صدر مؤخرا عن دار النشر "فرانتس فانون" مؤلف جديد للكاتب والباحث الجزائري المقيم في كندا أحمد بن سعادة بعنوان "كمال داود: كولونيا، التحقيق المعاكس"، هذا المرجع الذي قدمه "جاك ماري بورجي"، حاول من خلاله الدكتور بن سعادة إماطة اللثام عن بعض الكتابات الجزائرية المتشبعة بالثقافة الغربية، وانتقاده بطريقة تعتمد على الوثائق والمراجع. وأشار صاحب كتاب "أرابسك"، أنّ هناك فرق كبير بين نقد المجتمع بطريقة علمية وموضوعية وتشويه رموزه وثوابته المعروفة، موضحا أن عناصر من هذه النخبة باتت اليوم مشهورة بهذه البصمة "التغريبية"، من خلال تهجمها على الدين، اللغة، الثوابت الوطنية وحتى استقلالية الوطن بدون شعور في كثير من الأحيان. ومن بين المثقفين الذين تحدث عنهم أحمد بن سعادة في كتابه يذكر على سبيل المثال بوعلام صنصال الذي زار مؤخرا الكيان الصهيوني، وجميلة بن حبيب والكثير من الكتّاب، الذين باتوا ينتقدون بطريقة عمياء وغير مسؤولة، جميع الرموز والثوابت التي ضحى من أجلها الشعب الجزائري لعدة قرون، مذكرا بالكاتب الفرنسي التونسي الأصل ألبير ميمي، الذي تحدث في خمسينيات القرن الماضي، عن ظاهرة الكولونيالية وكيف تدفع الكثير منهم إلى كره أصله، تاريخه، لغته وحتى مقدساته الوطنية والدينية، تماما مثلما تحدث عن ذلك الكاتب الجزائري مالك بن نبي عن مفهوم "القابلية للاستعمار". وانتقد محدثنا ما جاء على لسان بوعلام صنصال، الذي زعم أن "الكولون يحبون الجزائر أكثر مما يحب الجزائريون بلدهم... !". وتطرق أحمد بن سعادة في كتابه "كمال داود: كولونيا، التحقيق المعاكس"، إلى مسألة تتعلق بوصف الكثير من الكتاب "اللغة العربية بالاستعمارية"، وأنها فرضت فرضا على سكان شمال إفريقيا أيام الفتوحات الإسلامية، ليؤكد محدثنا أن الأمر مغالطة كبرى وفيه الكثير من الإجحاف للغة القرآن، ليؤكد وأن هذه النخبة من المثقفين لا يمكن وصفها إلا بكونها كولونيالية أكثر من الكولون أنفسهم، لاسيما وأنهم تجاوزوا الكثير من الخطوط الحمراء، التي تسيء إلى مجتمعنا المحافظ ورموزنا الدينية والوطنية المقدسة، منتقدا ربط مسألة التحرش الجنسي التي شهدتها مدينة كولونيا الألمانية، في جانفي من السنة الجارية، بديننا الحنيف، وهو ما نفاه محدثنا بشدة واعتبر هذه الأراجيف تطاولا وحيفا على إسلامنا الوسطي السمح، داعيا هذه "الأنتلجنسيا" إلى تجاوز هذه النظرة الضيقة والسلبية لمجتمعنا. خاتما تدخله أن كتابه طعّمه بأكثر من 200 مرجع، حتى تكون مساهمته علمية لا غير تساعد في إثراء الحوار ومناقشة رأي الآخر في كنف الموضوعية وتحديد المفاهيم.