_يجب إعادة النظر في كيفية تسيير المؤسسات المسرحية يرى المخرج المسرحي حيدر بن حسين أن الحركة المسرحية بالجزائر بحاجة إلى وضع ديناميكية جديدة من شأنها أن تؤسس لواجهة أكثر فاعلية، تعمل على تطوير المفاهيم الأساسية التي تساعد في فك عقدة قبول الاختلاف. اقترح المخرج المسرحي حيدر بن حسين مجموعة من الآليات من شأنها تفعيل الحركة المسرحية بالجزائر، وجاء ذلك في منشور مطول له نشره بالفضاء الازرق، تشمل جملة من المعطيات تتعلق بصنع شبكة تطوير الوسائل والأشخاص والخدمات، وفيما يتعلق بالوسائل قال أنها تشمل كل الإمكانيات التي تصنع المشروع الفني والتي يجب أن توضع في خدمة المشروع الفني الذي يأخذ عدة أشكال، كعرض مسرحي، لقاءات فكرية، أدبية، نقاشات، الاشتغال وسط قاعات مغلقة ثم وسط ساحات عامة أغلبها أمام المسارح في مرحلة أولى، أما عن الأشخاص القائمين يرى المخرج أنه أصبح من الضروري إنشاء قائمة أو بنك معلومات حول المسرحيين في محيط كل مسرح، ثم الجامعيين والنخبة بمختلف الاختصاصات ثم المتعاملين الاقتصاديين من وحدات وهياكل عمومية إلى الخواص. وفيما يتعلق بالخدمات فيرى أنه من الضروري تقديم عروض مسرحية من الريبرتوار الوطني والعالمي بكل أنواعه، تأسيس لقاءات مع المواطنين والمتابعين، كلقاءات فنية وأدبية وأبواب تحسيسية على المسارح وفتح تدريبات مفتوحة للمهتمين لأجل حضورها، مع وضع هياكل للتكوين وتحسين القدرات في جميع مستويات واختصاصات الخدمات العامة للمسرح، ثم وضع سقف مدروس لأجل التأسيس لشباك تذاكر يرقى إلى مستوى الاستثمار العمومي ة الخاص في قطاع المسرح دون إغفال المردودية المرجو الوصول إليها من تقنين سقف الاستثمار الخاص بالمؤسسات المسرحية مثل بيع منتجها، ولكن مع المحافظة عليه بحقوق المؤلف. كما دعا المخرج في ذات المنشور إلى ضرورة إنشاء ميكانيزمات تعيد الثقة بين قاعة العرض والمتابع وتتمثل بالأساس في الاستقرار في الإنتاج، الإشهار والإعلام ونشر المعلومة المسرحية وسط إقليم المدينة التي تتوفر خصوصا على مسرح بصفة مستقرة بالتأسيس لشراكة أساسا مع الجماعات المحلية ثم مختلف الجهات الفاعلة من مديرية التربية، بالإضافة إلى العمل على بث وتوزيع المنتج المسرحي بكل أنواعه على امتداد ستة أشهر ثابتة على الأقل على مستوى المدينة بالدرجة الأولى، وترسيخ الوجوه الفنية عبر أعمالهم، اعتمادا على اللقاءات مع الجمهور، اللقاءات الصحفية الإلزامية، الحوارات الترويجية، مع استغلال القوائم الاسمية المتوفرة لدى المجلس الوطني للفنون والآداب وكذا الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، مما يسمح بأخذ نظرة شاملة على عدد الممارسين المسرحيين الفعلين. وأما فيما يتعلق بالتكوين فدعا إلى ضرورة توسيع مجال عمل المعاهد التي يتم بها تدريس فنون المسرح، و كذا معهد برج الكيفان لفائدة الصحفيين المشتغلين بالصفحات والحصص الثقافية و ذلك من خلال اتفاقيات بين بعض أو كل المسارح. من جهة أخرى دعا المخرج حيدر حسين إلى إشراك الجماعات المحلية بمقدرات مالية ووسائل تسمح بالارتقاء الفعلي بالمحيط، و اقتناء العروض، والاتفاق على أن بعض المسارح تكون موجهة مرحليا لاستقبال العروض فقط و أخرى للإنتاج، كذلك بالنسبة للدور الثقافة التي هي مطالبة حسبه باستقبال عروض مسرحية وتدرجها ضمن نشاطاتها الدورية، وتنظيم ورش مسرحية لفائدة الهواة، حتى تكون حسبه شريكا مهما في عمليات التعريف والتحسيس بالحركة المسرحية الفنية الوطنية في جانبها الحالي و الفني و حتى التوعوي، والأمر نفسه بالنسبة لفضاءات المسارح البلدية، مشيرا إلى أنه يجب إنشاء شبكة ما بين البلديات لتوزيع العروض، مع التأكيد أن المطلب الأساسي ليس و لا يمكن أن يكون تبني أو امتلاك القاعات أو الفضاءات، بقدر ما هو الحصول على شراكة لتوزيع العروض و اقتراح برامج تنشيط مشترك ومنسق، بسقف خدماتي مالي معقول. تقريب البرنامج المسرحي من المجتمع المدني من جهة أخرى دعا المتحدث إلى ضرورة تقريب البرنامج المسرحي من المجتمع المدني وذلك من خلال منظومة الرقمنة، عبر الوسائط الاجتماعية مما يوسع قواعد الاستماع، ومنظومة السمعي البصري من خلال الإذاعة والتلفزيون حيث يتم إنجاز حصص مسرحية للتلفزة، ثم إعادة ولو من باب "نوستالجيا" كمرحلة أولى عديد المسرحيات التي تم تسجيلها سنوات السبعينات فما بعد، والتفكير في إنجاز قناة تلفزيونية موضوعاتية تعنى بكل الفنون وكذا بالحركة المسرحية، بالمنجز المسرحي الوطني و العالمي. القضاء على بيروقراطية اختيار الفنانين اقتراحات المخرج بن حسين شملت أيضا عملية اختيار الفنانين، وقال أنه حان الوقت لوضع حد للبيروقراطية التي يعيش في ظلها الفنان، مؤكدا أن تنقل الفنانين المسرحيين عموما بين المؤسسات هو أساسا مبني على علاقات شخصية ولا يمثل إرادة مؤسساتية وخصوصا فنية (رغبة المخرجين) التي من شأنها الارتقاء بالذوق العام عبر الارتقاء بحالة الممثلين والفنانين المسرحيين عموما، واقترح بهذا الخصوص إلى ضرورة بناء شبكة تواصل واستشارة بين اللجان الفنية الوطنية لكل المسارح، تسمح بالتعرف أكثر على التجارب لأن تعامل يكون مع التجارب وليس مع الأشخاص، بالإضافة إلى إنشاء لقاءات بين أعضاء اللجان الفنية ولهم اختيار من ينوب عنهم، إلى جانب تنظيم لقاءات دورية تكون كل مرة في مسرح من المسارح الجهوية مدافعين على برامجهم واختياراتهم الفنية مكتشفين للمواهب المحترفة الجديدة، مع وضع قاعدة رقمية تثمن الإنجازات الفنية لكل الفنانين ثم لكل المسارح العمومية والخاصة. كما تحدث في ذات السياق عن البحث في سبل خلق التواصل بين الفنانين للاستفادة من الخبرات الوطنية عبر تنقل الفنانين المسرحيين داخل وخارج الوطن، من خلال اقتراح برنامج موجه للجالية الجزائرية في الخارج ومن اجل أيضا البحث عن أسواق دولية من شأنها الترويج للمنتج الجزائري. عوامل النهوض بالمشروع المسرحي قال المخرج المسرحي حيدر بن حسين أن الجدوى من أي مشروع مسرحي لن يكون إلا إذا كان مشروعا خلاقا ومحفزا، يحترم الأشخاص والمؤسسات، ومرافق الإبداع، لأن من أسباب الديمومة أيضا يقول المتحدث هو فهم وإدراك خصوصية كل منطقة، فكريا، تاريخيا، فنيا…مما يعبد الطريق أمام الفنانين في تنويع اختياراتهم. بالإضافة إلى ضرورة دراسة خصوصيات كل منطقة، ولا بد لكل المؤسسات المسرحية قبول الأمر الواقع المتمثل في الارتقاء بالذوق العام وإدراك الضروريات الاقتصادية عبر مبادرات شجاعة مع الحفاظ على المكاسب الاجتماعية عبر تنويع المداخيل والتوزيع الراشد للأرباح وحسن الاستثمار مع ضرورة إشراك وتشجيع الفرق والفضاءات المسرحية الخاصة، مع إشراك الجماعات المحلية بمقدرات من الميزانية، ومشاركتها عبر هياكلها في جعل للمسرح مكان محترم وسط المجتمع يعمل تدريجيا على تحسين التعايش وفهم نسق المدينة العام بصفتها فضاء يحتمل كل الاختلافات يسوده التعايش السلمي، وإشراك المتعاملين الاقتصاديين أساسا عبر الترويج الواضح لفوائد "السبونسور" الجبائية والإشهارية، إلى جانب مراجعة السند الفني التأسيسي لكل مسرح بالرجوع إلى تأسيس المسارح التاريخية الأولى. المسرح والمدينة: يرى المخرج المسرحي حيدر بن حسين بضرورة إدماج الحركة المسرحية في ديناميكية المدينة، وتطويرها عبر طرح إشكالية البحث الدائم عن الجمال الذي من شأنه الارتقاء بالذوق العام عبر النقاش والحوار، وعبر مشاريع فنية صغيرة ومتوسطة التوزيع واقتصادية، عبر إعادة التفكير في ميكانيزمات الدعم المركزي لأجل الأهداف المرجو تحقيقها، وقال بهذا الصدد "لا بد أن نتكلم أيضا على المردود الاقتصادي، ولكن لا يمنعنا هذا من أن نرتقي بالخيال وأن نحرك المشاعر والأفكار، وإعادة رسكلة لفائدة مدراء المسارح.