مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة قال فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس في تصريحات صحفية ان الوقت قد حان للاستماع الى أنات ونداءات الاسرى والإحساس بمعاناتهم ومعاناة أبناء عائلاتهم وإبقاء هذا الملف مفتوحا امام كل المحافل الدولية وتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وأسراه . واطلق ابو الحاج نداء باسم المركز للوقوف الى جانب الاسرى بعد الهجمة الشرسة لإدارة السجون ضد الاسرى،يواصل مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس نشر تجارب الحركة الأسيرة الفلسطينية النضالية داخل وخارج المعتقلات الإسرائيلية وذلك لتوثيق هذه الملاحم البطولية للأجيال القادمة. الأسير المحرر محمد عمرو.. سيرة ومسيرة أنا محمد بدوي إسماعيل عمرو من بلدة دورا محافظة الخليل مواليد السابع من حزيران عام 1958 ، أكملت دراستي الثانوية العام عام 1978 حيث التحقت بجامعة اليرموك في الأردن وأثناء دراستي وكالعديد من الشباب في تلك المرحلة كنت احلم بالالتحاق بالثورة، وقررت الذهاب إلى لبنان مرورا بسوريا للالتحاق بالثورة الفلسطينية عام 1979 وأثناء مروري عبر الحدود الأردنية السورية تعرضت للاعتقال في سوريا . وضعوني في سجن المزة وهو مكون من إسطبلات تحت الأرض كانت تستخدم للخيول في العهد الأموي ، كانت فرصة البقاء على قيد الحياة ضئيلة جدا هناك, في تلك الفترة كانت العلاقات الفلسطينية السورية في أسوء حالاتها ، وهذا ما جعل الأمور أكثر تعقيدا ، من حسن حظي أنه قد شهدت العلاقات السورية الفلسطينية تحسنا طفيفا ، حيث جاء الشهيد أبو إياد للبحث عن السجناء الفلسطينيين في السجون السورية وقدكان معظمهم من مجموعات كانت تحاول الدخول إلى الأراضي المحتلة عبر الحدود السورية والتي كان يطلق عليهم اسم " الدوريات " كان صاحب الحظ السعيد من يعثر عليه أبو إياد ويتم الإفراج عنه, حيث لا يوجد توثيق في سجلات ولا زيارات للصليب ألأحمر،وقد حظيت بتلك الفرصة وتم الإفراج عني. عدت مرة أخرى مع جموع من الطلبة الفلسطينيين جاءت من كل أقطار العالم للدفاع الثورة الفلسطينية، وكانت تجربة قاسية وتجارب الاعتقال في الدول العربية قاسية ومؤلمة أكثر على المستوى النفسي , حيث أنت تحاول أن تجد تفسيرا منطقيا في تلك الفترة وفي تلك المرحلة العمرية لماذا يحاولون منع الفلسطيني من مقاتلة الاحتلال ، والذي أصبح جليا وواضحا في هذه الأيام . كما تعرضت للاعتقال في الأردن مرات عديدة بسبب النشاطات الطلابية أثناء دراستي في جامعه اليرموك. كنت أعود إلى الوطن في العطلة الصيفية وإثناء عودتي عبر جسر "المبي" بتاريخ 10/8/1980 تم اعتقالي من قبل المخابرات الإسرائيلية ونقلت مباشرة إلى زنازين سجن الخليل ومكثت فيه فترة تحقيق طويلة وقاسية مورست فيها العديد من أشكال الضغط الجسدي والنفسي ، وقد تزامن اعتقالي مع اعتقال مجموعة أبطال عمليه الدبويا في الخليل ، وقد كنا معا في معظم الجولات في مراكز التحقيق، وكانت تلك المرحلة عصيبة وقاسية، حيث مورست بحقنا صنوف من التعذيب منها الشبح على الحائط لعدة أيام ، إضافة إلى التعذيب الجسدي بالضرب على المناطق الحساسة من الجسد ، إضافة لاستخدام المياه الباردة والساخنة بالتناوب والتيارات الهوائية, ولا زالت بعض التشوهات ماثلة على جسدي حتى يومنا هذا . رغم قسوة التحقيق التي كنت أعد أيامها بالثواني , فقد كان قراري منذ البداية أن الاعتراف من المحرمات ، وهذا كان يقتضي موقف صلب وعنيد مع المحققين والسجانين وبفضل الله تمكنت خلال فترة التحقيق من المواجهة وكنت أشعر بالانتصار وانكسار المحققين أمامي . وقد ساعدني في ذلك إنني كنت على إطلاع دائم على تجارب المعتقلين من خلال الكراسات وتجارب المعتقلين في التحقيق, وقد خدمتني هذه المعلومات عندما تم إدخالي لأول مره غرف العصافير، وهو مصطلح أطلقه الأسرى على غرف في المعتقلات الإسرائيلية يتم تجميع العملاء فيها ويمارسون الخداع والعنف للحصول على اعتراف من الأسرى في فترة التحقيق ، وعندما أدخلت إلى تلك الغرف في سجن جنين حيث تم نقلي من سجن الخليل إلى هناك في فترة اعتقالي الثانية عام 1985 والتي سآتي على ذكرها، كنت مدركا أنني ذاهب لغرف العصافير، وبالتالي كنت حذراً وواعٍ لكل حركة ، ومن البداية اكتشفت أساليبهم وطرق خداعهم ونجوت منها . انتهت فترة التحقيق ولم أدل بأية اعترافات، بقيت موقوفا في السجن ما يقرب من سنة ، متنقلا بين سجني رام الله والخليل إلى أن اكتفت المحكمة العسكرية أخيرا بمدة توقيفي بعد إدانتي بتهمة عدم الإخبار عن معلومات أمنية وتم الإفراج عني بتاريخ 8/8/1981. أعيد اعتقالي للمرة الثانية كما أسلفت بتاريخ 28/9/1985 حيث قامت قوة من الجنود يرافقها ضابط مخابرات المنطقة باعتقالي ليلا من البيت، حيث كنت قبل ذلك مطلوبا لمقابلة المخابرات الإسرائيلية للتحقيق، رفضت الذهاب للمقابلة وبعد عدة أيام فوجئت بمحاصرة منزلي وإعادة اعتقالي ، وتم نقلي مباشرة إلى التحقيق في زنازين سجن الخليل ، كانت هذه من أصعب مراحل التحقيق حيث مورست علي معظم أساليب التحقيق من شبح وحرمان من النوم واستخدام الماء البارد، إلا أن ما ميّز هذه التجربة استخدام وسائل الخداع ، فقد كانت لدي معلومات حول هذه الأساليب من خلال قراءة بعض الكراسات التي كان كتبها الأسرى في المعتقل ومنها كراسة بعنوان " فن المواجه من وراء القضبان " إضافة إلى التناقل الشفوي لتلك الأساليب . فقد استحدثت المخابرات الإسرائيلية غرف العار في سجن الخليل في بداية عام 1985, حيث تم إدخالي فيها, واكتشفت أنني في غرفة العصافير، كان ذلك مع أذان المغرب، توضأت ووقفت للصلاة ، وإذا بهم جميعاً يصطفون خلفي للصلاة دون أن يقوم أي منهم بتجهيز نفسه وتجديد وضوءه ، وكان عددهم ثلاثة عشر شخصاً, أيقنت حينها إنني في غرفة العصافير,لأنه من غير الممكن إن يجتمع كل القاطنين في الغرفة على للصلاة جماعةً وبدون تحضير. بعدها تم نقلي إلى سجن جنين وتم إيهامي بأني منقول إلى السجن الحقيقي، إلا أنه تم نقلي إلى قسم العملاء في سجن جنين ، بعد الصلاة طلبوا الجلوس جلسة أمنية، وحينها اخبرتهم بحقيقتهم وانه لا داعي للحوار معي, حينها انقضوا علي وبدءوا بضربي والتحقيق معي عاكسين الآية على أنني أنا العميل وهم شرفاء، كان يجري ذلك والسجان يراقب المشهد، مؤكدا لي صدق اعتقادي ، وبفضل الله وقوة الإرادة واجهت العنف بالعنف وسيطرت عليهم ،وأوصلتهم إلى قناعة بأنني أعرفهم وأعرف أساليبهم ولا داعي للعبث معي ، ومع أذان الفجر أقر بعضهم لي بالحقيقة وعن كيفية سقوطهم والأدوار التي يقومون بها. وهذا الأمر خلق أزمة مع المخابرات الإسرائيلية في حينه, وشكل حالة فشل ذريعة لغرف العصافير التي تم إلغاءها في سجن الخليل لفترة طويلة.. لقد كان لانتصاري واختراقي لأساليب المخابرات ثمنا غاليا فقد مكثت فترة ستة أشهر دون محاكمة, إلى أن قررت المحكمة الإفراج عني والاكتفاء بمدة التوقيف لعدم ثبوت أي من التهم الموجهة ،وتم الإفراج عني في جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ 26 /3/1986. أعيد اعتقالي بتاريخ 1/1/1988 إداريا للمرة الثالثة أثناء ألانتفاضة الأولى حيث تم نقلي إلى معتقل النقب الصحراوي الذي كان يتشكل من مجموعة من الخيام محاطة بالأسلاك الشائكة يحيطها جدار من الرمال العالية ، كان الجيش يشرف مباشرة على حراسته ، يتولى ذلك جنود من الاحتياط الذين يتغيرون باستمرار ، وهذا الوضع حال دون إمكانية التفاهم مع السجانين ، في ظروف اعتقال غير إنسانية وقاسية، حيث لا توجد زيارات للأهل ولا أي نوع من الاتصال بالخارج إلا من خلال بعض المحامين الذين نادرا ما كان يسمح لهم بزيارة المعتقلين. كانت أرضية المعتقل رملية تعيش فيها العقارب والحشرات ، كانت الحمامات صعبة التنظيف وسيئة الاستخدام ، وغير كافية للكم الهائل من المعتقلين ، أما الطعام فكان قليلا وسيئا في ظل معاملة في غاية القسوة ،وكان الشعور السائد لدى المعتقلين بأنهم لن يخرجوا أحياء من المعتقل ، وكنا بحاجة ماسة لسماع أخبار الانتفاضة التي عمت كافة الأراضي الفلسطينية والتي كانت تصلنا بعض أخبارها فقط من بعض المعتقلين الجدد وأحيانا من بعض المحامين ، وبرغم ذلك إلا أن المعتقلين استطاعوا أن يوجدوا حياة تنظيمية في المعتقل وكانوا قادرين على الوقوف وحدة واحدة أمام إدارة المعتقل، ورغم قسوة الظروف إلا أن المعتقل كان يعتبر رافدا مهما من روافد الانتفاضة بالنشطاء والقيادات التي أعيد اعتقالها أكثر من مرة على مدى سنوات الانتفاضة المجيدة ، أمضيت في المعتقل فترة اعتقالي كاملة أن أفرج عني بتاريخ 1/6/1988. بعد توقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية التحقت بقوى الأمن الفلسطينية على ملاك التوجيه السياسي إلى أن تقاعدت عام 2008.