قرار محكمة العدل الأوروبية، إقرار دولي جديد بعدالة القضية الصحراوية واعتراف صريح بأن الوجود المغربي في الإقليم استعمار    الدورة ال40 لمجلس وزراء العدل العرب: بوجمعة يبرز جهود الجزائر في المرافعة لصالح القضية الفلسطينية    قوات الاحتلال الصهيوني ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في غزة خلال عام من الإبادة    عنابة: افتتاح الملتقى الدولي حول أمراض القلب والأوعية الدموية بمشاركة 300 أخصائي    رياضة/ الألعاب الإفريقية العسكرية-2024: المنتخب الوطني العسكري للرمي يحصد 32 ميدالية منها 11 ذهبية    التأكيد على اهمية النقابات كقوة فاعلة لتمكين الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة    مالية: الصكوك السيادية, أداة جديدة لتنويع مصادر تمويل البنية التحتية    فيفا/جوائز: الدولي الجزائري ياسين بن زية مرشح لنيل جائزة الفيفا لأجمل هدف ل2024    الغرفة الوطنية للفلاحة تثمن قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة لدعم الفلاحين    الجزائر ضيف شرف بعنوان إفريقيا في الطبعة ال28 للصالون الدولي للصناعة التقليدية بإيطاليا    حشيشي يتباحث بأبيجان فرص الشراكة مع وزير المناجم والبترول والطاقة الإيفواري    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا لإطلاق المرحلة الثانية للإحصاء الاقتصادي الوطني    بلدية الجزائر الوسطى تنظم تظاهرة "يوم بدون سيارات" طيلة هذا الجمعة    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    متحف "أحمد زبانة" لوهران: معرض لتخليد روح الفنان التشكيلي الراحل مكي عبد الرحمان    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    المهرجان الدولي الثامن للفن المعاصر: تكريم الفنانين التشكيليين الفلسطينيين    قسنطينة.. دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    أدرار: توقيع إتفاقيتي تعاون لفتح مركزين لتطوير المقاولاتية بقطاع التكوين والتعليم المهنيين    سبعينية الثورة التحريرية: المسرح الجهوي لتيزي وزو يعرض "سفينة كاليدونيا    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    قسنطينة: دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    الوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية تطلق برنامجا وطنيا للنهوض بقطاع المؤسسات المصغرة    قوجيل: التضامن الثابت والفعلي مع الشعب الفلسطيني هو رهان العالم اليوم ومبدأ وطني للجزائر    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية    المشروع سيكون جاهزا في 2025..خلية يقظة لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الافتراضي    حوادث الطرقات: وفاة 41 شخصا وإصابة 193 آخرين خلال أسبوع    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    الحكومة تدرس آليات تنفيذ توجيهات الرئيس    سوناطراك تشارك في صالون كوت ديفوار    جوع شديد في غزّة    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    الرئيس يُجدّد دعم الجزائر لشعب فلسطين    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    ميناءا عنابة وجيجل بمواصفات عالمية قريبا    الارتقاء بالتعاون العسكري بما يتوافق والتقارب السياسي المتميّز    طرح مبادرات جريئة لمساندة الهيئة الأممية    الإطار المعيشي اللائق للمواطن التزام يتجسّد    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ما خص الغرب والاستعمار والحروب الأهلية
نشر في الحياة العربية يوم 22 - 11 - 2020

ما كادت المدافع تسكت بين الأرمن والأذريين، حتى اندلعت حرب جديدة في إثيوبيا بين السلطة المركزية و«جبهة التحرير الشعبي في تيغراي»، وبدا أن مسألة الصحراء الغربية مهددة بالاشتعال مجدداً، انطلاقاً من معبر الكركرات، فيما كان العالم يواجه، مرة أخرى، مصاعب التغلب على النزاع الليبي. في هذه الغضون، زار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، شمال قبرص، فتوسعت رقعة المخاوف: فحلول إردوغان في مكان ما إنذار بالأسوأ، تبعاً لنزوعه الإمبراطوري المتضخم، وبدورها فتلك الجزيرة المتوسطية الصغرى أعطت العالم، منذ حربها عام 1974، اسم «القبرصة».
هذه الحالات وغيرها كثيرة اليوم، يجمع بينها، على اختلاف في التفاصيل، عدد من المواصفات:
أولاً، حدة مسألة الهوية، دينية كانت أم طائفية أم إثنية، وتَغذّى أكثرها على تفاوت في توزيع الثروة مصحوب غالباً بالفساد.
ثانياً، المداخلات الدولية، إنْ مباشرة أو مداورة، إما دفاعاً عن مصالح قائمة أو سعياً وراء مصالح ممكنة.
ثالثاً، الصدام بين نزعة مركزية دمجية ونزعة انفصالية محتقنة. النزعتان تنهلان من تاريخ عريق تشوبه المشاعر والتنميطات العدائية المتراكمة.
رابعاً، أن العالم، بعد الحرب الباردة، أقل حرصاً على صون الخرائط والحدود المرسومة. حروبه الأهلية لم يزد عددها فحسب، بل صارت أيضاً أقل انضباطاً بأهداف سياسية واعتبارات جيو سياسية مُلزمة، وبالتالي أصعب على الحل وأكثر قتلاً للمدنيين.
الأسباب أعلاه قابلة لأن تُجمع تحت عنوان أكبر: ضعف مسألة الدولة والتشكل الوطني في هذه البلدان.
والحال أن نوازع الانقسام والاحتراب ليست حكراً على تلك البلدان ومثيلاتها. إننا نراها، مثلاً لا حصراً، في بلدان كثيرة، بعضها أوروبي كإيطاليا وإسبانيا وآيرلندا. الفارق أن البلدان التي حصلت على درجة بعيدة نسبياً من الاستقرار تعرضت لعوامل أخرى وازنت بها عوامل التفتيت. فلنسترجع بعض التجارب «الكلاسيكية» المعروفة:
إيطاليا مثلاً عرف نصفها الشمالي ثورة صناعية جبارة بعد الوحدة، خصوصاً بين 1897 و1913: سيارات في تورينو، معامل صلب في إلبا وجنوا… ثم بعد الحرب العالمية الثانية انطلقت الهجرة الداخلية الضخمة من الجنوب شمالاً: أكثر من مليونين استقر معظمهم في المناطق الصناعية. كذلك، نشط على صعيد وطني حزبان عابران للمناطق، هما المسيحي الديمقراطي والشيوعي، وإن تركزت قوة الأول في الجنوب، والثاني في الشمال. اختيار الديمقراطية البرلمانية منذ 1945 امتص بعض النزاعات ونقلها إلى المؤسسات. دور النخبة الثقافية والفكرية كان حاسماً في توكيده على الوحدة الإيطالية.
الهند تنطق بعشرين لساناً، فضلاً عن مئات اللغات الصغرى، وهي تنقسم إلى ألفي جماعة إثنية غالباً ما تتقاطع واحدتها مع موقع طبقي ما، فضلاً عن أن سكانها يدينون بسائر الأديان، وإن كان التنازع الهندوسي – الإسلامي عنوانها الديني الأبرز. لكن الهند هي أيضاً البيروقراطية الكفوءة التي أسسها الحكم البريطاني، والمعروفة ب«الخدمة الإدارية الهندية»، ومعها شبكة سكك الحديد التي تُعد اليوم الرابعة حجماً في العالم. الهند أيضاً هي النظام الديمقراطي البرلماني والعمل الحزبي على نطاق وطني. «حزب المؤتمر»،ش على رغم تراجعه الهائل في السنوات الأخيرة، أسس، منذ نشأته في 1885، وطنية صلبة.
اليابان ليست بلداً مرشحاً للانقسام، لكنها معروفة برابطتها القرابية، وبالآثار السلبية التي تتركها على الحياة السياسية، وعلى الحياة الاقتصادية من خلال الشركات الضخمة المملوكة عائلياً (زايباتسو). في المقابل: اليابان هي حيث بلغ الاحتلال الأميركي أبعد درجاته التدخلية في حياة السكان، ومن ضمن ذلك وضع دستور ماك أرثر. اليابان أيضاً ديمقراطية برلمانية وحزب عمل على مدى وطني، هو «الليبرالي الديمقراطي». وهي أيضاً، مثلها مثل الهند، انفتاح بلا تحفظ على التقنية ونمو لجماعات «بيزنس» ناشطة وكبيرة.
الأمر ليس سحراً بالتأكيد، وبعض هذه البلدان قد تجرفها النزاعات أيضاً. لكنْ يبقى أن التجارب المذكورة وسواها تمنح مناعات مضادة لنزعات التفكك واحتمالات لتصويب الخلل. هذه المناعات هي بالضبط نتاج التأثر بالثمار التي طرحتها واحدة أو أخرى من الثورات التي عاشها الغرب ولم نعشها (الثورة الصناعية، الثورة السياسية، التنوير، الإصلاح الديني إلخ…). تلك الثورات سمّاها المؤرخ المغربي عبد الله العروي «ثورات مُفوتَة» لدينا. ما زاد في تفويتها أن النزاع السياسي مع الغرب فاض وأصبح نزاعاً ثقافياً أيضاً. هذا كله قبل الانتكاسة الشعبوية في الغرب نفسه، المرفقة بالانكفاء على الذات وبالارتداد على التنوير وعلى وحدة الدولة والمجتمع.
هكذا بات مطلوباً تقليل الحضور الغربي في حياة هذه المجتمعات، لأن الغرب لم يعد يعني إلا الاستعمار (الذي رحل قبل عقود). في حالة بلد كإثيوبيا قد يغدو المسرح الدموي المقبل، لم يعرف ذاك البلد الاستعمار أصلاً.
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.