الاعلان عن نتائج الدورة الثالثة أفريل 2025 للالتحاق بمهنة مترجم    سلطة ضبط السمعي البصري ترصد تجاوزات مهنية    إلتزام الجزائر الراسخ بدعم "القارة" في مجال النفط والغاز    تراجع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمئة    صادراتنا عبر الموانئ تجاوزت 5 مليارات دولار في عام 2023    الكيان الصهيوني يمنع دخول المساعدات لغزة منذ 50 يوما    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51266 شهيدا و 116991 مصابا    وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح    مجمّع "ليون" الماليزي يريد الاستثمار في بالجزائر    توقيف أشخاص حرّضوا على المضاربة في منتوج البطاطس    الإعلان عن تشكيل جمعية للجزائريين المقيمين بهولندا    تواصل جلسات إثراء القانون الأساسي والنظام التعويضي لأسلاك التربية    حياة النشطاء مهدّدة والاحتلال المغربي يصعّد من القمع    التدخّل الدولي الإنساني العاجل في غزة ضرورة قانونية وأخلاقية    الجزائر بحاجة إلى جبهة إعلامية موحّدة    تفكيك شبكتين وضبط 4 قناطير من الكيف مصدرها المغرب    تقييم العمليات الخاصة بإعادة تأهيل السد الأخضر    مسابقة وطنية لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    وفد روسي بالوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار للتعرف على المنظومة الاستثمارية الوطنية    فرنسا : "مسيرة الحرية" تواصل مسارها في بيزييه دعما للمعتقلين السياسيين الصحراويين في سجون المغرب    تمنراست : بتكليف من رئيس الجمهورية وزير الثقافة والفنون يقدم واجب العزاء إلى أسرة الراحلة بادي لالة    وزير الاتصال يبرز أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام الاحترافي في مواكبة التحديات الراهنة    الذكاء الاصطناعي.. هل يزيد البشر غباءً؟    انتخاب كمال سعيدي عضوا في المكتب التنفيذي    التدخلات الجراحية ليست ضرورة لعلاج انسداد شريان الرقبة    "الخضر" يواجهون رواندا بقسنطينة وهذه خطة بيتكوفيتش    صادي يشدد على الصرامة وتفادي الأخطاء في الجولات المقبلة    العدوان الصهيوني على غزة: التدخل الدولي الإنساني العاجل في القطاع ضرورة قانونية وأخلاقية    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    الحقل التكويني رهين بقدرة التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الجريئة    انقلابيو مالي يريدون تصدير فشلهم الذريع بمحاولة تشويه صورة الجزائر    بيتكوفيتش يستعيد خيارا قويا في تشكيلة "الخضر"    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    زروقي يبرز مجهودات الدولة لتحقيق التنمية الرقمية    دراسة آليات بيع الأضاحي المستوردة    كرة القدم :"الخضر" يواجهون منتخب رواندا وديا يوم 5 يونيو المقبل بقسنطينة    علاقاتنا بتركيا متكاملة    قانون جديد للأوقاف    معرض إفريقي بالجزائر    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تنظيم مسابقة وطنية للطلبة لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    كرة القدم: وليد صادي يجتمع بحكام النخبة في لقاء للتوعية حول الجولات المتبقية من البطولة    تمنراست: الكتابة والنشر ضمن أولويات برنامج المحافظة السامية للأمازيغية    حوادث الطرقات: وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    إطلاق حملة توعوية للوقاية من حرائق المحاصيل الزراعية عبر عدد من ولايات الجنوب    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيعيات
كورتيج الشهامة
نشر في الجمهورية يوم 26 - 02 - 2017

شحال راها الساعة !؟ ، كم بقي من الوقت ؟! السؤال الذي نكبر معه، ونكبر داخله. نسمعه كثيرا من آبائنا ثم نكرره لأبنائنا، ثم نرحل جميعا ونتركه يتردد خلفنا عبر الأزمان اللامتناهية الخروج في الوقت المناسب، والوصول في الوقت المناسب..كل الأبواب لها وقتها المناسب كي تُفتح أو تُغلق.. الحياة أيضا لها ساعتها الحائطية، أو تلك القابضة بقوة على معاصم الناس اليسرى، عند ارتجافات النبض تماما. ساعات بأسعار مختلفة، من الذهب أو الماس أو الفضة أو الجلد، إلا أنها تعبُر الزمن بإيقاع واحد لا تؤخره أثمانُها، ولا تقدمه لثانية واحدة، أو لجزيء من الثانية
الوقت أنتِ. مجيئك إليه، وذهابك منه، وإقامتك فيه.لا تكوني أنانية في وقتك إمنحيه لغيرك. لمن يستحقه.لا تضيعيه..! يقول أبي. إنه من ذلك الجيل الجميل الذي في طريقه نحو الانقراض. جيل لا يعتبر الوقت ربيبا للحياة بل عمودها الفقري. الساعة ليست زينة بل حساب شمسي أو قمري. تنبت زهرتاه داخل ساعة حائطية، أو جيبية صدرية، أو معصمية، أو معلقة على سارية محطة القطار. اللعنة على ( الروتار). وعلى فوبيا الوقت المناسب أو "الوقتاسب
". شحال راها الساعة ؟! لا بد أن أصل باب المدرج بجامعة السينيا قبل طلبتي. هكذا عودْتُهم. أراهم يدخلون جميعا ثم أغلقه ونبدأ الدرس. لم يعد سهلا على أحد منهم الوصول متأخرا. يُحدث ضجيجا بخطواته، وهو يفتح الباب أمام عشرات الأعين المستغربة. العشرية السوداء حارقة، وأنا هذا الصباح قمت باكرا، على الرغم من أنني سهرتُ الليل طويلا، ليس بسبب الأرق الذي تسببه نشرة أخبار الثامنة، بل لأعمل على نصّ جميل وصعب من رواية سرڤانتيس(دون كيخوته دي لامانتشا) الذي سأدرِّسه بعد ساعات لطلبتي في جامعة السانيا. لست أدري كم دورة درتُ في أركان البيت. مثل تسونامي أو زوبعة عاصفة، مثلما تفعل الأمهات حول صغارهن وربات البيوت عادة، أو كما يفعل النحل. شحال رآها الساعة ؟! ركبتُ سيارتي "سييللو" البيضاء،تعني السماء باللغة الإسبانية. وضعتُ محفظتي على المقعد الأيمن وأدرتُ أغنية ما، ثم انطلقتُ
. شحال راها الساعة ..؟! عليّ لأربح الوقت، وأصل في الوقت المناسب إلى الجامعة، ولأقف في الوقت المناسب عند باب المدرج، لا بد أن أتجنب تضييع الوقت في مطبات السير بالمدينة، وأتجنب الشوارع المكتظة. اخترتُ المرور كالعادة عن طريق الأوتوروت المؤدي إلى المطار. من عند الجسر الصغير يسهل الوصول السريع إلى جامعة السانيا. الطريق سالك. سيارات مسرعة جدا كالعادة. شاحنات كبيرة وكأنها قاطرات شحن متواصلة، يُسمع صفيرُها الحاد وهي تتجاوز بقوة وسرعة السيارات الصغيرة فتتململ، فتكاد تفقدها توازنها. ساعةُ السيارة تشير إلى أن الوقت المتبقي لأصِلَ في الوقت المناسب لا يتعدى نصف الساعة. بقَدمي كنت أزيد السيارة بنزينا وأستزيدها سرعة. لكنني فجأة سمعت سيارة سييللو أو السماء تكحّ بقوة. تختنق، ثم تتوقف . نعم توقفت السيللو/السماء في الخواء فجأة.. لا أحد، وإنها العشرية الصعبة ! اشحال راها الساعة ؟! حرصتُ أن أستغل حشرجتَها المتبقية وحركتها البطيئة الأخيرة، كي أصفها أقصى اليمين درءا لكل طارئ. فالطريق سريع وغير رحيم وإنها العشرية الصعبة. نزلتُ من السييللو/السماء بعد أن جذبتُ القفل الذي يفتح الغطاء الأمامي للسيارة علّني أستغل معلوماتي حول "الموتور". ما أن فتحتُ الباب ووضعتُ قدمي اليسرى على اليابسة حتى رأيتهم قادمين. تفاجأتُ وأنا أرى سيارتين عاديتين، وطاكسي، وشاحنة كبيرة جدا ممتدة مثل قطار مبتور، يصطفون على اليمين من خلف سيارتي، ثم من أمامها ويأتون مهرولين. سلموا عليّ بمنتهى الأدب.. تبادلوا بعض الكلمات المقتضبة بينهم ثم أنكبوا على الموتور يتفحصونه. استأذنني صاحب الشاحنة وهو رجل نحيف وطويل جدا لأخذ مكاني. دفع المقعد إلى الخلف ليسع المكانُ ساقيه الطويلتين جدا مثل شاحنته. انكب صاحب التاكسي على الموتور وحوْله الرجلان الآخران. كلٌّ يشير إلى شيء ما. وما هي إلا دقائق حتى اشتغل الموتور وتنفست السييللو الحياة من جديد. وقف الرجال الأربعة الذين لا يعرف أحدهم الآخر، ومن المؤكد أنهم على سفر طويل من وهران نحو مدن مختلفة.. سمعتُ حديثهم بلكناتهم المختلفة وهم يطلبون من صاحب التاكسي أن يسير خلفي حتى أصل إلى الجامعة. اشحال الساعة ؟! من الذي منكم ( أون روتار).! شكرتُ الرجال الأربعة بأدب وخجل، أدرت المفتاح ثم انطلقتُ نحو الجامعة. كانت سيارة التاكسي الصفراء خلفي. صعدتُ الجسر الصغير ومنه تركت الأوتوروت. ما أن اقتربت من الباب الكبير لجامعة السانيا، وفعّلتُ الإشارة الضوئية نحو اليسار، وأردت أن أشير باعتراف لصاحب التاكسي، حتى تفاجأت ب"كلاكسونات" وإشارات ضوء الشاحنة التي تشبه القطارالمبتور، والسيارتين والطاكسي. إنهم مازالوا ورائي يتبعوني مثل "كورتيج" حقيقي هادئ. أشاروا بأذرعهم ليعْلمونني أنهم مازالوا هنا، وأنهم سعداء لأنني وصلتُ. ولا يهم أنهم سيدورون دورة كاملة ليعودوا إلى الأوتوروت. ولا يهم إن تأخروا عن الوقت المناسب. ولا تهم ظروف العشرية الجريحة الصعبة. مادام لشهامة الرجال/الرِّجالِ وقتٌ مناسب .!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.