وجّه الجيش الجزائري رسالة واضحة للمغرب مفادها أنّ أمن الجزائر و استقرارها و سلامة مواطنيها خطّ أحمر لا يمكن بأيّ حال من الأحوال تجاوزه أو التفكير في الاقتراب منه ، لأنّ ذات الجيش سيكون بالمرصاد لأيّ محاولة يائسة من طرف الرباط، سواء كانت سياسية أو دبلوماسية أو شيئا من هذا القبيل ، و يأتي رد فعل الجزائر بعد جملة الطيش التي أقحم المغرب نفسه فيها و لا يزال يتمرّغ في تبعاتها ، من خلال الهروب إلى الأمام و لي سلاسل الاختناق حول رقبته رغم التظاهر الزائف أنّه بخير، بعد أن دوّن في تاريخ العصر الحالي فضيحته الكبرى و تطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني الغاشم ، الذي اخترق نظام المغرب رغم ردود فعل المغربيين الرافضة لهذه السقطة الرهيبة التي وضع رئيس لجنة القدس نفسه فيها ، ليستكمل بذلك سلسلة الخيانات المغربية الكبرى للقضية الفلسطينية ، بدءا من خدمة الحسن الثاني للكيان بمنحه فرصة التصنت و التجسس على القمّة العربية المنعقدة في الرباط عام 1965 . تمرّغ المخزن في وحل العلاقة المشينة لكل العرب و المسلمين من خلال التطبيع اللئيم لم تتوقف عند هذا الحد المخزي بل يجرّب نظامُه أكثر من ذلك إقحام نفسه في مصائب كان بمنأى عنها قبيل تطبع العار الذي جرّ إليه بلادَه و شعبه ، فالمغرب صار مهدِّدا للأمن الإقليمي و القومي ، و يحاول لعب أوراق خاسرة و مفضوحة أمميا و عالميا ، و بالتالي لم تُجْد معها سياسة هروبه إلى أمام في كون قضية الصحراء الغربية مسألة تصفية آخر استعمار في القارة الإفريقية ، كما أنّ القضية الفلسطينية حقيقة و ستظل شوكة عالقة في حلقه و حلق المطبعين الخائنين لأم القضايا . و يتّضح التهديد المغربي للأمن الإقليمي من خلال رعايته و دعمه للإرهاب و كل أشكال الجرائم المنظّمة بدءا من تهريب الحشيش و ترويج المخدرات التي لم يسبقه إليها أحد ، علما أنّ الجيش الجزائري وفي لمهامه الدستورية النبيلة بما في ذلك مواصلة الجهود الرامية إلى القضاء على بقايا الإرهاب و رده من حيث أتى واجتثاث آخر جذوره. ليبقى نظام المغرب بدوره وفيا لانبطاحه المعهود في تنفيذ أجندات مفروضة عليه فرضا من قبل قوى امبريالية و مستعمرة أوّلها الصهيونية ، كلّ ذلك من أجل إغراق المنطقة في مشاكل عويصة و إلهاء الشعوب عن العمل و تحقيق التنمية و أيضا استيعاب ردود الفعل المستشيطة من تطبيعه و خيانته ، و هو الدليل الدامغ أنّه نظام يفتقد السيادة على قراره ، القرار الذي صار يُصنع في مخابر صهيونية و ينفّذ في دار المخزن بالرباط. و قد تعوّد المغرب و عوّد محيطَه و متابعيه من هيئات دولية و منظمات عالمية على مثل هذا الأسلوب المندفع في علاقاته البينية القريبة أو البعيدة و الارتماء في الوحل و تهديد القوى المناضلة عندما تضيق به السبل و تختلط أوراقه في الداخل رغم المجهود الجبّار الذي لا يتردد المخازنية في تنفيذه لردع الشعب المغربي ، الذي يعاني الحرمان و الفقر و البطالة و ضيق العيش في الأرياف و المناطق المعزولة ، كلّ ذلك لتأمين نظام دار المخزن و تصدير صورة مزيّفة للعالم . و حتّى سياسيا و نقابيا يُحكِم النظام المغربي بيد من حديد على الحريات و النشاطات و يبطل سريان مفعول الأحزاب و الحركات الرافضة للتطبيع و يزجّ بالحقوقيين و السياسيين المناهضين و المتظاهرين إلى أقسام الشرطة و التحقيقات تحت وابل التهديدات والقهر.