قطعت ولاية مستغانم أشواطا كبيرة في التنمية من خلال تهيئة غالبية القرى المتواجدة بالمنطقة و المقدرة إجمالا ب 540 دوار بها أبسط مقومات الحياة في الوقت الحالي رغم معاناة الساكنة من مختلف الضروريات كالمياه أو الإنارة العمومية أو الغاز ، غير أنهم في منأى عن الحياة البدائية مثلما كان عليه الأمر في السنوات السابقة ، بفضل جهود السلطات المحلية لحل أغلب مشاكل هذه المناطق على غرار دواوير الشايف و الدحايحية و سيدي مسعود ببلدية اولاد مع الله. إلا ان الأمر غير متطابق بالنسبة لفئة من المجتمع المستغانمي تعيش في بعض الجهات البعيدة عن الأماكن الحضرية و تتخذ من الخيم سكنا لها، و نعني بهم البدو و الرحل الذين يعتبرون أكثر الناس غبنا في ولاية مستغانم من حيث الظروف المعيشية ، إذ تختلف عاداتهم عن تقاليد سكان المدينة ، فرغم ان هناك تشابه في بعض الأمور لكن تبقى لهم عادات خاصة بهم تميزهم عن غيرهم يتمسكون بها بشدة بالرغم تطور المجتمعات. و الحديث هنا يجرنا للتطرق عن البدو الرحل بدوار الدواير بمنطقة المقطع القريب من بلدية فرناكة، حيث ان العديد من العائلات من البدو يعيشون وضعية غير حضارية سواء في مأكلهم او مشربهم او ملبسهم و التي تعتمد كلها على طرق بدائية كطهي الطعام على الحطب الذي يجمعونه من الأشجار الكثيفة التي تحيط بالمقطع و قليل منهم من يستعمل الموقد التقليدي ان توفرت لديه قارورة غاز بوتان . كما أنهم يعتمدون على تناول خبز الشعير الذي يصنعونه بأيديهم، ولا اثر للخبز العادي الذي يباع في المخابز بالنظر إلى بعدهم عن اقرب منطقة شبه حضارية. أما مهنتهم فهي الرعي و لا يعرفون سواها و يمتهنها الكبير و الصغير و تجد أكثرهم فقراء لا يتذوقون اللحم إلا في عيد الأضحى أو في المناسبات القليلة كالختان او الزفاف. أكل اللحم معناه القضاء على أرزاقهم فضولنا جعلنا نسال احد أفراد العائلة من البدو الرحل الذي كشف بان أوضاعهم المعيشية صعبة و لكن ليست مثل غيرهم الذين يعيشون في الصحراء ، مؤكدا أنهم يضطرون لبيع بعض رؤوس الماشية لشراء الدقيق و الزيت و السكر و الشاي و قليل من الخضر بل أنهم يشترون أيضا من هذه الأموال كمية من الأعلاف من اجل ان تعيش بقية الغنم و هكذا على الدوام. أما العيش على اللحم فمعناه بالنسبة لهم القضاء على أرزاقهم.هذه الحالة تنعكس دائما سلبا على صحتهم ، حيث يعاني غالبية منهم من الأمراض نتيجة سوء التغذية و عدم تلقيح الأطفال فضلا عن الأمية المتفشية وسط السكان.أما نمط معيشتهم فتتمثل في تكفل الرجال و الأبناء بالرعي ، في حين أن النساء تعشقن النار فهن يشعلنها و تحضرن الخبز و الطعام ، إلى جانب ذلك فان تلك النسوة لا يلدن إلا بمفردهن في بعض الأحيان و على الطريقة البدائية بسبب عدم وجود وسائل النقل لدى الأهالي للذهاب إلى المستشفيات. فرحة عارمة عند زيارة القوافل الخيرية ذات المتحدث ذكر بان سعادتهم تكون كبيرة عندما تزورهم قوافل من الجمعيات الخيرية بما تحمله إليهم من دواء و غذاء و كساء. معاناة البدو الرحل تزداد بحدة في حال الاضطرابات الجوية ، حيث يدفعون الثمن غاليا عند تهاطل الأمطار بغزارة أو أثناء العواصف ، بدليل ان التقلبات المناخية الأخيرة التي سادت مختلف مناطق مستغانم أدت إلى تدخل الحماية المدنية لإجلاء 6 عائلات من البدو الرحل بعدما غمرت المياه و الأوحال خيمهم بقرية الدواير و تلك العائلات كانت متكونة من 43 فردا منهم 3 معاقين كما تم انقاذ 500 راس من الغنم هي ملك لهذه الاسر المتضررة.