إذا كانت كل الدول المنتمية إلى منظمة الأممالمتحدة , متفقة حول ضرورة إصلاح المنظمة الأممية و مجلس الأمن الدولي , إلا أن هذا الاصلاح المنشود يبقى رهن تجاذبات الدول صغيرها و كبيرها و متوسطها , بل و رهن اقتراحات رؤساء الدول المتعاقبين على حكم هذه الدولة أو تلك .و هو ما يفسر تراوح ملف إصلاح المنظمة الأممية في مكانه منذ إدراجه ضمن توصيات اجتماع القمة العالمي سنة 2005 . و هو العام نفسه الذي تبنى خلاله الاتحاد الإفريقي مطلبه بإصلاح منظمة الأممالمتحدة بشكل ينصف القارة الإفريقية و هو موقف تم اتخاذه بالإجماع في مارس من نفس العام بمقاطعة إيزولويني بمملكة سوازيلاند تحت تسمية "إجماع ايزولويني". و تم تأكيده في العام الموالي 2006 في إعلان سيرت الليبية , و يعبر عن "مطالبة الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي بضمان مشاركة أكثر إنصافا و توازنا و تمثيلا لإفريقيا كي يتسنى لها لعب دورها بشكل كامل إلى جانب المجتمع الدولي في حفظ السلام عبر العالم ". و لهذا الغرض تم تأسيس لجنة ال10 ,سنة 2005, من طرف الاتحاد الافريقي بهدف ترقية الموقف الافريقي المشترك ,حول اصلاح مجلس الامن والدفاع عنه. وتتكون من سييراليون رئيسا , و عضوية الجزائر وليبيا والسينغال وغينيا الاستوائية وجمهورية الكونغو وكينيا واوغندا وناميبيا وزامبيا. و قد قدمت هذه اللجنة عدة تقارير (أكثر من 15 تقريرا ) منذ إنشائها إلى الاتحاد الإفريقي كرست كلها مطلب الأفارقة الذي تضمنه إجماع إيزولوني , و الداعي إلى منح القارة السمراء مقعدين دائمين في مجلس الأمن مع حق النقض و 5 مقاعد غير دائمة و توسيع تشكيلة المجلس لتضم 26 عضوا . و هو المطلب الذي ترافع عنه الجزائر في المحافل الدولية, آخرها كان خلال الدورة ال71 للجمعية العامة الأممية المنعقدة حاليا بنيويورك , و تدعو بقية الدول الإفريقية إلى التمسك به و اجتناب الخلافات التي تضعف الموقف الإفريقي . حيث ما فتئ رئيس الديبلوماسية الجزائرية يدعو إلى" ضرورة الإسراع في مسار إصلاح منظمة الأممالمتحدة، من أجل تعزيز شرعيتها والرفع من فعاليتها في مواجهة التحديات الجديدة التي باتت تهدد البشرية جمعاء. وانطلاقا من دور الجزائر كعضو نشط في لجنة رؤساء الدول العشر للاتحاد الإفريقي من أجل إصلاح مجلس الأمن للأمم المتحدة، فإن الجزائر ترافع دوما من أجل تركيبة أحسن تمثيلا وأكثر عدلا، في عالم اليوم، لهذه الهيئة الأساسية للأمم المتحدة." كما أكد السيد عمامرة في أكثر من مناسبة متأسفا في نفس الوقت " للنتائج الضعيفة المسجلة في مجال تجسيد الجهود الرامية لجعل مجلس الأمن الاممي أكثر تمثيلا للشعوب و لتطلعاتهم"
ملاحظا أن ذلك "لن يفقد (إفريقيا) الأمل في فرض مطالبها لاسيما تلك المتعلقة بإصلاح مجلس الأمن الأممي وحق القارة الإفريقية في منصبين دائمين مع حق الفيتو". منوها كذلك بجهود لجنة العشرة التي اعتبرها " من الهياكل الفاعلة في الاتحاد الإفريقي بالنظر الى رغبة أعضائها في إقناع بقية دول العالم على ضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشروعة للقارة الإفريقية." نعم و لكن دون فيتو و لا شك أن إفريقيا مطالبة بالصبر الجميل قبل أن تقتنع بقية مجموعات المصالح المعنية بملف إصلاح منظمة الأممالمتحدة و مجلس الأمن , بمطلبها في التمثيل العادل في الهيئتين . و من أبرز هذه المجموعات تلك التي تضم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي ,و الذين لا يعارضون مبدئيا مطلب توسيع تشكيلة مجلس الأمن و منح العضوية الدائمة أو شبه الدائمة لأعضاء جدد لكن بدون التمتع بحق النقض "الفيتو". و هو ما يشكل عقبة كأداء في طريق إصلاح المنظمة الأممية , في نظر بقية المجموعات . و منها "مجموعة الأربع" التي تتكون من ألمانيا و البرازيل و الهند و اليابان و هي الدول الأربع الأولى التي أوصت لجنة عمل عليا نصبها السيد كوفي عنان , بمنحها مقاعد في مجلس الأمن , غير أن هذا الاقتراح اصطدم بمعارضة أعضاء آخرين مثل إيطاليا التي عارضت انضمام ألمانيا إلى عضوية مجلس الأمن , و شكلت مع باكستان مجموعة مصالح خاصة بها سمتها "متحدون من أجل التوافق " . و قد سقط مشروع هذه المجموعة بعد معارضة مجموعة الاتحاد الإفريقي له و بالتالي عدم إمكانية حصوله على 128 صوتا الضرورية لعرضه على الجمعية العامة الأممية . مثله مثل مشروع مجموعة "الدول الصغرى منها الأردن التي تطالب بأخذها في الاعتبار في التشكيلة المستقبلية لمجلس الأمن الدولي . و إذا أضفنا إلى هذه العوائق التي تواجه مشروع الاتحاد الإفريقي حول إصلاح مجلس الأمن الأممي , الخلافات البينية بين أعضاء هذا الاتحاد , فزيمبواوي ترفض أن تمثيل إفريقيا في مجلس الأمن من طرف جنوب إفريقيا و نيجيريا , و ليبيا كانت ترافع في عهد القذافي بإلغاء حق الفيتوا , و تمثيل المنظمات الإقليمية بدلا من الدول في مجلس الأمن الأممي , و جنوب إفريقيا أيدت الحصول على مقاعد بمجلس الأمن و لو مجردة من حق النقض خلافا لمطالب الاتحاد الإفريقي , إذا أضفنا هذه الخلافات و طموحات العديد من الدول في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن , تجلت لنا بوضوح الصعاب التي تواجه لجنة العشرة لإقناع المجتمع الدولي بمشروعية مطلب القارة السمراء بالمشاركة في تسيير الشأن الدولي و في صياغة القرارات الأممية . إنها مهمة صعبة للغاية , لكنها ليست مستحيلة . السمراء الغائب الأكبر