المجتمع الجزائري استطاع بفضل مرجعيته وحكمته إطفاء نار الفتنة أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس بأن المجتمع الجزائري استطاع بفضل مرجعيته وحكمة أبنائه أن يطفئ نار الفتنة، ويقضي على التطرف والعنف, ومحاولات تسلل الطائفية.وفي رسالة له بمناسبة افتتاح الأسبوع الوطني ال17 للقرآن الكريم الذي تحتضنه مدينة قسنطينة على مدار ثلاثة أيام, قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي, سجل الرئيس بوتفليقة بأن المجتمع "استطاع بفضل مرجعيته وحكمة أبنائه أن يطفئ نار الفتنة, ويقضي على التطرف والعنف, ويقف دوما على استعداد لمواجهة الأخطار التي تزحف على أسوارنا، ومحاولات تسلل الطائفية إلى شبابنا". و تابع يقول في هذا الصدد: "يقع علينا نحن الجزائريين واجب الذود عن صورة ديننا السمح الحنيف لأننا عرفنا كيف نجعل من مرجعيتنا حصنا لأبنائنا ضد التطرف, ومنهجا لمؤسساتنا نحو الوسطية والاعتدال, وجعلنا من وطننا مدرسة عالمية للسلم والمصالحة, بفضل وعي شعبنا وتمسكه بالقيم العليا في الوحدة والإيثار وتماسكه الاجتماعي". كما ذكر رئيس الجمهورية بأن الإرهاب "أساء لصورة الإسلام أيما إساءة, وفتن المسلمين قبل غيرهم عن دينهم فتنة عامة, وجعل غير المسلمين يظنون برسول الله صلى الله عليه وسلم الظنون وهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة, ويسيؤون للقرآن وهو كتاب الهداية والتنوير". و إزاء ذلك دعا رئيس الجمهورية الأئمة و المشايخ إلى "مواصلة الجهد من أجل تحصين أبناء وطننا ضد الأفكار الهدامة, وحمايتهم من دعوات الغلو الطائفي, وإبطال مستندات الإرهاب ومرجعياته المشبوهة, الذي يحاول أن يوظف نصوص الكتاب والسنة ويؤولها على غير الهدى, لتبرير همجيته والدعوة إلى بدعته وضلالته". ومن جهة أخرى, توجه رئيس الجمهورية إلى المشاركين في هذه التظاهرة العلمية حيث قال : "إنه ما من شرف تناله النفس, وعلو تسمو إليه مثل مقام يذكر فيه اسم الله وتعظم فيه شعائره و فضاء يرطب فيه اللسان بحلاوة القرآن الكريم الذي تخشع في رحابه الروح, ويفقه العقل ويعمر الفؤاد الإيمان". واعتبر هذه المناسبة "فرصة مباركة للاحتفاء بدستور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها" من خلال "تدارس علومه والنظر في تعاليمه وأحكامه والاقتداء بنهجه القويم والاستلهام من سنة وسيرة سيد الخلق النبي محمد عليه الصلاة والسلام, وهي المحجة التي يستنير لها دربنا, وتسدد خطانا على طريق الهدي والرشاد", يقول الرئيس بوتفليقة. و أشار في هذا السياق إلى "أمله الكبير و رغبته العارمة" في أن يرى هذا الملتقى العلمي مناسبة للمطارحات الفكرية و البحوث المستفيضة, و الحوارات الهادفة و الاستنتاجات المؤسسة على النقل والعقل من أجل خدمة الأمة و "تنويرها واستشراف مآلها بما يكتنزه كتاب الله وسنة نبيه من معين لا ينضب، تستمدون منه حلولا لمعضلات العصر, وقضاياه المتعددة". وأضاف قائلا : "لا غرو وقد التقى في هذا المحفل المبارك أهل العلم والإمامة والدعوة والوعظ, وكذا أهل الزوايا وعمار الجوامع ومعلمو القرآن ومعلماته في هذا المجمع الروحاني المؤثل الذي تربه روح التربية الرشيدة والتزكية السلوكية القويمة التي عمت ربوع الجزائر وسماءها". وأعرب رئيس الجمهورية في سياق ذي صلة, عن مشاعر الافتخار بحفظة القرآن الكريم من أبناء الوطن "وهم يتسابقون في حفظ كتاب الله, ويتبارون في حسن تلاوته, والتعمق في شرح مفرداته وفهم معانيه, بناتنا وأبنائنا الذين كثيرا ما رفعوا الراية الوطنية عالية على منصات التتويج كلما سنحت لهم فرص تمثيل الجزائر في مسابقات القرآن الدولية في عواصم العالم العربي والإسلامي". كما اغتنم السانحة ليعبر عن "مشاعر الوفاء لأولئك الذين زهدوا في دنياهم لخدمة دين الحق وتنوير الأمة بفضائل القرآن والسنة, ثم انتقلوا إلى رحمة الله, ولكن مازالت أرواحهم الطاهرة الزكية في رحاب هذا المؤتمر طوافة وذكراهم في قلوبنا خالدة وعهدهم فينا محفوظا موفى, دون أن أنسى تحية كل الذين يسيرون على هديهم اليوم لإتمام رسالتهم". وأردف رئيس الجمهورية يقول في رسالته: "لقد أوشكنا أن نسدل الستار على شهر الربيع الأنور و قد ملأه شعبنا لرسول الله وفاء وأعمره بسيرته قراءة واقتداء, وامتزجت فيه مشاعر حب المصطفى باتقاد العقول لاستخلاص العبر والدروس من سيرته العطرة". وبفضل ذلك, يسترسل الرئيس بوتفليقة, "كانت سيرة مجتمعنا سنية, وكان تدينه تأسيا برسول الدين وسطيا, وكانت علاقاته بالغير علاقة تقدير واحترام, يتعامل بمنطق وحجة, وبأدب جم وحسن بيان, ويلتف حول مرجعية له قويمة, رجالها علماء أفذاذ, طالما درأوا عن الاسلام تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل المغرضين, ومصادرها بعد الكتاب والسنة ميراث زاخر بتفاسير القرآن المبكرة وشروح السنة العطرة خطت بأنامل علماء الجزائر الأخيار". وعلى صعيد ذي صلة, شدد رئيس الدولة على ضرورة الحفاظ على قيمة العائلة في سلم القيم, و "أن نحيي في مجتمعنا قيم التربية وقيم العدالة، وأن نرقي فيه معنى المواطنة الحقة, ونقنعه بجدوى التضامن والتسامح, والقبول بالرأي الآخر, وأن نلقنه مبدأ الوسطية والرفق. وأن نمكن للعمل في ثقافتنا وسلوكنا". كما تابع يقول في ذات الصدد "لا يعزب عن كل ذي لب أن لكل واحدة من هذه القيم في القرآن الكريم أكثر من آية تدل عليها, ولها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مستند في أقواله وأفعاله وإقراراته. وكل واحدة منها هي قيمة إنسانية تتقاسمها معنا أمم الدنيا وتؤمن بها, وتكن مشاعر التقدير للمجتمعات التي تتمثلها وتمجد مشاعر الاحترام لديها ولا تجرؤ على اتهامه ولا الإساءة إليه". وخلص رئيس الجمهورية إلى التذكير بأنه "من باب الوجوب التأكيد أن الإسلام يجيب على التساؤلات الكبرى التي تطرحها الإنسانية برؤية كونية في عالمي الغيب والشهادة" معربا عن يقينه بأن "الاسلام في ظل ما يعتور العالم اليوم من أزمات وتداخل مصالح ومنافع, وتضارب استراتيجيات في العلاقات بين الدول والشعوب, وعدم توازن جيواستراتيجي, يضمن للجميع الحقوق المادية والمعنوية, دون هيمنة أو استضعاف للآخرين".