لاشك أن للرياضة عامة وكرة القدم خاصة علاقة وطيدة بالمواطنة، بالرغم من أن الكثير من النقاد والمحللين الرياضيين يرفضون رفضا باتا تسييس هذا العالم النقي من الأكيد أن الرياضة في بلادنا لعبت دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام الوطني إبان الإستعمار الفرنسي البغيض لبلادنا، وتمثيل الجزائر في مختلف المحافل الدولية للتعريف بقضيتنا العادلة واسماع صوتنا للعالم من خلال فريق جبهة التحريرالوطني الذي تأسس تحديدا في أفريل 1958، ودون أن نطيل كثيرا في هذه المقدمة، أردنا أن نشير إلى قضية مهمة تحتاج إلى الكثير من التركيز وتسليط الأضواء عليها، حيث أن الفريق الوطني الجزائري المشارك والممثل العربي الوحيد في مونديال جنوب إفريقيا ومن خلال قائده الجديد عنتر يحيى استطاع أن ينفخ وبذكاء كبير في نفسية اللاعبين الجزائريين روح أبطال فريق جبهة التحرير الوطني الذين صنعوا تاريخا مشرقا "لجهادهم الرياضي" أيام الإستدمارالبغيض لبلادنا، حيث ذكرتنا التشكيلة الحالية للمدرب الوطني الشيخ رابح سعدان، والعزيمة والإرادة القتالية التي دخلوا بها مباراة الجزائرانجلترا بقوة وبسالة اللاعبين السابقين لفريق جبهة التحرير الوطني أمثال مخلوفي زوبة، سوخان، معوش، كروم،حيث دخل لاعبو الخضر المباراة وهم مسلحون باسمنت بطولات "علي لابوانت" و"حسيبة بن بوعلي" وآخرون الذين استشهدوا في معركة القصبة التاريخية التي حطمت أسطورة أن الجيش الفرنسي لا يقهر لاسيما قواته الخاصة التي تم الإستنجاد بها لكسر شوكة المجاهدين والفدائيين الجزائريين الذين أرهقوا وأرهبوا أكبر جنرالات فرنسا، الذين وقعوا في حرب العصابات والإستنزاف المنهكة... نعم كانت هذه الفكرة صائبة وحكيمة من قبل القائد عنتر يحيى، المنحدر من عائلة ثورية ومجاهدة من سدراته، حيث ولتحفيز اللاعبين الجزائريين المنهارين نفسيا بعد هزيمة سولفينيا قام بجلب فيلم "معركة الجزائر" الذي أخرجه الإيطالي الراحل جيلو بونتيكوروفو في عام 1966 بالأبيض والأسود، وعرضه على زملائه في الفريق لمشاهدته سويا والإتعاظ من هؤلاء الشهداء الأشاوس الذين أرهقوا المظللين الفرنسيين في شوارع القصبة الشهيرة والأكيد أن طريقة استشهاد البطل علي لابوانت وحسيبة بن بوعلي و"عمر الصغير"، بعد تفجير المنزل الذي كانوا فيه مختبئين أثرت كثيرا في نفسية اللاعبين وحفزتهم على بذل مجهودات كبيرة وإضافية لتشريف الراية الوطنية، ورد الجميل لشهداء الجزائر الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرة ومستقلة، حيث وإذا حللنا نفسيا هذه الخطوة والمبادرة الفريدة من نوعها لزملاء المحنك عنتر يحيى، نفهم أن الجزائري يبقى إنسانا وفيا لوطنه ومخلصا له مهما طال الأمد والزمن، كما تظهر هنا عزة وأنفة المواطن الجزائري الذي لن يرض بغير تشريف بلاده ووطنه في مثل هذه المواعيد الرياضية الهامة، حيث يذكر الجميع كيف فعلها رفقاء الأسطورة بلومي في ملحمة خيخون بإسبانيا في 1982،حيث قهروا ودفنوا الألمان في هذه الموقعة التاريخية التي حفرت في أرض الإسبان بأحرف من ذهب، كما نذكر كذلك في سنوات التسعينات تلك الملاحم التي صنعها عداؤونا الأبطال نور الدين مرسلي وحسيبة بولمرقة، حيث فازوا بالميداليات الذهبية ورفعوا السلام الوطني في أكبر المدن العالمية، وهذا بالرغم من أن بلادنا كانت في أوج أزمتها الأمنية ولكن حب الجزائر وعشقها يهون أمام هذه النوائب والزوايا. وهكذا يتأكد فعلا دور الرياضة في بناء الوطن ورص الصفوف وتوحيد القلوب والعقول، فكما فعلناها في موقعة أم درمان التاريخية، أعدناها أمام العاجيين في أنغولا، والانجليز في بولوكوان، حيث خرج الشعب الجزائري الى الشوارع مبتهجا بهذه الإنتصارات الكروية المبينة، وينبغي أن نشير إلى مسألة مهمة، وهي أن تفعيل الرياضة في بلادنا لم يكن اعتباطيا بل كان خلفه رجال أبطال وأشاوس وعلى رأسهم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي دعم ولا يزال الحركة الرياضية بقوة في السنوات القليلة الماضية لاسيما الكروية منها، حيث نتذكر ذلك القرار الجريء الذي اتخذه الرئيس بتوفير جسر جوي تاريخي لنقل الأنصار الجزائريين الى الخرطوم لتشجيع الخضر ضد المصريين في ملحمة أم درمان البطولة ومن ثمة فإن للرياضة والمواطنة علاقة وطيدة، وهما حقلان متكاملان فكلاهما يصنع الرجال ويرفع الرايات ويوحد الصفوف ويعبئ الشباب والشابات والهدف من كل هذا هو خدمة الرياضة وتطويرها لما فيه صلاح الوطن والمواطن.