون بالعراء خاصة مع الأجواء الباردة و هنالك أيضا من يأتون من ولايات مجاورة. أستاذة علم الاجتماع سناء الزاوي : البعض يغفل عن جانب انعدام العدل وعدم تكافؤ الفرص في العيش في الحديث عن موضوع اجتماعي مهم بدرجة كبيرة موضوع التشرد علينا أولا أن نميز بين أنواع التشرد من الناحية الاجتماعية فهناك متشردون أجبرتهم الظروف و الكوارث الطبيعية على هذا الوضع فيما قد يوجد متشردون من فئة المراهقين انزلقوا الى التشرد بسبب دوافع اجتماعية و هناك ايضا متشردون من فئة المعوقين و ذوي الاحتياجات الخاصة اما بالنسبة لتأثير ظاهرة التشرد على المجتمع فهي ككل ظاهرة اجتماعية تأثر و تتأثر بالمجتمع و لاتزال تبحث عن حلول لحد الساعة . يتعاطف بعض أفراد المجتمع مع هؤلاء المتشردين و يحاولون المساعدة من خلال جمعيات خيرية لتوزيع وجبات ساخنة و بطانيات في فصل الشتاء خاصة . فيما قد يُحمِّل بعض أفراد المجتمع "الذين حالفتهم ظروف المعيشة الرغيدة" ان صح التعبير ، يحملون مسؤولية هذه الوضعية المزرية الى الأشخاص أنفسهم و يعتبرونهم السبب في وضعيتهم فيما يغفلون جانب انعدام العدل و تكافؤ الفرص في العيش الكريم.