ورغم أهمية المبادرة، إلا أننا نعتقد أنها ناقصة، ولم تغص في جوهر مشكلة الفساد، الذي يهدد مؤسسات الدولة بالاندثار، فالملتقى المذكور لم يجبنا عن الأسئلة الأبدية التي تلازمنا كمواطنين، إلى درجة أن نغصت عنا حياتنا: لماذا لا أحد يتحدث عن المحاسبة، في الوقت الذي يغرق الجميع في تشخيص ظاهرة الفساد؟ ولماذا تحاشى الملتقى الحديث عن قضايا الفساد المطروحة في الساحة، ومنها قضايا في قطاعات وزارية يشرف عليها وزراء الحركة؟ وهل يمكن لنواب الحركة وإطاراتها التوضيح للرأي العام الوطني أسباب تراجع زعيم الحركة أبوجرة سلطاني عن مبادرته "فساد قف"، وحديثه عن ملفات ثقيلة بحوزته؟ ألا يعدو التستر عن ملفات الفساد التي يحوزها أبوجرة -مثلما صرح حينها- سلوكا يتنافى مع الأخلاق ومع القانون؟ الحمسيون يعلمون قبل غيرهم أن الفساد في الجزائر جزء لا يتجزأ من سياسة الريع، أو بالأحرى شكل من أشكال تقسيم الريع المنافي للقواعد التي يفرضها الحكم الراشد. ومعنى هذا أن الحديث عن محاربة الفساد يقتضي الحديث بجدية عن طبيعة الحكم وآليات تسييره، وما دون ذلك فهو نفخ في الرماد.