مالية: الصكوك السيادية, أداة جديدة لتنويع مصادر تمويل البنية التحتية    المشاركة القوية للجزائر في ندوة "الاوكوكو" تعكس التزامها الثابت بالدفاع عن حق الشعوب في تقرير المصير    الغرفة الوطنية للفلاحة تثمن قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة لدعم الفلاحين    فيفا/جوائز: الدولي الجزائري ياسين بن زية مرشح لنيل جائزة الفيفا لأجمل هدف ل2024    الجزائر ضيف شرف بعنوان إفريقيا في الطبعة ال28 للصالون الدولي للصناعة التقليدية بإيطاليا    حشيشي يتباحث بأبيجان فرص الشراكة مع وزير المناجم والبترول والطاقة الإيفواري    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا لإطلاق المرحلة الثانية للإحصاء الاقتصادي الوطني    بلدية الجزائر الوسطى تنظم تظاهرة "يوم بدون سيارات" طيلة هذا الجمعة    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    متحف "أحمد زبانة" لوهران: معرض لتخليد روح الفنان التشكيلي الراحل مكي عبد الرحمان    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    المهرجان الدولي الثامن للفن المعاصر: تكريم الفنانين التشكيليين الفلسطينيين    قسنطينة.. دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    أدرار: توقيع إتفاقيتي تعاون لفتح مركزين لتطوير المقاولاتية بقطاع التكوين والتعليم المهنيين    انطلاق الطبعة ال48 لل"اوكوكو" الجمعة في ظل سياق يفرض تجنيدا أكثر للمتضامنين لتسليط الضوء على القضية الصحراوية    الندوة البرلمانية للتضامن مع الشعب الصحراوي تندد بتدهور حقوق الانسان في الأراضي الصحراوية المحتلة    سبعينية الثورة التحريرية: المسرح الجهوي لتيزي وزو يعرض "سفينة كاليدونيا    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    قسنطينة: دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    الوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية تطلق برنامجا وطنيا للنهوض بقطاع المؤسسات المصغرة    سهرة الفنون القتالية المختلطة: عشاق الاختصاص على موعد مع 10 منازلات احترافية الجمعة بقاعة حرشة حسان    رئيس الجمهورية يعين واليين جديدين لولايتي وهران وسيدي بلعباس    افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية    قوجيل: التضامن الثابت والفعلي مع الشعب الفلسطيني هو رهان العالم اليوم ومبدأ وطني للجزائر    المشروع سيكون جاهزا في 2025..خلية يقظة لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الافتراضي    حوادث الطرقات: وفاة 41 شخصا وإصابة 193 آخرين خلال أسبوع    أشغال عمومية: صيانة الطرقات ستحظى بأولوية الوزارة الوصية خلال المرحلة القادمة    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    الحكومة تدرس آليات تنفيذ توجيهات الرئيس    سوناطراك تشارك في صالون كوت ديفوار    جوع شديد في غزّة    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    الرئيس يُجدّد دعم الجزائر لشعب فلسطين    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    ميناءا عنابة وجيجل بمواصفات عالمية قريبا    الارتقاء بالتعاون العسكري بما يتوافق والتقارب السياسي المتميّز    طرح مبادرات جريئة لمساندة الهيئة الأممية    الإطار المعيشي اللائق للمواطن التزام يتجسّد    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقالة المتأخرة

تشبه الاستقالة التي تقدّم بها رئيس الجمهورية المنتهية عهدته بيوم عيد الفطر الذي يأتي بعد الثلاثين من شهر رمضان، إذ لا يحمل الخبر في طياته أدنى مفاجأة، الشيء الوحيد الذي يستنتج منه، أنّ الرئيس لم يستمع إلى صوت الشعب عندما طالبه بالرحيل، وإنما استمع إلى صوت الجيش الذي هدّده بالإقالة الدستورية.
كان من الممكن للرئيس أن يخرج من الباب الواسع لو قدّم استقالته مع بداية الحراك الشعبي، وكان بإمكان البابأن يكون أكثر اتساعالو تنازل عن الحكم قبل ذلك بسنوات، قبل أن يعدّل دستور زروال، ويؤسس لنفسه حكما مفتوحا لا يحدّه آنذاك إلا سلطان الموت، لكن أن تأتي استقالته الآن قبل انتهاء عهدته بستة وعشرين يوما، فهذا الأمر لا يحملّ في طياته شيئا، فهو تحصيل حاصل لا أكثر، يمكن أن ينظر من زاوية أخرى على أنها عملية قام بهالتحصين نفسه والمحيطين به من المتابعات القضائية، إذ سيتحدّث الجميع الآن بضرورة احترام الاجراءات الدستورية المتّبعة في مثل هذه الحالة، حتى يتمكّن مقرّبيه من الامساكمجدّدا بكراسي القرار.
الإشكال المطروح في هذه القضية أن الاستقالة قد جاءت من مؤسسة واحدة، ألا وهي الرئاسة، في حين أن الشعب قد طالب بتنحي جميع المسؤولين المشاركين في النظام السابق، والذي حاولوا بشتى الطرق تمديده، أي بمعنى آخر جميع الأشخاص الذين أظهروا علانية مساندتهم للنظام وللعهدة الخامسة، حيث يكفي مثلا العودة إلى الاجتماع الذي أقامه سلال بتاريخ 21 فيفري لمعرفة من كانوا في الصفوف الأولى للدفاع عن فخامته. هؤلاء الأشخاص غير مرغوب فيهم، وثار الشعب من أجل إبعادهم عن العمل السياسي لأنهم استخفوا به. لكن الملاحظ أن الرئيس المستقيل قد أحاط نفسه بجيش من المسؤولين الموالين له في مختلف المؤسسات الدستورية، إذ تمّ اختيارهم بنفسه وفي المناصب التي يرى أنهم أنفع له، محصّنا بذلك نفسه عن كل مسؤولية سياسية أو مسؤولية جنائية يمكن أن يرتكبها سواء أثناء حكمه أو بعده، ووفق هذا المنظور فإن تعدّيه الصارخ على الدستور بقيامه بإلغاء الانتخابات الرئاسية لخير دليل على ذلك، فالمجلس الدستوري لا يملك الصلاحيات لإبطال قراره، ومواد الدستور قد أبعدت دور المؤسستين التشريعية والقضائية في مثل هذه المسائل.
وإذا ما عدنا إلى المجلس الدستوري في حدّ ذاته نجده غير دستوري، فرئيسه المعيّن من قبل الرئيس المستقيل لا يسمح له القانون بتقلّد ذلك المنصب، لأنه قد شغلهمن قبل سنة 2012، ونص المادة 183 من الدستور واضح وجليّ، إذ لا يحق له شغل المنصب إلا مرّة واحدة. الأمر الذي يجعل الحديث الآن عن العودة إلى المسار الدستوري لا يحمل أيّ معنى، فالقطار قد انحرف منذ سنوات وازداد انحرافا مع إلغاء الانتخابات الرئاسية. كان الأمر ممكنا مع بداية الحراك، لو حلّت المؤسسات الدستورية الأخرى، ورسمت معالم الطريق بتأسيس هيأة نظيفة تشرف على تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي، لكن الآن، وبعد الاختراق المستمر للدستور من قبل السلطة، فقد أصبح الأمر شبه مستحيل، إذ كيف يعقل للبرلمان بغرفتيه أن يبتّ في قرار الاستقالة، وهو لا يتمتّع أصلا بالشرعية، وأفرادهلا يمثّلون سوى أنفسهم، وكيف يمكن لأحد رموز النظام القدامى أن يعتلي سدّة الحكم وفق نصوص الدستور، ويشرف على الانتخابات القادمة وهو المنتمي إلى حزب ظهر بالتزوير وساهم في التزوير.كيف يمكن له الآن أن يقف أمام الشعب ويخاطبهم وهو الذي قال عنهممنذ أيام خلت أنهم يزرعون اليأس في النفوس، وبأنّ الأرقام كفيلة لأن تجعل الجميع يختار الرجل الأنسب لمواصلة المسيرة. والأمرنفسه بالنسبة للوزير الأول، كيف يمكن له أنيستمر في منصبه وهو الذي ساهم في تزوير الانتخابات السابقة بشكل أو بآخر، ودافع عن برنامج الرئيس، وعن العهدة الخامسة وعن التمديد…أيعقل أن يتغيّر بين عشية وضحاها، ويصدّقه الشعب ويأتمنه مرة أخرى، واضعا مصيره من جديد بين يديه؟إذا سهُل على الحرباء تغيير لونها، فإن الشعب على العكس منها يظلّ على مواقفه ثابتا لا يتزعزع عنها.
إن الموقف المشرّف للجيش في مساندته لمطالب الشعب، ودفع الرئيس إلى الاستقالة لا يجب أن ينسى، لكن في الوقت نفسه يجب أن تستمرّ مساندته للشعبإلى غاية تحقيق جميع مطالبه، فالمؤسسات الدستورية المتواجدة حاليا لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تشرف على العملية الانتقالية القادمة، و لا على إحداث تغيير للنظام القائم، بل سيعمل أفرادها على نسخ نظام شبيه بالأول، وبأوجه مختلفة وتستمر الجزائر عندئذ بالدوران داخل حلقتها المفرغة. إنّ ما يريده الشعب هو تجسيد انتقال فعلي يمكنّه من إقامة جمهورية ثانية مدنية أسسها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مع إصراره على إبعاد جميع المشاركين في الفساد السياسي الذي نخر ثروات البلاد، ووضع حدّ نهائي لنشاط أفراد الدولة العميقة، فهل سيتحقّق حلمه؟
د.بوعلام بطاطاش أستاذ بجامعة بجاية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.