أنا ذاكرة العلمة ..صورت أفراحها و أحزانها جمال بشطوطي شاب من مدينة العلمة، أستاذ في مادة اللغة العربية، ويمارس التصوير الفوتوغرافي. آلة التصوير لا تفارقه، إنها توأمه الروحي، كاميرا جمال التقطت الكثير من صور الأحداث والملتقيات، المناسبات، ملامح الأشخاص، بما فيها أحزانهم، أفراحهم وملامح الطبيعة بكل ما فيها من جماليات وآثار ومناظر خلابة، الصورة عنده توازي الفرح. توازي الحلم المفتوح على افتراضات الواقع. لكل صورة خلفية جمالية وإنسانية ورسالية أيضا. الصورة عنده تقول كل شيء دفعة واحدة. لأنها تحترف الوضوح أكثر من الغموض عكس بعض الفنون الأخرى كالرسم أو الشعر أو المسرح، إنها اللغة العالمية الموحدة التي لا تحتاج إلى قواميس أو ترجمات. إلتقيناه فسلطنا عليه بعض فلاشات الأسئلة، فكانت الأجوبة صورا بمقاييس أخرى. ماذا تعني لك الصورة ؟ - الفوتوغراف كلمة يونانية ومعناها الكتابة بالضوء والصورة معناها الجمالي توقيف لحظة زمنية ما أو توقيف الزمن في لقطة ما، فالزمن قد يتغير خارج الصورة، لكن داخل الصورة يبقى ثابتا، الصورة لها وظيفة التسجيل، التصوير هو أيضا توقيف اللحظات مع أشخاص معينين ولهذا نقوم بأخذ والتقاط الصور التذكارية. وهنا أيضا نفس الأمر. فالأشخاص قد يتغيرون ويكبرون ولكن اللحظة الملتقطة لهم من المستحيل أن تتكرر أو تتغير. إذن الصورة تبقى ثابتة، واقفة، الصورة ثقافة عالمية لها مدلولها الإنساني والجمالي الكبير وهي أيضا نوع من أنواع القراءة. هذا يعني أن للصورة وظيفة تعبير كبيرة، فما قولك؟ - فعلا. وهي أفضل فن بالنسبة لي. أفضل من القصيدة المعقدة أو اللوحة الغامضة. والذي يقرأ هذه القصيدة أو اللوحة يفترض أن يكون ذا مستوى ثقافي معتبر، لكن الصورة يراها الجميع ويفهمها الجميع لأنها لغة عالمية، لغة تخاطب كل المستويات و كل الشرائح. مثلا لنأخذ الورود، فالورود موضوع جمالي واحد لكن التعبير عنها يختلف من لغة إلى أخرى. فالفرنسي يعبر عنها بفرنسيته والإنجليزي بإنجليزيته، لكن المصور يعبر عنها بالصورة وفي النظرة والرؤية الفنية وهذا ما يثبت عالمية الصورة وأنها أحسن وسيلة للتبليغ ولهذا يوجد مصطلح: صورة بدون تعليق. والصورة أبلغ وسيلة في إيصال الرسالة. ماذا تريد أن تقول من خلال صورك؟ - أريد أن أقول الواقع بكل ما فيه. وأنا أسعى أن أكون ذاكرة العلمة في الصورة. *ما الذي تعكسه الصور؟، وهل شاركت في معارض خاصة بفن الصورة والتصوير وماذا عن جمعية ستيفيس؟ - الصورة متعة، والتصوير يبلغ لنا رسالة معينة، مثلا من خلال الصور نستطيع أن ندرس مستوى معيشة قوم ما. أو أناس ما ومستوى التفكير والذوق والجمال. وهنا نستطيع تثبيت الحالة المعيشية والاجتماعية والجمالية في صور ما. طبعا شاركت في عدة معارض محلية، وشاركت في مسابقة نظمتها جريدة الشروق العربي حول أحسن الصور الساخرة، وقد كنت من الفائزين الأوائل على المستوى الوطني. أنا أحلم حاليا بالمشاركة في المسابقات العربية والعالمية. و جمعية ستيفيس للصورة الفوتوغرافية تأسست منذ 7سنوات يرأسها مقدمي عياش و أشغل فيها مركز نائب الرئيس، والمساعد عبد الهادي شنان وهو عضو فعال، تسعى لأن تكون سطيف قبلة للمصورين وتسعى لخلق فضاءات للصورة وللمصورين عبر الوطن من نوادي وصالونات ومعارض، ومن أهدافها أيضا احتكاك المصورين وتبادل الخبرات والتقنيات وعرض صورهم وإبداعاتهم، وفي المعرض الجهوي الأول للصورة الذي أقامته الجمعية في2001 فاز فيه شاب من إيليزي بجائزة أحسن صورة. *كيف تلمع في ذهنك فكرة التقاط صورة ما؟ - الموضوع هو الذي يفرض علي التقاط صورة معينة مباغتة ولافتة بشدة، لكن دوما أحاول أن أبدع من الجوانب الفنية المختلفة لكل صورة، فإذا كانت الصورة ثقافة فهناك أيضا ثقافة الصورة. معالم ومدن تمنيت تصويرها؟ - الأهرامات، برج إيفل، برج بيزا المائل، جامع الزيتونة. وأي منظر جمالي، طبيعي أو آثار، أحب طبعا تصويره، وأي لحظة استهواء تجعلني أسارع لالتقاط الصور سواء للمناظر الطبيعية أو الآثار أو العمران، أو الناس، حالات التسول والبؤس، أو الحوادث، بما فيها حوادث المرور، أو الأعراس، وغيرها من مناظر تفرض فلسفتها وجمالها ولفتتها وغرابتها على حدقة المصور، فلحظة الاستهواء تباغت المصور وتجعله يمارس عشقه للصورة والتصوير بفنيات عالية وبشغف لا حدود له. من شجعك أكثر في مجال التصوير؟ - أخي حسان المتواجد بإيطاليا هو الذي شجعني أكثر وقد منحني ذات يوم آلة تصوير من نوع (canon) كما لا أنسى وقوف زوجتي إلى جانبي وأيضا أمي. وأستاذي منير قرين الذي استفدت منه كثيرا في تقنيات التصوير. *ماذا أعطاك التصوير؟ وإلى جانب كونه متعة فنية، هل تمارسه من أجل الكسب المادي؟ - أعطاني معرفة المجتمع واستفدت منه ماديا ومعنويا، لكن الذي يهمني هو الاستفادة المعنوية وأنا أمارسه من أجل إثبات ذاتي الفنية. صور التقطتها ثم أحزنتك؟ - هي صورة المطرب الشاب عزيز في مدينة سطيف، فبعد التقاطها بيومين أغتيل. أطرف وأتعس و أجمل صورة التقطتها حتى الآن؟ - أطرف صورة هي صورة الجرذ الذي يفتح الحنفية، وأتعس صورة، هي صورة فتاة متسولة تبكي وتتسول حافية، أما أجمل صورة فهي طبعا صورة أمي. ما هي مشاريعك؟ - مشروع بطاقات، فأنا أحضر لإنجاز ألبوم يشكل مجموعة هائلة من البطاقات البريدية الخاصة بالمدن الجزائرية، وفي نفس الوقت أحضر لألبوم إلكتروني يضم كل هذه البطاقات التي تجسد مدن بلادي الجميلة، وسأنشره عبر النتن، على الفيس بوك وتويتر ويوتيوب، طبعا من هذه المدن، مدينة جميلة، العلمة، بئر العرش، سطيف ودوائر وبلديات ولاية سطيف إلى جانب بقية المدن الجزائرية. وبالمناسبة أطلب الجهات المعنية أن تولي اهتماما للتصوير وأن تفتح لنا المجال لكي نبدع أكثر، فالتصوير مجال مفتوح وهو فن قائم بذاته. هل من كلمة أخيرة؟ - شكرا لجريدة النصر التي منحتني مساحة للحديث، شكرا لكل الذين شجعوني. و تظل قمة سروري هو إعجاب الناس بصوري.