قال مؤلف كتاب (الحروب السرية للموساد) إيفونيك دونوال الذي صدر منذ شهور في باريس بأن إحدى جبهات الحرب السرية المفتوحة أمام الموساد وذات الأولوية هي “تحييد دول المغرب العربي وإقصائها من منظومة العداء لدولة إسرائيل حتى يتم مد خطوط الأنابيب من ميناء حيفا أومن المنصات البحرية مباشرة إلى أوروبا عبر المتوسط وهوما سيمنح الدولة العبرية امتدادا جغرافيا يحقق طموحاتها الاقتصادية والاستراتيجية في البحر الأبيض. ويعول المخطط الإسرائيلي على ليبيا حين تصبح تحت سيطرة المشير حفتر وحليفته مصر ولن يستعصي الأمر على تونس والمغرب رغم أن الجزائر لأسباب تاريخية أصعب وأعسر”. هل قرأ عملاء صفقة القرن هذا المشروع وهل اطلعوا على نص المشروع الإسرائيلي اليميني العنصري الذي قدمه ناتنياهو لعباس يوم 12 أكتوبر 2017 عن طريق (جاريد كوشنير) صهر ترامب ومستشاره وهو معروف بانتمائه وانحيازه لليمين الإسرائيلي المتطرف ورفضته حكومة أبومازن قطعيا على لسان صائب عريقات علنيا ثم اكتشف العالم أن ذلك المشروع نفسه هو الذي رجع به نفس (كوشنير) حرفيا بلا أي تعديل الى دول الشرق الأوسط لكن تحت مسمى جديد هو(صفقة القرن…!) فتم رفضه من فلسطين ودول عربية وإسلامية… بينما تحمس له حكام الامارات والسعودية وسيسي مصر وطبعا ناتنياهو الذي توعد الرافضين بفقدان دولهم للدعم الأمريكي! وبدأ حصار قطر من طرف جيرانها الداخلين بيت الطاعة حيث قال صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير في خطابه أمام مجلس الشورى إن قطر لا تقبل إلا ما يقبله الفلسطينيون. هل تعرفون أيها الأصدقاء أن خليفة حفتر أسرع الى الانخراط في صفقة العار كما طلبوا منه مقابل دعم عسكري وطيران ودبلوماسية وإعلام مأجور ومرتزقة جنجويد وروس وغيرهم من نفس المنخرطين (استجواب المشير حفتر للأم بي سي التي يديرها الإسرائيلي دوهالوين الى اليوم)…. يقول المشروع الإسرائيلي منذ 2017 أنه بدون دول المغرب العربي وفتح البحر الأبيض المتوسط للتجارة الحرة ومد أنابيب النفط والغاز نحوأوروبا لن تنجح الصفقة…هل فهمتم الان لماذا يحاول بعض المنخرطين التوانسة تعطيل أي تعاون بين تونس والدول ذات الكبرياء المتمسكة بالقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة في الملف الفلسطيني خاصة تركياوقطر وككل المعاهدات الثنائية تستحق مشاريع التعاون بين قطروتونس وبين تركياوتونس بعض التعديلات فهي معروضة على مجلس النواب لهذا الغرض وليست نصوصا منزلة . وهوأمر عادي وضروري إنما رفضها القطعي قبل المناقشة حتى دون الإطلاع عليها فهوإما لأسباب أيديولوجية رافضة للهوية للوبيات الحداثة المستوردة وإما لمصالح مالية معروفة وإما لجهل بالحقائق الجيوستراتيجية التي من المفترض أن يدركها أعضاء السلطة التشريعية نظرا لثقل الأمانة التي يحملها إياهم دستور البلاد؟ وهل تساءلوا لماذا تتواصل الحرب الليبية الأهلية المدمرة حسب مخطط غربي إسرائيلي محض لا دخل لمصالح العرب فيه فهومخطط تقدم به الى الرأي العام في حفل اعلامي مشهود الرئيس ترامب مصحوبا برئيس وزراء إسرائيل ناتنياهوصاحب “المبادرة” التي فسرها هونفسه بأنها مشروع يحقق الرخاء ب500 مليار دولار على مراحل وطي قضية فلسطين الى الأبد وعدم إثارة إلحاق القدس (بقرار أمريكي!) بإسرائيل نهائيا كعاصمتها الأبدية ومركز الثقل لدولة يهودية معلنة أحادية العرق والديانة مع اعتبار فلسطين القادمة جزءا من الأردن الكبرى بلا دولة وبلا دبلوماسية ولا حتى أمل عودة اللاجئين والمهجرين منذ 5 جوان حزيران 1967وهوما يترجم على الميدان بالموافقة على قيام إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات. وهوالحلم الأول لمؤتمر (بازل) بسويسرا عام 1897 برئاسة المفكر اليهودي (تيودور هرتزل) الأب الأول مع (بن غوريون) للصهيونية وهو صاحب كتاب (الدولة اليهودية) وتعلمون أن الخطين الأزرقين على علم الدولة العبرية هما النيل والفرات وما بينهما (كما ادعت أدبيات اليهود من أن الله وعد اليهود وحدهم بأرض ما بين هذين النهرين) أي تقريبا كامل الشرق الأوسط وطبعا لا مطالبة بالجولان ولا بالضفة ولا بغور الأردن ولا بأراضي شبعا جنوبلبنان وغدا بسيناء وربما باستعادة خيبر في قلب الجزيرة العربية. كما ينادي غلاة الصهيونية بأعلى أصواتهم بعد عمليات التمهيد للتطبيع في الاعلام السعودي والاماراتي (أم هارون مسلسل تلفزيوني هذا العام وتصريحات غير مسبوقة بأن قضية فلسطين لا تعنيهم وأن إيران هي العدو!!! وأن الواقعية تفرض عليهم الاعتراف بالواقع أي بوجود إسرائيل كما تريد هي لا كما يريد القانون الدولي)! نحن على أبواب تحولات جذرية وعميقة في العلاقات الدولية لأن منطق القوة القاهرة بدأ مع انتشار فيروس كورونا يتضاءل ويخبووها هوالغرب المنتصر يراجع كل مناهج المبادئ التي أسس عليها هيمنته حين أدرك أن الصين التي زحفت بصمت ودون ضجيج إلى الصف الأول كدولة عملاقة تعتبر مصنع العالم. وحين أدرك أن المظالم التي سلطها الغرب الأمبريالي على أمم العالم الثالث انقلبت عليه بعصيان النمط الاستعماري المقام على صندوق النقد الدولي ورفض الانجراف وراء أوهام التقدم المستورد وكانت ثورات الربيع العربي على سبيل المثال مقدمة منذرة بالمخاطر على النظام العالمي الجائر رغم تعثرها المؤقت. الشرق القطرية