ساهمت مؤخرا التظاهرة الثقافية المنظمة طيلة الشهر المنصرم »شهر التراث« والتي كانت تحت شعار »التراث الثقافي والمجتمع الجواري« الى حد كبير في ترسيخ الثقافة الخاصة بزيارة المتاحف التي كانت شبه مهجورة فيما مضى حيث وصل عدد زوار متحف زبانة خلال فعاليات ذات التظاهرة لنحو (5) آلاف زائر وزائرة جابوا مختلف أجنحة وأقسام ذات الصرح الثقافي والتاريخي الذي يزخر بالكنوز الأثرية المتوارثة عن مختلف الحقب الزمنية التي مرت بها حاضرة وهران وما جاورها مما يعكس توجها جديدا نحو تثمين التراث المحلي وإستكشافه لدى مختلف شرائح المجتمع المحلي حيث كان الأمر يقتصر فقط على الطبقة المثقفة وبعض المهتمين والدارسين لمجال التاريخ والتراث المادي لا غير. وكان على رأس القائمة العريضة لزوار المتحف خلال التظاهرة التي إختتمت في 18 ماي الجاري تلاميذ من مختلف الولايات المجاورة على غرار مستغانم وسيدي بلعباس الذين حلّو بالولاية في إطار النشاطات التي إحتضنها المتحف طيلة شهر كامل، حيث بلغ عدد الزوار من تلاميذ المدارس أزيد من (300) تلميذ وتلميذة إستهوتهم إبداعات الأسلاف البسيطة في مظرها والغارقة في القدم والإبداع الإنساني ناهيك عن دلالتها التاريخية الهامة المؤرخة لمختلف الحضارات المتعاقبة على المنطقة خصوصا منها الفترة الفينيقية والعثمانية والإسبانية وغيرها. ومثلت التظاهرة الثقافية فرصة هامة للجيل الصاعد من التلاميذ والشباب لإكتشاف الزخم الثقافي لأبناء المنطقة الغربية من الوطن المتجسد في التحف والمخطوطات الفنية النادرة والقيّمة التي يحتويها المتحف الوطني الذي يعجّ بالكنوز التراثية الوطنية، كما ويعكس الإهتمام المسجل في الفترة الأخيرة بموضوع التراث المادي واللامادي درجة الوعي الكبير للمواطن والزائر لهذه الصروح الثقافية الرامية لنقل رسالة المبدعين الأوائل وتثمينها والحفاظ عليها كونها من دعائم الذاكرة الجماعية وكذا الهوية والإنتماء الثقافي للأمة الجزائرية عموما في ظل غزو الفضائيات الأجنبية التي تمجد عبر أفلامها السينمائية شخصيات وهمية داعمة لمصطلح »الصناعة الثقافية الإستهلاكية« التي هي من لبّ العولمة وغزو الثقافات الدخيلة على مجتمعنا عبرها والتي تجعل الفرد مجرد مستهلك لا هوية له ولا إنتماء حضاري أو ثقافي يسعى كما يؤكد علماء النفس لتقمص شخصيات الأبطال السينمائيين الوهميين الذين سرعان ما يتناساهم التاريخ والذاكرة الأنية ليفسحوا المجال لأبطال آخرين أو بالأحرى »لإنتاجات أخرى« وذلك عكس الأبطال الحقيقيين والثوريين من مختلف القرون والحقب الزمنية والذين تزخر بهم الجزائر حيث تحاول إدارات هذه المتاحف تمجيد مآثرهم ونقلها للأجيال الحالية المطالبة بدورها بالنبش في التاريخ وإستنباط الحكم منه.