منذ سنوات ونحن نسمع عن عزم السلطات الوصية بالبلاد والمهتمة أساسا بالقطاع الرياضي عن نيتها في تجسيد الاحتراف الكروي خاصة بعد كوارث ومهازل العديد من الأندية وفضائح التسيير المالي وحالات سحب الثقة وطرد المدربين وإقالتهم أكثر من مرّة حيث لاحظنا مدرب واحد يقوم بالاشراف على فرق عديدة من نفس القسم وهناك من أشرف على نادي ما في مرحلة الذهاب وعند الإياب وجدناه مدربا للفريق المنافس دون أن ننسى ما حصل للمولودية الوهرانية في السنوات الماضية حينما تقدمت في سيدي بلعباس بفريقين ومدربين ورئسيين في الملعب وكل واحد يدعى أحقيته وامتلاكه لشرعية التسيير والتحكم في المجموعة وعوض التدخل لإستعادة زمام الأمور وطرد الغرباء عن الكرة بدون رجعة.. بقيت الأمور على حالها بل تأزم الوضع أكثر وإختلط الحابل بالنابل وتحول المناصر من موقع المتفرج والمناصر والمصفق المنتشي بروعة الأداء والمتابع للقطات الفنية والنتائج الإيجابية الى صاحب الكلمة الأولى في الفريق وكثيرا ما سقطت أسماء لمدربين معروفين بعد انهزام في الجولة الأولى فقط بسبب مسيرين محسوبين على الرياضة لا يهمهم مستقبل الفريق ويعملون على البقاء في رئاسة النادي ولو على حساب الجميع. - الاحتراف بين الرفض والقبول؟ وبسبب ضعف شخصيتهم تركوا أشباه الأنصار يعبثون في المدرجات والملاعب فسادا وأصبحت أغلبية الفرق تعيش ظروفا خاصة خارجة عن نطاق العرف الرياضي حبيسة أهواءهم ونزواتهم وعوض تحرير الأندية من القبضة الحديدية لهؤلاء العابثين وتنظيف الميادين الرياضية من الأعشاب (البشرية) الضارة من أشباه المسيرين وأعضاء لجان الأنصار التي تفتقد للمصداقية والقيام بثورة رياضية توقف المهازل وتنهي عصر فوضى القرارات الإرتجالية والتطاحن الدائم والعمل على إعادة الوجه المشرق للكرة الجزائرية واستغلال الصحوة الشعبية والإلتفاف الجماعي حول الفريق الوطني والإستمرار في تشجيعه حفاظا على تلك الروح المعنوية للجماهير وإصدار قرارات سياسية صارمة لإعادة قطار الكرة الى مساره وقيادته الى أهلها.. لم يكن شيء من ذلك وحينها فرض الإحتراف علينا من الفيفا جاء تطبيقه مرتجلا، مسرعا بدون تخطيط ولا تفكير معمق إحتراف مرفوض من أجل حفظ ماء الوجه للمكتب الفيدرالي إحتراف مرفوض من قبل العشرات من الأندية ومقبول من طرف أخرى وكل واحد يحكم على الإحتراف حتى قبل بدايته كل حسب مصالحه وإلى يومنا هذاوبعد شهر تقريبا من إنطلاق البطولة المحترفة بقسميها مازال 28 ناديا هاويا تسمية لا تعجب أصحابها يصرون على المقاطعة ولا يقبلون باللعب مع الأندية الصغرى ويهرولون من أجل الاحتراف كتسمية وإمتياز وملايير توضع في الحسابات البنكية وقطع أرضية لبناء الملاعب والمركبات قد لا ترى النور أبدا، الإحتراف علم ضائم بذاته ومنهج، إمكانيات وهياكل وليست مجرد تسمية تتباهى بها فرق على أخرى، الجمهورية إتصلت بالعديد من الوجوه الرياضية الجزائرية من لاعبين دوليين عاشوا الإحتراف (الحقيقي) في الخارج وعرفوا معناه ومدربين وطنيين سابقين وكذلك زملاء المهنة من إعلاميين مختصين في الشأن الرياضي، اللاعب الدولي السابق والمدرب المعروف نجم وقلب هجوم منتخبنا الوطني في نهاية السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي تاج بن ساولة أكد لنا بأن الحديث عن الإحتراف لا يمكنه أن نفيه حقه في دقائق معدودة وأنه مستعد للعودة للموضوع في الأسابيع القادمة نظرا لإرتباطاته العملية ووعدنا بحوار مطول لتوضيح الرؤية للقراء حول المفهوم الحقيقي للإحتراف متطلباته وكيفية تطبيقه وشروط نجاحه وسرد تجربته الشخصية في مختلف الأندية الأوروبية التي لعب لها ، أما المدرب الوطني السابق ورئيس ودادية قدامى اللاعبين الدوليين الجزائريين ووسط ميدان الخضر في مونديال إسبانيا 1982 فلقد إعتذر لنا وبلباقة عن التصريح والتحدث في موضوع الإحتراف لسبب واحد وهو أنه عضو بالمكتب الفيدرالي للإتحادية الجزائرية لكرة القدم ولا يمكنه الإدلاء بأي رأي خاص في تنظيم أقرته الإتحادية وهو يتمنى للرياضة الجزائرية وخاصة كرة القدم أن تسترجع مجدها السابق، أما الكثير من المدربين الآخرين فلقد تراوحت آراءهم ما بين الرفض والقبول ومسك العصا من الوسط ولاحظنا من خلال دردشتنا معهم بأن عدد قليل من المحسوبين على مهنة التدريب وحتى التسيير يجاملون بآرائهم الوصاية و يحلمون بأن تقوم الإتحادية بطلب خدماتهم في يوم ما لذلك فهم يتحدثون عن سلبيات الإحتراف لكنهم لا يقرون في تصريحاتهم الإعلامية بذلك ويدخلون ذلك في خانة هذه آراؤنا الشخصية غير قابلة للنشر. تصريحات منقوصة وشجاعة غير موجودة. الإحتراف من حيث المبدأ وقبل أن تفرضه الفيفا وقوانينها فهو المخرج الوحيد للقضاء على فوضى كرة القدم على تداخل الصلاحيات خاصة على الإنتهازيين ومن يرتوون من حليب البقرة ويلعنون راعيها وعلى ظاهرة تسيير الأندية بالكريدي المسترجع، الإحتراف هو أن تدفع وأن تعمل لا أن تنتظر أموال الدولة وتجعل بها إسما لك ولناديك الإحتراف مسلك مفروض ولكن علينا أولا أن نبتعد على القرارات الإرتجالية وأن نحكم العقل وأن ننظر للإحتراف من زاوية الموضوعية لا غير.