نحو إجراء 10 ملايين اختبار للكشف عن الفيروس في الأربعة شهور المقبلة أجبر كوفيد-19 دول القارة الافريقية على تغيير مخططاتها التنموية، وحت أولوياتها تماشيا والظروف العصيبة التي يشهدها العالم بأسره، في محاولة لتسيير هذه المرحلة الحساسة وغير المسبوقة، وسعيا منها لاحتواء تداعيات وباء كورونا الجديد، الذي عمّق من متاعبها الصحية والاقتصادية على حد سواء، حيث سارعت حكومات دول الاتحاد الافريقي إلى اعتماد تدابير استعجالية لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن انتشار هذا الفيروس في القارة السمراء...علما أن عدد الاصابات فيها حتى منتصف الشهر الجاري، فاق 63 ألف حالة كما سجلت أكثر من 2290 حالة وفاة، احتلت فيها جنوب إفريقيا الصدارة من حيث عدد الاصابات بأزيد من 10 آلاف حالة، تليها مصر بأكثر من 9400 إصابة، في حين فإن دول شمال إفريقيا تعتبر المنطقة الأكثر انتشارا لفيروس كوفيد-19 بما يزيد عن 22 ألف إصابة. ولعل ما يجعل هذه الأرقام قد لا تعكس العدد الحقيقي للإصابات، هو عدم قدرتها على إجراء اختبارات الكشف على الفيروس على نطاق واسع، فهي لم تتعد 325 اختبار لكل مليون شخص في القارة بأكملها. وعليه فإن المخططات التنموية القارية التي كانت مدرجة ضمن برنامج "إفريقيا 2063 " باتت اليوم مؤجلة إلى اشعار لاحق، حيث تم تأجيل إنطلاق العمل بمنطقة التجارة الحرة الإفريقية، الذي كان مقررا في الفاتح من جوان 2020 مبدئيا إلى نوفمبر المقبل، ذلك أن الاجراءات الوقائية للحد من انتشار الوباء لا تزال سارية المفعول، والأملا يتعلق هنا بغلق حدود الدول طبعا، وأمام هذا الوضع المتأزم على كل الجبهات، يتوقع خبراء الاقتصاد أن ينخفض معدل النمو في إفريقيا بنسبة 2.6 بالمائة. من جهة أخرى فقد عقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي منذ بداية هذه الأزمة الصحية، أربعة اجتماعات عن طريق الفيديو أو ما يعرف ب "الفيديو كونفرانس"، ترأسها سيريل رامافوسا، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، من أجل متابعة تطورات أزمة كورونا في إفريقيا، وتداعيتها الإقتصادية وكذا الاجتماعية على القارة السمراء، ولعل أهم قرار الذي أسفرت عنه سلسلة الاجتماعات هذه، هو التعجيل في إنشاء صندوق إفريقي لمكافحة كوفيد-19، لمجابهة الفيروس وتداعياته على اقتصادات الدول الإفريقية، كما قرر الاتحاد الافريقي أيضا اقتطاع 25 مليون دولار من ميزانيته ووضعها في الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة فيروس كورونا. ويضاف إلى هذا القرار المهم، اطلاق مبادرة أخرى تتمثل في "باكت" الشراكة لتسريع اختبار كوفيد-19، من قبل مفوضية الاتحاد الافريقي وبالتعاون مع مبادرة "أفكور" ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، وكذا فريق العمل الافريقي لمحاربة فيروسات كورونا " أفريكا سي دس سي"، المبادرة تهدف أساسا إلى إجراء 10 ملايين اختبار للكشف عن الفيروس في غضون الأربعة شهور المقبلة، ومن جملة المطالب التي تمخضت عن هذه الاجتماعات نجد مسح الديون الخارجية للدول الضعيفة اقتصاديا، الذي لم يلق الدعم الكافي، وكذا تعليق خدمة الديون الخارجية لباقي الدول الافريقية لمدة سنتين، حتى تتمكن من التصدي إلى هذا الوباء الخطير. وكان صندوق النقد الدولي وكذا البنك العالمي، قد أكدا في وقت سابق على ضرورة تقديم يد المساعدة إلى الدول الافريقية في هذه المرحلة الصعبة التي أفرزتها جائحة كورونا.