إستقبلت جوهرة الغرب الجزائري تلمسان مجموعة من الوفود العربية والأجنبية التي عرضت موروثها الثقافي والفني في لوحات إبداعية راقية كشفت فيها عن حضارتها وتاريخها المرتبط بالعالم الإسلامي، حيث تم تسجيل مشاركة 25 دولة عربية وأجنبية منها الدول الأعضاء في المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة »إيسيسكو« وهي المملكة العربية السعودية وأندونيسيا وإيران ومقاطعة أصفهان وتركيا وفلسطين والإمارات العربية وكذا العراق والمغرب وتونس وموريتانيا والسودان والكويت والكاميرون، إضافة إلى 11دولة من خارج المنظمة وهي الصين، البرتغال، بولونيا، أمريكا، النمسا والهند وإسبانيا والمكسيك وروسيا وفرنسا وإيطاليا وكلها دول رسمت بفنونها أجمل صور الأخوة والصداقة في بعدها الإنساني المشترك والنضالي من أجل الحرية، دون أن ننسى بطبيعة الحال تسجيل 48 أسبوعا ثقافيا محليا مسّ جل الولايات الجزائرية كبسكرة وعنابة وجيجل ووهران وغيرها من الولايات الأخرى. وقد كانت حضارة الرافدين هي السباقة في إفتتاح الأسابيع الثقافية الدولية حيث كانت أول بلد إسلامي حطّ رحاله بتلمسان حاملا في جعبته الثقافية العديد من النشاطات الأدبية والفنية التي من شأنها أن تعكس حضارة العراق التي بإعتبارها أقدم الحضارات التي تركت تأثيرها في تاريخ البشرية، وعليه فقد تعرّف الجمهور التلمساني على جزء من هذه الحضارة في إطار الأسبوع الثقافي الذي نظم تحت شعار العراق مهد الحضارات« من خلال معارض فنية في الرسم والخط العربي والصناعات التقليدية وكذا التحق والرسومات والآثار لمختلف الحضارات المتعاقبة على مدن العراف من يابل وبغداد والبصرة، إضافة إلى سهرات موسيقية من إحياء فرقة »الجيغلي البغدادية« والخشية البصرية الشعبية ناهيك عن الأوبيرات الغنائية للمخرج »أر أرشاك أسيان« والفنانة العراقية »شيرين محمد عارف«، هذا إلى جانب عروض للأزياء التقليدية على إيقاع معزوفات عراقية المقامات والألحان وعروض مسرحية حديثة منها مسرحية »ملائكة« النجاة« للمخرج صادق الأذهب إضافة إلى الأفلام الوثائقية كالأبواب العالية« و»إبن بابل«، في حين أن الإيران قد ترجمت حضورها من خلال مجموعة من المعارض التي عكست ثراء الثقافة الفارسية وإمتدادها عبر التاريخ بالإضافة إلى حفلات فلكلورية من توقيع الفرقة الشهيرة »حمدلان« وعروض سينمائية ومحاضرات ألقاها كل من مستشار وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الدكتور »محمد علي أذرشي« ونائبة عميد »جامعة يزد »الإيرانية الدكتورة فاطمة قادري أدركان«. ومن جهتها فقد وقعت »الهند« حضورها هي الأخرى من خلال معارض فنية جميلة عكست حضارتها الضاربة في التاريخ المشترك مع العالم الإسلامي أهمها معرض الصور الفوتوغرافية للمصوّر الهندي العالمي »بينوي بيهل« الذي قدم 45 صورة تبرز الحضارة الهندية وثقافتها ناهيك عن المعالم الإسلامية الموجودة في الهند، كما كانت فرقة الرقص الشعبي بقيادة »راني خاتام«َ حاضرة هي الأخرى بإستعراضاتها الفلكلورية الهندية ولباسها التقليدي الجميل، أما »الصّين العظيم« فقد كان هو الآخرى في الموعد بعد أن جلب معه باقة منوعة تحمل عبق الحضارة الصينية المنبعثة من سور الصين العظيم إلى أسولو قلعة الزيانيين بتلمسان، مع العلم أن هذا البلد يعيش به أزيد من 20 مليون صيني مسلم حسبما أكده سفير الصّين بالجزائر »ليويوها« ومعظمهم مهتمين بالعلوم الإسلامية وفنونها على غرار الخطاطين التسعة الذين وقعوا مشاركتهم في هذا العرس الثقافي أين قدموا لوحات فنية راقية تبرز جمالية الخط العربي والصّيني ومعظمها لوحات متواجدة بمتحف »نينشا« الشهير ، كما إغتنمت دار الفنون »أن شان« فرصة تواجدها بتلمسان لتقدم مسرحيتها »ظهور الهلال على جبل خاه لان« مبرزة دخول الإسلام إلى الصين ضمن فنتازيا تاريخية صاخبة. أما روسيا التي وقعت حضورها رفقة السفير الروسي بالجزائر »ألكسندر فتيش« ورئيس الوفد »يوري تشوبين« فقد أمتعت الجمهور العاصمي بمجموعة من المعزوفات الموسيقية الكلاسيكية بمشاركة عازفة البيانو العالمية »أويحيى يسمانوفا« وعازف الكمان البولوني »أليكس كوجيفينكس« كما عرضت موروثها الثقافي من خلال أوبيرات تهدف لإبراز الحضارة الإسلامية التي وصلت إلى روسيا مطلع القرن العاشر ميلادي من خلال النشر السلمي للإسلام . مع العلم أنه يوجد حوالي 20 مليون مسلم روسي، كما قدمت فرقة »كاباردينكا« سهرات إستعراضية راقصة بحضور جمع غفير من الجماهير الجزائرية، وهكذا وبعد عرض الكثير من النشاطات الثقافية قررت وزارة الثقافة أن تكون »فلسطين« هي مسك ختام هذه الأسابيع الدوليةو بحضور سفيرها السيد حسين عبد الخالق الذي أشرف شخصيا على إفتتاح معرض المخطوطات ولوحات التراث الإسلامي والخط العربي مع حضور مميز لفرقة »وشاخ« للرقص الشعبي كما قدمت أيضا برامج فنية أخرى تتناول جوانب مهمة من الثقافة الفلسطينية الإسلامية في بعدها الرّوحي والشعبي. وتجدر الإشارة أن التظاهرة قد عرفت غياب العديد من الدول الأجنبية على غرار »سوريا« التي إعتذرت في آخر لحظة عن مشاركتها بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها في الفترة الأخيرة إضافة إلى قطر وكوبا وألمانيا وأفغانستان وليبيا وبوركينافاسو وكوت ديفوار وغيرهم من الدول الأعضاء في منظمة الإيسيسكو.