سيصدر مجلس قضاء تيبازة الأحكام في حق والي العاصمة الأسبق، عبد القادر زوخ، المدان إبتدائيا في ثلاثة قضايا فساد مرتبطة برجلي الأعمال علي حداد ومحي الدين طحكوت والمدير العام الأسبق للامن الوطني عبد الغاني هامل، يوم 15 فبراير الجاري. وأيدت نيابة غرفة الجنح بمجلس قضاء تيبازة ختاما لأطوار المحاكمة التي تواصلت إلى ساعة متأخرة من ليلة السبت إلى الأحد، نفس التماسات نيابة المحكمة الابتدائية، أي أحكام تتراوح ما بين 10 و15 سنة سجنا نافذا وغرامة مليون دينار عن كل قضية مع مصادرة جميع أملاكه وإقصائه من تولي منصب مسؤولية سامية أو الترشح لمنصب سياسي خلال خمس سنوات بعد نفاذ العقوبة. ولم تختلف أطوار محاكمة الاستئناف، عن المحاكمة الإبتدائية، حيث أنكر عبد القادر زوخ جميع التهم المنسوبة إليه خلال استجوابه من قبل هيئة المحكمة، موجها المسؤولية لأعضاء اللجنة الولائية للإستثمار المتكونة من تسعة مديريات قطاعية، مبرزا أن جميع القرارات كانت تتخذ بالإجماع بعد التداول عليها. من جهتهم، أكد اغلب الشهود منهم، المديرين العامين الأسبقين لديوان الترقية والتسيير العقاري وكذا الوكالة الولائية التسيير والتنظيم العقاري الحضري، أنهم كانوا يتلقون الأوامر والتعليمات شفويا من قبل مسؤول الهيئة التنفيذية (الوالي) من أجل تقديم إمتيازات سوء لصالح أفراد من عائلة عبد الغاني هامل أو علي حداد أو محي الدين طحكوت. ويقبع عبد القادر زوخ، حاليا في السجن بعد إدانته شهر ديسمبر الماضي في قضايا الفساد الثلاث من قبل المحكمة الإبتدائية بتيبازة بعقوبات 4 و 5 و 5 سنوات سجنا نافذا مع مصادرة جميع ممتلكاته وغرامة بواحد مليون دينار في كل قضية مع فرض عليه، كذلك في كل قضية، تعويض يقدر ب10 مليون دينار كتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها للخزينة العمومية فضلا عن مصادرة جميع ممتلكاته وإقصائه من تقلد منصب سامي أو الترشح لمنصب سياسي خلال خمس سنوات بعد نفاذ عقوبته. وتمت متابعة عبد القادر زوخ بصفته متهما رئيسيا في القضية المتعلقة بعائلة عبد الغاني هامل (زوجته وإبنه شفيق وإبنته شاهيناز) بصفتهم شهود، بتهم "التبديد العمدي لأموال عمومية من طرف موظف عمومي دون وجه حق" و"الإستعمال غير الشرعي لممتلكات وأموال عمومية عهد إليها بحكم وظيفته" و"إساءة استغلال الوظيفة أو منصب عمدا في إطار ممارسة وظيفته على نحو خرق القوانين والتنظيمات بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لشخص أو كيان آخر". وبخصوص التهم الموجهة لوالي العاصمة الاسبق المرتبطة بعلي حداد، الرئيس الأسبق لمنتدى رؤساء المؤسسات، بصفته شاهد في القضية، فتتعلق ب "منح إمتيازات غير مبررة للغير" و"إساءة إستغلال الوظيفة". وأما التهم الموجهة له في قضية طحكوت الذي مثل رفقة عدد من أفراد عائلته، بصفتهم شهود أيضا، فتخص جنح "منح عمدا للغير إمتيازات غير مبررة عند إبرام صفقة وعقود مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمات، الرشوة في مجال إبرام الصفقات العمومية والعقود، تبديد أموال عمومية وإساءة إستغلال الوظيفة من طرف موظف عمومي على نحو يخرق القانون، تعارض المصالح، منح إعفاءات ضريبية وتخفيضات دون مبرر قانوني في الرسم". وعن حيثيات القضية الخاصة بأفراد من عائلة عبد الغاني هامل فتعود وقائعها لمطلع سنة 2014، حيث تم منح إمتيازات لعائلة المدير الأسبق للأمن الوطني عبد الغاني هامل، حيث إستفادت إبنته شاهيناز من عقار يتربع على مساحة 7128 متر مربع بمنطقة باب الزوار لإنجاز مركز تجاري وفندق، دون تجسيد المشروع ودون دفع مستحقات الإتاوات لفائدة إدارة أملاك الدولة وكذا دون دفع مستحقات الوكالة العقارية في أشغال تهيئة المنطقة. كما إقتنت زوجة عبد الغاني هامل بفضل تلك الإمتيازات وتدخلات والي العاصمة، تسعة محلات تجارية بمساحة 824 متر مربع بأولاد فايت (الجزائر العاصمة) بسعر زهيد يقدر ب22 ألف دينار للمتر الواحد في حين تم بيع محلات في نفس الحي ب120 ألف دينار وهو حي تابع لديوان الترقية والتسيير العقاري. وإستفاد من جهته، إبنه هامل شفيق من سكن عمومي إيجاري من فئة أربعة غرف بحي مختار زرهوني (المحمدية) بالجزائر العاصمة دون ملف قاعدي ودون وجه حق في الاستفادة فيما إستفادت أخته شاهيناز من سكن إجتماعي تساهمي بأولاد فايت، دون وجه حق أيضا. وأما تورطه في قضية علي حداد فخلص تحقيق المفتشية العامة للمالية إلى نتيجة مفادها تسبب فساد المتهم في "خسارة كبيرة للعقار الفلاحي والصناعي والسياحي وكذا خسائر مالية معتبرة للخزينة العمومية" مع ثبوت وجود خروقات ومخالفات صريحة لقوانين تسيير أملاك الدولة والاستثمار في تسعة ملفات "استثمارية" ظهرت فيما بعد أنها مشاريع "وهمية" لم بجسدها علي حداد على أرض الواقع. ومنحت له مساحات "خيالية" أبرزها قطعة أرضية بمساحة أزيد من 39.300 متر مربع أي ما يعادل 174هكتارا بمنطقة واد السمار لإنشاء مركب صناعي بمنطقة هي في الأصل مخصصة لاحتضان حديقة وهو ما يتنافى مع قانون تخصيص الأوعية العقارية فيما لم يتم تجسيد المشروع وتحول المركب لإنتاج الزفت وركن الآليات وتسبب في خسارة تقدر ب133 مليار للخزينة العمومية لبلدية الحراش. كما استفاد علي حداد بدون وجه حق من عديد القطع الأرضية بإقليم بلدية حسين داي وعين البنيان والدار البيضاء، إلى غيرها من المناطق الأخرى، منها مساحة بأزيد من 16 ألف متر مربع لحسين داي فضلا عن اعتدائه عن عديد القطع الأرضية الفلاحية منها 30 ألف متر مربع لانجاز مركب رياضي لفائدة فريق اتحاد العاصمة. وأما بخصوص منحه الامتيازات لفائدة محي الدين طحكوت وعدد من أفراد عائلته، فيتعلق الأمر بإصدار 15 قرار حق امتياز للاستثمار في عقارات واقعة بالجزائر العاصمة تتراوح مساحتها ما بين 2025 و93 الف متر مربع، تشوبها خروقات قانونية ودون وجه حق ودون تجسيد تلك المشاريع ورغم تسجيل اعتراضات تقنية إلى جانب عدم تسديد مستحقات الإتاوات لإدارة أملاك الدولة وعدم تسديد مستحقات الوكالة العقارية الخاصة بأشغال تهيئة المنطقة.