كانت ظاهرة الحرقة في السابق تخص أعدادا محدودة من الشباب الذين تمكن منهم اليأس من وضعهم فقرروا ركوب زوارق الموت في بحر الحرقة باتجاه الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ،و كان البعض منهم يصل و آخرون يتوفون بين أمواج البحر قبل انتهاء رحلة الركض وراء حلم حياة أفضل ،و كانت الحرقة تصنع يوميات الجزائريين ما دام شباب كثيرون عبروا البحر و نجا بعضهم وفقد البعض الآخر ،لكن الحديث عن الحرقة اليوم في بلادنا أصبح موضوع رأي عام و عدد المقبلين على الحرقة بالعشرات و يصل إلى المئات عبر سواحل الجزائر القريبة من إسبانيا ليتحول الحدث إلى موسم هجرة على متن قوارب مطاطية وأخرى تقليدية الصنع تبحر بالعشرات من شباب و رجال وأطفال و نساء في رحلات تهريب للبشر تستفيد منها عصابات الحرقة حيث يدفع كل مترشح للحرقة مبلغا بالملايين تتجاوز الخمسين مليون سنتيم لتصل إلى 75 مليون سنتيم ، وماذا عسانا نقول أو نعلق على تفاقم الظاهرة و أخذها أبعاد خطيرة منذ بداية جائحة كورونا حيث تحولت سواحلنا إلى موانئ لانطلاق قوارب الحرقة محملة بعشرات الجزائريين من فئات المجتمع وخاصة الشباب منهم الذين يجازفون بحياتهم ويغامرون في لعبة حظ غير معلومة النتائج قد تنجح أو تفشل وتنتهي بهم جثثا هامدة بلا روح في عرض البحر ،و مفقودين اختفوا لم يظهر عنهم أي خبر و لا يزال أهاليهم قلقون عليهم ينتظرون أي جديد عنهم بعد أن دفع أبناؤهم مبالغ هامة لرحلة الموت المحقق تلك بين أمواج البحر جريا وراء سراب الحياة الهنيئة في أوروبا ،مع أنه بالإمكان أن تتحقق الأحلام في الجزائر بقليل من الصبر و الأمل الكبير في مستقبل أفضل.