تتأزم الأوضاع يوما بعد يوم بمصالح كوفيد بوهران بتزايد عدد الإصابات وتتدهور الوضعية الصحية لمرضانا على مستوى المؤسسات الاستشفائية أمام التماطل في تركيب مولدات الأكسجين ونقص التجهيزات الطبية التي يحتاجونها طيلة فترة العلاج . حالات معقدة وإصابات حرجة تستوجب التكفل التام والتدخل الاستعجالي والوضع أصبح مقلقا، وقد خرج عن سيطرة الطاقم الطبي بمؤسستي النجمة والكرمة منذ أكثر من أسبوعين وصمت في غير موضعه من السلطات المحلية ونحن في عز الموجة الرابعة . لم نصل بعد إلى مرحلة الذروة وحالة التأهب القصوى صارت مسيطرة، حيث تم تسجيل أرقام قياسية في عدد الوفيات ومع ذلك فقد وصلت مستشفياتنا إلى مرحلة حساسة ، مرحلة امتلأت فيها أسرة مصالح كوفيد، مرحلة انعدمت فيها الوسائل وساء فيه حال الواقع الصحي بهذه الهياكل . يقترب موعد ذروة الموجة الرابعة ويقترب معها الخطر القاتل للسلالات المتحورة وغابت معها للأسف الاستعدادات الجدية، وطرحت مجددا أزمة الأكسجين والمولدات والمكثفات والمانومتر و الوضع باقٍ على حاله، وبين هذا وذاك، تظل عائلة المريض تتكفل بجلب المعدات الطبية والأدوية بإمكاناتها الخاصة خوفا أن تفقده في أي لحظة . لا شيء تغير بمستشفياتنا ،رغم ما عشناه في الموجة الثالثة التي كانت أشد بكثير من الموجتين الأولى والثانية ، فلا يزال المصاب ينتظر جرعة هواء ولازالت عائلته في رحلة بحث مضنية عن حقن «لوفينوكس» وأجهزة التنفس الاصطناعي ولازالت كذلك مصالح كوفيد تختنق وتنتظر فتح هياكل أخرى لتخفيف الضغط عنها . مؤسستا النجمة والكرمة في حاجة ملحة إلى المستلزمات الطبية ما تواجهه المؤسستان حاليا يستدعي التدخل الاضطراري من قبل مديرية الصحة ومصالح الولاية في نفس الوقت، بعدما أصبحت طاقة استيعاب مستشفى النجمة لا تتحمل المزيد من الحالات وامتلأت الأجنحة عن آخرها وعادت المؤسسة إلى نفس الظروف الصعبة التي عاشتها الأشهر الفارطة أمام الحالات التي تستقبلها يوميا ولم تعد قادرة على تحقيق الموازنة بين كفتي الإمكانات المتوفرة حاليا والحصيلة اليومية للمصابين إلى درجة أن أصبح صعب عليها تجنب أخطاء المرحلة السابقة وتوقيف نزيف الحالات أما مستشفى الكرمة الذي اقترب هو الآخر من دائرة الخطر فالعدد الضئيل للأسرة لا يغطي عدد الحالات وإن استطاع استقبال إصابات جديدة سيكون بشكل ظرفي فقط . تتجدد يوميا نداءات القائمين على تسيير المؤسستين بفتح مصالح جديدة تتكفل بالإصابات الجديدة وتستغيث هذه الهياكل يوميا بالمديرية الوصية بتحويل مرضى كوفيد إلى مؤسسات أخرى ، بعدما تعذر عليها توفير العلاج لكل المصابين، ونحن على مقربة من ذروة الموجة الرابعة التي ستطرق أبواب المؤسسات الاستشفائية الأيام القليلة المقبلة، يكبت أنفاسنا الفيروس المتحور ويفرض على مستشفياتنا حصارا لا ندري كم سيدوم ويجبر القطاع على تحويل أقسام وأجنحة الهياكل الاستشفائية إلى مصالح كوفيد حسب ما أكدته مصادر طبية ، هذه الأخيرة دعت عدة مرات وصرخت في مناسبات عديدة ، موجهة مطلبا استعجاليا للجهات الوصية من أجل الإسراع في فتح مستشفى ڤديل الذي يتسع ل 240 سريرا والعودة إلى النظام السابق بتخصيص مصالح المؤسسات الأخرى لمرضى كوفيد ،أملا في أن ترفع هذه الأخيرة الضغط عن النجمة والكرمة . وانتقدت ذات المصادر الخطوات المتباطئة لمديرية الصحة وتأخرها عن تنفيذ القرار الصائب، خاصة أن مستشفى ڤديل سيكون دعما قويا للمؤسستين معا والاستعانة به في الوقت الحالي أمر لا مفر منه مع القفزة التي بلغها المنحى الوبائي في المدة الأخيرة . يحدث هذا في الوقت الذي سجلت فيه الجزائر حالة ثانية للمتحور «أوميكرون» في ظرف 10 أيام وهذه المرة تتعلق بمواطن جزائري قادم من جنوب إفريقيا، حيث أكدت التحاليل الجينية لمعهد باستور وجود طفرات خاصة ب «أوميكرون»، أما المعطيات الراهنة لمنظمة الصحية العالمية تشير إلى دخول العالم مرحلة سلالة الجديدة ، هذه الأخيرة هي مصدر قلق الجميع من حيث درجة خطورتها وسرعة انتشارها وأعراض الإصابة وغيرها من الاستفهامات العالقة التي هي الآن محل بحث المختبرات الدولية ومع تسلل المتحور «أوميكرون» إلى الجزائر لم يعد مسموحا لأي كان إهمال الجانب الوقائي والبروتوكول الصحي على الأقل لحماية محيطنا من العدوى وتجنب إشكالية البحث عن سرير شاغر بمصالح كوفيد ، علما أن عائلات كثيرة تفضل اليوم التكفل بمرضاها بعيدا عن المستشفى وتحاول توفير كل ما يحتاجه خلال فترة العلاج بالبيت، تجنبا للضغط وما ينجم عنه من انعكاسات خطيرة على حياة المريض . ولعل أحسن طريقة لتحصين الشخص من الخطر القاتل هي احترام البروتوكول الصحي والتلقيح، فلسنا بمنأى عن العدوى في زمن السلالات المتحورة والجائحة الفتاكة كما أن نهاية هذا الفيروس ما تزال بعيدة.