يحتضن المعهد الثقافي الفرنسي بوهران معرضا للصور الفوتوغرافية تحت عنوان " كلماتكم تجرحنا "، وهي مبادرة فنية قيمة نظمتها تعاونية " الفن الذهبي " بالتنسيق مع جمعيتي " نور " و" إيزو كلوب " بمناسبة اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة المصادف ل 14 مارس من كل سنة ،المعرض يحمل في لبه الكثير من الرسائل التوعوية الهادفة التي ترمي إلى ضرورة توقيف العنف اللفظي ضد الأطفال المعاقين،و تجنب تجريحهم بعبارات الشفقة والرحمة التي ليس لها معنى و لا أساس، وهو ما حاول بالتحديد إظهاره المعرض من خلال صور التقطتها عدسات مصورين محترفين وهواة حاولوا التعبير عن رفضهم لهذه المعاملة غير السوية،كونها تخدش مشاعر الطفل الصغير وتحسسه بالذنب كونه ولد معاقا في مجتمع لا يرحم ،حيث قدم الفنانون صورا لأطفال معاقين يحملون لافتات مكتوب عليها عبارات عديدة مثل " ما عندناش الزهر " ، " عقون " ، " مسكين " ، " معدي " ، " مريض " وغيرها من الكلمات الأليمة و الألفاظ الشنيعة التي توجه إلى الأطفال المعوقين بداعي الشفقة،محاولين من خلال أعمالهم الفنية إبراز خطورة العنف اللفظي أكثر من الجسدي و تأثيره السلبي على نفسية الصغار ، فالعنف الجسدي سرعان ما يختفي أما اللفظي يبقى عالقا في ذاكرة الطفل و قابعا في قلبه الصغير . وفي هذا السياق اختار المصورون اللونين الأبيض و الأسود لما لهما من تأثير خلاب على نفسية المتأمل و فاعلية كبرى في ترجمة المعاناة الصامتة التي لا تحتاج إلى صوت أو تفسير،حيث حملت هذه الصور الرائعة الكثير من الرموز والدلالات المستوحاة من الواقع،كونها ترجمت جزءا من واقعنا المعاش و أماطت اللثام عن بعض تصرفات الأشخاص اتجاه الأطفال المعاقين ،هؤلاء الأطفال الذين ظهروا في الصور بمنظر آسر للألباب و خاطف الأنفاس،يتخلله ذلك الجو الهادئ في عملية التقاط الصورة من الزاوية المناسبة و باستخدام التقنية الحديثة، إذ لا يستطيع المتأمل أن يتجاهل روعة تلك اللوحات التي تكشف عن تطور مستوى هؤلاء المصورين ،واحترافيتهم في التعبير عن موقفهم و آرائهم بكل حرية وشفافية محاولين إيصال صوتهم إلى الرأي العام ،ومطالبته بمراعاة مشاعر الأطفال المعاقين والاهتمام بهم بدل إسماعهم كلمات الشفقة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، ومن الصور التي أثارت الكثير من المشاعر صورة لطفل معاق يجلس مبتسما على كرسيه المتحرك الذي كتبت عليه لافتة تقول " يشكل عبئا على أسرته " ،وصورة أخرى لفتاة معاقة تحمل لافتة تقول " إنها مسكينة " وغيرها من اللافتات التي تحمل كلاما غير إنساني ،وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن فن التصوير الفوتوغرافي بات بأسلوبه الحديث يصور ويوثق معاناة الناس بغض النظر عن جنسهم ولونهم وديانتهم ،كما أنه وسيلة مثلى لإيصال رسائل اجتماعية وإنسانية هامة ،تفيد بضرورة تغيير المجتمع لنظرته السلبية اتجاه هؤلاء واعتبارهم أشخاصا عاديين و فاعلين في شتى المجالات الاجتماعية،الاقتصادية وحتى السياسية ،مع ضرورة تعزيز مكانتهم والاحتفاء بتحدياتهم و انجازاتهم رغم الصعاب بدلا من إحباط معنوياتهم و كسر أحلامهم بهذه العبارات المشينة .