كشف عبد الوهاب زكار، المدير العام للديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية بالجزائر، في لقائه مع ''الحوار''، على مشروع تأسيس مدرسة خاصة تعنى بتكوين مرشدين مختصين في التراث الثقافي، حيث ستشمل الدفعة الأولى، حسبه، عمال المتاحف والهيئة السابقة الذكر. وسيفتح المجال بالمناسبة خلال الدورات اللاحقة، حسب زكار، أمام كل المواطنين الغيورين على تراثهم الثقافي حفاظا على هذا الارث من الزوال وكذا لتسهيل عملية تقصي مرجعية المعلومات التاريخية بشكل مؤكد، و تسهيل عملية تنقل السياح داخل المواقع الأثرية بصورة عادية و إعطائهم معلومات تاريخية في قالبها الصحيح و في إطار منظم، بعيدا عن أي مغالطة. وزارة الثقافة تفتح آفاقا واسعة بغية حماية التراث الجزائري أوضح عبد الوهاب زكار أن وزارة الثقافة ممثلة في الديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية بالجزائر المنبثقة عن الوكالة الوطنية للآثار والتي تهتم بالتسيير الإداري، بعد ان كانت مهامها تنحصر في إطار الوظيف العمومي فقط، حيث تم تحويلها إلى الديوان الوطني لحماية الممتلكات الثقافية المحمية، تسعى جاهدة إلى إبراز القيمة الحقيقية للمخزون الأثري المكنون في رحم الجزائر و العمل على إخراجه إلى الوجود وحمايته من الاندثار. حيث بات من الضروري، يضيف ذات المسؤول، وضع مخططات تنموية من شأنها تزويد هذه المؤسسة من عائدات مالية من أجل امتصاص أعباء هذه المؤسسة الثقافية جراء كثافة البرامج المسطرة والتي تنتظر التنفيذ، وذلك من أجل بعث المواقع الأثرية من جديد والقضاء كليا على النمط التفكيري القديم والنظرة الازدرائية للوكالة السابقة الذكر تجاه التراث الجزائري الذي يعد رمز الهوية الوطنية، يقول زكار. حراس المواقع الأثرية يتحولون إلى مرشدين أبدى محدثنا في معرض حديثه عن أسفه إزاء خلو المتاحف الجزائرية التي يفوق عددها ال 20 متحفا وكذا المواقع الأثرية المنتشرة عبر التراب الوطني، من مرشدين مؤهلين في قطاع التراث الثقافي من شانهم المساهمة في مرافقة الأجانب خلال رحلتهم السياحية داخل المواقع والحظائر الثقافية، مما فتح المجال يقول عبد الوهاب أمام الانتهازين للمتاجرة بتاريخنا وهويتنا. مضيفا: لقد تحول للأسف بعض حراس المواقع الأثرية مثل الحصون والقلاع والمدن التاريخية والمتاحف في الجزائر بين عشية وضحاها إلى مرشدين يرافقون السياح بأجندة تاريخية فارغة أو مليئة بمغالطات فادحة، مستغلين في ذلك خبرتهم المهنية في هذه المواقع لسنين طويلة واكتسبوا بعض المعلومات تاريخية واهية ليسوا متأكدين من صحتها، وراحوا يدخلونها إلى أذهان هؤلاء الزوار من خلال تقمص شخصية المرشد السياحي، كما وجد العديد من الشباب الذين يقطنون الممتلكات المحمية مثل قصبة الجزائر أو دلس أو تيمڤاد مثلا فرصة لمرافقة السياح ويتجولون بهم عبر ممرات وأزقة الأحياء العتيقة وتقديم لهم معلومات حول تاريخ المنطقة دون الرجوع إلى مصدرها الأصلي و ذلك مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 3000 و4000 آلاف دينار جزائري، وهنا يحضروني المثل القائل في تراثنا الشعبي الأصيل و الغني بالعبارات الرائعة ''المال السايب يعلم السرقة''. دوافع وراء تكوين مرشدين مختصين في التراث المحفوظ يقصد دار عزيزة المقر الإداري للديوان السابق استنادا إلى ذات المسؤول العديد من السياح الأجانب والمحليين من أجل الحصول على مرافق مختصة في الشؤون التاريخية، وأمام النقص الكبير الذي نعاني منه في هذا الجانب، فقد اهتدينا إلى وسيلة من خلالها يمكن توفير اليد العاملة في هذا المجال، حيث رأينا أنه من الأهمية بمكان فتح باب واسع أمام عمال القطاع الثقافي أولا، كما نتمنى خلال الدورات الآتية أن تشمل المواطنين الراغبين في التكوين كمرشدين سياحيين مختصين في فرع التراث الثقافي المادي وغير المادي، والحاصلين على شهادة الليسانس وما يعادلها، وقد تم تحديد مدة التكوين بشهرين كاملين بمعدل مرتين في الأسبوع أي أيام السبت والإثنين ابتداء من الساعة الثانية إلى الرابعة مساء وذلك، يقول زكار، من أجل إعطاء الفرصة لكل الراغبين في التكوين في هذا المجال. وبخصوص النظام الدراسي المعتمد أوضح زكار أن العملية تخضع لمقاييس بيداغوجية وستشمل شقين الأول نظري يتم داخل الأقسام التي ستحتضنها مصلحة المكتبة قصر 23 بالجزائر العاصمة في انتظار تعميمها على باقي القطر الوطني، وكذا جانب تطبيقي، حيث سيتم تخصيص جولات ميدانية إلى المواقع الأثرية وكذا على مستوى المتاحف الجزائرية، وسيؤطرهم دكاترة مختصون في علم التاريخ والآثار، وسينطلق موسم الدراسة خلال الدخول الاجتماعي المقبل بالضبط في 4 سبتمبر القادم. التكوين له أبعاد اقتصادية أكد زكار أن الطالب سيتحصل في نهاية الدراسة بشقيها النظري والتطبيقي على شهادة معترف بها من قبل الوظيف العمومي، كون هذا التربص مقررا من طرف وزارة الثقافة بصفتها الهيئة المخولة رسميا للحفاظ على التراث الثقافي الطني، والتي تسعى دوما، يقول زكار، إلى حماية كل شبر من التراب الوطني له خلفية تاريخية، مشيرا في سياق ذاته إلى أن هذا التكوين سيسمح للشباب خاصة البطال في إيجاد مناصب شغل لهم عن طريق ربطهم بمراكز البحث التاريخي و المناطق الأثرية وما أكثرها في الجزائر، وسيكتسبون خبرة ميدانية تؤهلهم لمرافقة السياح بصورة قانونية وهم يتجولون في مدننا التاريخية، وإفادتهم بمعلومات صحيحة وأكيدة حتى يعطي صورة مشرفة عن تاريخ الجزائر، وكذا وضع نصب أعينهم خارطة الجزائر التاريخية والحضارية حتى يغرفوا من المنبع الأصلي والابتعاد من أسلوب مغالطة السائح و تقديم له معلومات غاية في الأهمية وذلك لأنعاش ثقافة السياحة في بلادنا. كما اشار محدثنا الى نقص التكوين عند العديد من الصحفيين الذين ينشطون في الأقسام الثقافية في وسائل الإعلام الوطنية، الامر الذي دفع بالديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية إلى تكوين الصحفي الراغب في هذا الميدان وذلك عن طريق تلقينه طرق معالجة المعلومة التاريخية، باعتباره المسؤول الأول و المباشر على تقديم المادة التاريخية صحيحة للمواطن من خلال الربورتجات التي يقوم بها حول مختلف الصروح والمعالم التاريخية، تفاديا لأسلوب السرد التاريخي غير المؤسس على قاعدة بيانات أكيدة.