تنفرد ولاية البيض بميزات كثيرة من اهمها انها رعوية فلاحية ذلك ان تربية الماشية هي النشاط الاهم الذي يمارس من طرف غالبية السكان لوفرة مساحات الرعي و التي قلما يوجد مثيلا لها في الولايات الاخري المشابهة و الممارسة لذات النشاط خصوصا في جنوبها الغربي حيث تقع مدينة الأبيض سيدي الشيخ و بريزينة و البنود في اتجاه و لاية ادرار الامر الذي بوأها مكانة هامة بين كبار الموالين من مختلف ربوع الوطن منهم الأرباع من الاغواط و أولاد نايل من الجلفة وحميان من النعامة الذين يتحسسون ظروفها المناخية باهتمام بالغ و مكمن ذلك يرجع الي موقعها المتميز كبوابة للصحراء ومناخ صحرائها الذي يتناسب و تربية الماشية مضاف لها نوعية النبات الكثيرة التي حباها الله تعالى بها فهي ذات جودة عالية تلتهمها الماشية بشراهة فعلي هذه الارض المترامية التي يتجاوز الصالح منها للرعي الخمسة ملايين هكتاريرتع حوالي مليوني رأس لتغدو مساهما وشريكا أساسيا في وفرة مادة هامة للمواطن انها اللحوم و من الطبيعي ان يكون هذا الانتعاش رهن بما تجود به السماء من الأمطار التي وان تاخر هطولها هذا العام فانه قد مكن من انقاذ الموسم الفلاحي مما يجعل أديمها مصدرا للخيرات وهو ما تم خلال الايام القليلة الماضية لتستعيد بذلك اخضرارها بعد ان كاد اليأس يتسلل الي المربين بداية هذا الموسم جراء هذا الشح مما حتم تدخل الدولة لانقاذ هذه الثروة الوطنية اذ تفيد مراجع الجمهورية ان الجهات المعنية قد تدخلت بتوفير مادة الشعير فوزعت خلال السنة الماضية 402,580 قنطار مقابل 123,755 قنطار في سنة 2009 و هو ما يعني زيادة تفوق 300٪ الامر الذي لن يحصل هذا العام حسب العديد من المختصين الذين يرون ان هذه المصاريف ستقل و تزيل عن كاهلهم مصاريف طالما ارقتهم و ضاعفت من متاعبهم لكن هذه الوضعية لن تطول لتشهد انفراجا علي الاقل خلال فصل الصيف و بددت مخاوفهم من الاخفاق و ازالت كابوس الجفاف و مرد ذلك يرجع لهذا الكم من التساقط الذي فاق كل التوقعات في هذه الفترة بتداعياته الايجابية علي النشاط الرعوي فانعش المراعي التي اخضرت و جنبت المربين العناء مما يضمن فصلا صيفيا خاليا من المتاعب ليكون استثنائيا لتعود البشاشة بعد طول عبوس اراح النفوس و اشبع المواشي التي ترتع من خيرات هذه الارض التواقة إلي مثل هذه المناظر التي تملأ العين فحسب الحاج محمد الذي يحترف هذا العمل منذ سنوات فان كل المؤشرات توحي بنجاح العام الفلاحي نظرا للتغير المناخي الذي شهدته ولاية البيض اواخر ماي و بداية جوان فسقاها الله تعالى وهي النعمة التي زادتها جمالا و رونقا فأزاحت عنها رداء القحط و ارتدت لباس الاخضرار فعاد المئات من الموالين من الولايات الاخري للتصييف بمنطقة الابيض سيدي الشيخ و هذا ما يظهر من خلال المركبات خصوصا من الجلفة و الاغواط و النعامة مما يزيد من وتيرة الحركة و يتيح فرص الاسترزاق للبطالين و يرفع من كمية المنتوجات ذات العلاقة ما جعل الولاية رائدة في الانتاج الحيواني اذ تفيد ذات المراجع التي بحوزة الجمهورية ان هذا النشاط الفلاحي قد شهد تطورا سنة 2010 بانتاج حوالي 204,502 قنطار مقابل 181,525 قنطار في سنة 2009 اما الحليب فقد انتج 69,379,000 لتر خلال 2010 مقابل 65,118,000 لتر في السنة التي قبلها و هذا ما يعطي للمنطقة مكانتها في الاقتصاد الوطني ليس هذا فحسب بل ان هذه المواقع ليست حكرا علي الموالين فقط الذين ألفوا هذه الحياة يحلوها ومرها حتى وان كانت قاسية فقد شاركهم فيها استثناء هذا العام سكان المدينة و السواح من ولايات مجاورة قصد تمضية اوقات بين ثنايا هذه المروج وتحديدا في نهاية الأسبوع بعيدا عن ضجرالمدينة و ضوضائها للاستمتاع باوقات هادئة في هذا الوسط وهو لا يتطلب جهدا كبيرا فالاخضرار يحاصر الزوار وأي مركبة تؤدي الغرض و التي صارت تشكل سلسلة غير منتهية علي الطريق الرابط بين البنود والأبيض حيث تشدهم الطبيعة الصحراوية الناظرين محولة الجهة إلي مقصد للتنزه والتمتع وهذا ما وقفنا عليه من خلال الحركة التي تتميز بها هذه الايام اتاحت للعائلات و الاطفال جوا من الراحة و الطمانينة التي يحاولون بها دفن التعب و تجديد النشاط لقادم الايام الذي طالهم و تنسيهم ضجيج المدينة فكانت هذه الحركة التي ازدادت و تسارعت وتيرتها هذا الاسبوع لمئات السيارات مقبلة ومدبرة بين الاحراش و التلال و الجبال و الكثبان ليخيل للزائر انه في منطقة ساحلية علي الشواطيء فالحركة مزدحمة ومتواصلة في سباق محموم مع الزمن للظفر بأوقات في جغرافية من الواقع لتصنع لوحة من المتعة و الروعة يحاول السواد الأعظم من الناس فك طلاسمها و اكتشافها و التجوال والتنزه فيها وقد اغتنمنا المناسبة حيث التقينا ببعض مرتاديها يتعلق الأمرب م عبد الناصر 50 سنة الذي كان مرفوقا بعائلته حيث أكد لنا ولعه و شغفه بمثل هذه اللوحات الطبيعية التي تستهوي الكثير و تغريهم في رحلة البحث عن الراحة و الاسترخاء الذي تعد هذه الامكنة موطنا لا بديل عنه فهي مريحة تسمح للاطفال ليقلبوا لوحات يغلب عليها الاخضراروهو يفضلها عن المدن الساحلية التي سياتي وقتها لاحقا وقد كان بصدد تناول الغداء رفقة العائلة وسط الاخضرار مما يعطيه نكهة و احساسا لا مثيل له لا يشعر بقيمتها الا من جربها و يبدو ان أمثال محدثنا كثيرون تشهد علي ذلك الطرقات التي تعج بالمارين وحتي المقيمين لتصبح الشوارع شبه خالية من السكان الذين شجعهم هذا الجو الذي يسود الجهة للقيام بنفس الرحلات لقضاء فترات حتى وان كانت قصيرة خارج المناطق الحضرية والعمرانية دفعا للروتين والملل وتغييرا للجو و بالتالي اكتشاف ما تحتويه من مزايا اذ يندر أن تجد مثيلا لها بينما ميسوري الحال الذين لا يملكون المركبات فمشارف المدينة تتيح لهم أيضا المتعة حتى وان قطعوها مشيا فان ذلك لا يفوت علي فرصة التجوال رفقة بنيهم فلا فرق بين اية جهة فا لاخضرارو ان لم يكن بنفس كثافة العام الماضي لكنه يصنع ديكورا من الاخضرار علي مجمل المدن و ضواحيها غير أن القاسم المشترك بينهم ان الرحلة لن تكون ذات نكهة ومريحة دون الشاي طهيا علي نار الحطب اذ يعد مشروبا مفضلا كعادة أهل الصحراء لنكهته الخاصة في هذه الطبيعة الخلابة التي لاتستغني عن مشروب الشاي الذي لا تستقيم الرحلات الا به كعادة اهل عموم الصحراء فهؤلاء المتجولون قد تختلف اهدافهم لكن الغاية واحدة التمتع بكل مظاهر الحياة في البادية فهناك من يقتنص الفرصة لقتل الوقت ومن يحاول ان يسترق ولو لحظات عيش البدو الرحل المليء بالتحديات و الصعوبات و اماطة اللثام علي الكثير من جوانبها الخفية بالإضافة الي جني بعض النباتات التي تدخل في إعداد بعض الأطباق وحتى المستعملة في التداوي مثل نبتة الازير و الشيح وغيرهما وهذا من أهداف هذه الرحلات المضمونة النتائج سواء علي الصعيد النفسي بما يتيحه للفرد من راحة واطمئنان ويجعله يدفع الملل و هي استراحة مهمة جاءت في أوانها بعد فترات العمل و الاجهاد حيث انتظم العمال افواجا للقيام برحلات نهاية الاسبوع للغوص في اعماق الصحراء و قد استهوتهم مناظرها الخلابة التي انتعشت بها الحركة وسادها النشاط و الحيوية وطبيعتها التي لا تمل وهو ما افتقدته في سنوات سابقة نظرا للجفاف الذي أصابها في الصميم من خلال انقراض العديد من الكائنات النباتية والحيوانية المنتظران تعود الي سابق عهدها ان وجدت الامان كالغزال والعديد من الانواع التي لا شك انها ستنتشي بهذه التغييرات المناخية للاستمرار في هذ الوسط حيث الحنين دوما الي تلك الربوع الزاهية الالوان في صراع البقاء بعد وفرة الغذاء لتعود لوظيفتها الاصلية وسابق عهدها وسطا طبيعيا للتنزه وللتجوال وتربية الغنم و الجمال وهو ما سينعكس إيجابا علي الحياة بها التي حباها الله تعالى بنعم لا تحصي لتبرز ثراء الجزائر في كل المجالات